رواية حكاية سمر الفصل السادس 6 بقلم زارا

 

رواية حكاية سمر الفصل السادس 6 بقلم زارا

قلت ليه عمر إنت عارف يعني شنو عريس يجي براه؟ يعني أول سؤل من أبوي حيكون (الولد دا منو؟ و أهله وين؟ ح أقول ليهم شنو؟ 
​قال لي  "قولي ليهم راجل وبس. الما برضى بي كدة، بكون داير يناسب أهلي ما داير يناسبني أنا."

​قلت ليه "كلامك دا عاطفي وما منطقي. العرس عندنا نسابة قبل ما يكون عرسان. 
قال لي بحدة "يا سمر، أنا ما داير وجع راس من هسي أنا زول عصامي ، بنيت نفسي بنفسي ، وما داير زول يتدخل في حياتي، لا من أهلي ولا من غيرهم. الجاي يعرس أنا ، اقفلي الموضوع دا وخلي على لما اجي، قفلت منو وتاني ما ناقشتو. 

سارة لما عرفت إنو جاي براه ، ضحكت وقالت لي
"سمر، أنتِ ملاحظة إنكِ ماشة لزول عبارة عن 'صندوق أسود؟! لا بتعرفي أهلو لا بتعرفي سر غموضو ، وحتى هو ما عارف إنكِ كنتِ مخطوبة لغيره قبل شهور! ، قلت ليها سارة انا ما ناقصاك والله ، راسي بقى يودي ويجيب من التفكير وانو لو عرف إني كنت مخطوبة ، بس تاني طمنت نفسي انو ح يعرف من وين؟!. 

يوم الخميس عمر اوفى بوعدو ، جاء هو و معاه اتنين من أصحابو كانوا متأنقين لدرجة تخطف العين، ريحة عطورهم كانت سابقة خطواتهم ومالية الشارع كلو قبل ما يدخلوا الصالون. 

​عمر ما خلى حاجة ما جابها هدايا وفواكه وكراتين ما ليها أول من آخر، كأنه جاي يثبت لأبوي وعمي إنه "العوض" الجد جد، وإنه مقتدر لدرجة ما بتتوصف.
​أبوي وعمي استقبلوهم في الصالون، وأنا كنت واقفة ورا الستارة، قلبي بضرب زي الطبل. كنت بعاين لعمر وهو بيتكلم بكل ثقة وهدوء وسط أصحابو ، كان باين إنه هو "القائد" فيهم، كلمته هي المسموعة ونظراتو هي البتوجه القعدة.
​أبوي رغم انبهارو بشخصية عمر في البداية ، بس سألو بشك واضح "يا عمر يا ابني نورتنا ، بس كيف تجي تخطب بتنا وما تجيب معاك زول من أهلك؟ وين أبوك ، أو خالك؟. نحن يا ابني بنعرف الرجال بأهلهم."

​في اللحظة دي أنا قلبي وقف ، مسكت في الستارة بقوة لدرجة إنها قربت تتقلع في يدي. كنت خايفة عمر يغضب أو ينسحب، بس خيّب ظنوني كلها.
​عدّل نظارتو الطبية بكل هدوء، وارتخت ملامحو لابتسامة واثقة ومريحة، وبكل ثبات قال لأبوي:
"كلامك في محلو يا عمي، ودا حقك الطبيعي. بس صدقني أنا ما جيتك براي قلة احترام، أنا جيتك لاني راجل بعرف قدر نفسي ، أبوي و أمي ناس كبار في السن، وظروفهم الصحية في الولاية ما بتسمح ليهم بالسفر والجرجرة دي، وأنا ما حبيت أتأخر في طلب يد سمر لغاية ما ظروفهم تتحسن."
​سكت مسافة قصيرة، وعاين لأصحابو الجنوب ، وكمل كلامو" أنا يا عمي جيتك بأخواني وسندي ديل، وهم بيعرفوا عني كل شيء. وأنا قدامك هسي، أنا الوالد وأنا الولد.. جيتك بشخصي وبمكاني، وبوعدي ليك إنو سمر حتكون في عيوني. وأهلي بمجرد ما العقد يتحدد، حيكونوا أول الحاضرين.. بس هسي، أنا عايز أسمع موافقتك أنت كـ 'أب' براهن على رجالة الزول القدامو."

​أصحابو طوالي أمنوا على كلامو ، وبدوا يحكوا لأبوي عن مكانة عمر وأخلاقه، بأسلوب مرتب ومقنع جداً. أبوي وعمي بقوا يتبادلوا النظرات. 

بس أبوي ما هزّ راسو بالموافقة زي ما عمر كان متوقع، بالعكس ، ​أبوي قال ليه بصوت فيهو نبرة شك واضحة "والله يا ابني ، كلامك سمح ومرتب ، بس نحن ناس بنعرف الأصول. المرض والبعد ما بمنعوا 'اتصال' واحد، ولا بمنعوا كبير من أهلك يجي يخطب ليك. البت دي وراها رجال ، وما بنسلمها لزول م معاه أهل ، مهما كان مقتدر."
​عمي قال ليه  بحدة أكتر"يا عمر يا ابني، أنت جيتنا بهداياك وأصحابك، وده كرم منك.. بس الهدايا ما بتورينا أنت ود منو؟ ونسايبنا منو؟، كيف دايرنا نثق في زول، أهله غايبين تماماً عن أهم خطوة في حياته؟ ده كلام ما بيدخل العقل، وما بشبه أصولنا."

​عمر ملامحو اتصلبت، وشفت عروق رقبتو بدت تظهر، بس لسه محافظ على برود أعصابو . أصحابو  الاتنين بقوا يتبادلوا نظرات مرتبكة، وكأنهم ما كانوا متوقعين "المحاصرة" دي من أبوي وعمي.
​أبوي واصل ضغطو وهو بيعاين لعمر في عيونه مباشرة:"أنا سألت سمر عنك، وقالت لي إنك زول كويس ومحترم ، بس سؤالي ليك هسي ، ليه مصر تجي براك؟ هل أهلك ما راضيين عن الخطوة دي؟ ولا أنت داسي حاجة تانية؟ 

الجو في الصالون بقى متوتر ومكهرب ، وانا كنت ورا الستارة برجف من الخوف انو أحلامي مع عمر بدت تنهار مع تحقيق ابوي. 

سارة كانت واقفة جنبي، وهمست لي بصوت مليان شماتة وخوف في نفس الوقت: "شفتِ؟ الرجال الكبار ما بتمشي عليهم الحركات دي.. عمر هسي في فتيل!" 

عمر لما حس إنو حبال الشك بدت تضيق حول رقبتو وإنو "برستيج" القوة والهدايا ما نفع مع دهاء الرجال الكبار. 

ملامحو اتغيرت من الهدوء للجمود التام ، عيونو ورا النظارة الطبية بقت حادة وزي الجمر ، قال لأبوي ​"يا عمي، أنا جيتكم من الباب، ووضحت ليكم إني شاري بتكم.. والظاهر إنكم نسيتوا تسألوها هي رأيها شنو؟ أنا ما جيت أفرض نفسي، أنا جيت لزولة اختارتني و وافقت علي ."

أبوي أول سمع كلمتو ، قال ليه "رأي سمر؟! سمر بتنا، والراي في البيوت دي ما للبت، الراي لرجالها! سمر ما بتعرف مصلحتها وين، ونحن الما بنسلمها لزول ما بنعرف أصله من فصله. كلمة 'اختارتني' دي ما بتقولها في مجلس رجال يا ابني، نحن هنا بنسأل عن السند والأهل، ما بنسأل عن أحلام البنات!"

​عمي رغم حدة الموقف، حاول يلطف الجو بذكاء عشان ينهي القعدة من غير مشاكل، وقف على حيلو وقال بلهجة قاطعة و بلباقة باردة "حصل خير يا جماعة.. يا عمر يا ابني، هداياك مشكورة، وخطوتك وصلت وتقديرك فوق راسنا. بس نحن في الأصول دي ما بناخد قرار في قعدة واحدة. نحن هسي حنتشاور كـ 'أهل'، وحنسأل ونشوف طريقتنا، وبعداك بنرد ليك الخبر اليقين.. العفو منك، هسي القعدة دي انتهت لغاية هنا."

​عمر حس بكلمة، "القعدة انتهت لغاية هنا" نزلت عليهو زي السهم ، هو الما متعود زول ينهي ليه قعدتو ، ولا متعود يتقال ليه "حنشاور ونرد ليك" وكأنو طالب وظيفة منتظر قبول.
رغم دا بس سيطر على أعصابو ببراعة مرعبة ، خلت ناس ابوي يشكو فيه. 
​وقف على طولو بكل هيبتو ، و عدّل جاكيت بدلتو ببرود ، وقال ليهم ، "حقكم يا عمي.. الأصول أصول، وأنا بحترم تقديركم للموقف. المشورة حق مشروع، بس اتذكروا إنو الزمن غالي، وأنا زول مواعيدي ما بتمط". 
​التفت لأصحابو القاموا طوالي وراه وكأنهم ضلو ، وما أدى فرصة لأي زول يضيف كلمة تانية ، انسحب من الصالون بخطوات واثقة  وطلع فات.

​أنا كنت ورا الستارة، قلبي بيضرب  وجسمي كلو قطع موية. 
​ابوي قال لعمي شايف يا أخوي؟ الراجل دا ما جاي يناسبنا ، الراجل ده جاي يشترينا! قال شنو؟ سمر اختارتني! بقولها في وشنا وبكل عين قوية. 

عمي رد ليه الهدوء الظهر بيهو دا ما طمني.. زول بيعرف يتكلم، ولبسه سمح، وقروشه ظاهرة، بس مقطوع ، ليه مصر يجي براهو؟!. 
​ابوي قال ليه "نحن لازم نسأل، و ما نتم خطوة إلا وأهله يكونوا حضور. المرض ما بمنع الاتصال، والسفر ما مستحيل. الزول ده وراه سر، أو أهلو ما راضيين، أو متزوج و عايز يتزوج بالدس. 

 فجأة أبوي وقف و ناداني بصوت عالي زلزل البيت سمررررر! تعالي هنا!. 
​مرقت من ورا الستارة وأنا أطرافي ميتة، وبرجف من الخوف ، وقفت قدامو ونزلت راسي في الأرض.
 أبوي قرب مني ، و سألني بصوت غليظ الزول دا بتعرفيه من وين بالظبط؟ وكيف يتجرأ يقول إنكِ اخترتيهو؟ هل في بينك وبينو كلام بالسر؟ هل كنتِ بتطلعي معاه من وراي؟. 
​قلت ليه بصوت مخنوق بالدموع "يا أبوي.. هو شافني في الشغل ، وهو زول مقتدر وما عايز يضيع زمن.."
​قاطعني بحدة "زمن شنو وقدرة شنو؟ نحن بنعرف الرجال بمخابرها وأهلها، ما بعرباتها! الراجل دا لو ما جاب أهلو ، عقد واحد ما بحصل ، انا ما برميكِ في ظلام عشان شوية قروش ، قولي لـ 'عمرك' دا ما يفكر يجيني إلا و معاه أهلو"

ابوي خلاني واقفة وانا مصلوبة ف نص الصالون ، فجأة حسيت الحيطان بدت تضيق علي ، مشيت الغرفة ، وانا مترددة اتصل لعمر ، بس ما كان عندي الشجاعة أبدا ، فضلت باقي اليوم كلو وأنا قاعدة في الغرفة ، ضامة رجليّ لصدري وعيوني في التلفون، منتظرة منو رسالة أو إتصال ، وفجأة الشاشة نورت.. "عمر يتصل بك".

​رديت بلهفة و أنا صوتي ياداب طالع: "ألو.. عمر؟"

جاني صوتو ما كان غاضب ولا بصرخ ، كان أهدى من اللازم ، والهدوء دا كان بخوفني أكتر من الصياح.
​قال لي ببرود ، "سمر.. أنا عملت الما بعملو زول غيري ، جيت لغاية بيتكم، ودخلت من الباب، ووقفت قدام أهلك واحترمت شروطهم، وجبت أصحابي عشان أرفع راسك.. بس الظاهر إنو 'تقدير' أهلك لي كان إنهم ينهوا القعدة ويقولوا لي ح نتشاور!. 

حاولت أقنع عمر انو اهلي ما رافضين ، بس عايزين أهلوا يجوا عشان يتموا الأمور بشكل رسمي ، هم ناس تقليديين، ما في حاجة تانية." 

سكت مسافة ، وكمل كلامو بلهجة فيها تهديد
"ما تحاولي تبرري يا سمر لو بالجد عايزاني، ولو بالجد الحب البتقوليه دا حقيقة، يبقى مهمتك من الليلة إنك تجبريهم يوافقوا. بطريقتك، بدموعك، بضغطك.. أنا ما بهمني. وريهم إنكِ اخترتيني، ووريني إنكِ قادرة تفرضي قرارك عليهم. المرة الجاية يا سمر، أنا ما ح أعتب باب بيتكم عشان أطلب يدك تاني.. أنا المرة الجاية ح أجي ومعاي 'المأذون' عشان نعقد ."
​شهقت من الصدمة "عقد عديل يا عمر؟ من غير ما يوافقوا؟"
رد عليّ "لو ما قدرتي تقنعيهم، حأعرف إنكِ لسه 'سمر الضعيفة' الممكن أي ريح تميلها، وحأعرف إنو مكانك ما معاي. لو بالجد بتحبيني، حتعملي المستحيل عشان نكون لبعض. 
 مسؤولية إقناعهم دي بتقع عليك انتي. وتاني ما تتصلي لي إلا تقولي انهم وافقو. 

بعد مكالمة عمر ، حسيت روحي بدت تطلع مني.. كنت حاسة بخوف غريب ، خوف بشبه السقوط من مكان عالي ومظلم ، كنت واقفة بين نارين " نار عمر البمثل لي حلمي ، ونار أهلي البمثلوا لي سندي. 

​عدّت عليّ أسبوعين ، و الهم أكل من عقلي وجسمي أيام طويلة من السكوت و دموعي المحبوسة ، كنت بفتقد عمر ، بشتاق لصوتو ، وبحس انو في حاجة مني ضاعت ، بس كرامة أهلي كانت بتمنعني أتصل ليه 

لغاية ما في يوم، التلفون نور باسمو.. رديت بلهفة بس ردّ علي ببرود "شكلك مستغنية يا سمر.. وشكلك ما قدرتي تقنعي أهلك، يا خسارة!"
دموعي نزلت غصباً عني وقلت ليهو بشهقة "أنا بحبك يا عمر.. والله بحبك، بس أبوي لسه بحاول أقنع فيه ، والوضع صعب.."
ما استنى يسمع مني زيادة، قفل الخط في وشي. 
في اللحظة دي بكيت بحرقة ، و عرفت إنو أسلوب البكا والتحنيس ما حيحل المشكلة. 
مشيت لأمي للمرة الأخيرة قلت ليها وأنا منهارة "يا أمي، كلمي أبوي.. قولي ليهو سمر عايزة عمر هو   الزول الوحيد الح يسعدني ، كلمي يوافق عشاني" امي قالت لي  "عايزاني ادخل بينك وبين ابوك ف موضوعك دا؟! ، ولا بغشك بالغلط ، اقنعي ابوك براك وبعدين ليه مصر م يجيب أهلو؟! ، حسيت ان الكلام مع أمي ما بحل لي مشكلة. 

​نفضت دموعي، وقررت أعمل "المواجهة الكبيرة". طلعت الصالون، ووقفت قدام أبوي وأنا ببكي قلت ليه أبوي عليك الله ما تكسر بخاطري ، انا ما صدقت لقيت الزول الح يعوضني و يسعدني ، انت عايز سترة لبتك ولا عايز نسب ، انا بحب عمر وعايزااه ، أبوي كان بعااين لي بغضب بس ما ردا علي بكلمة واحدة قبل مني وشو ع الجهة التانية ، فجأة من غير احس قلت ليه بتحدي والله يا ابوي لو ما وافقت انا ح اطفش معاه و اهرب منكم و م ح تلموا فيني تاني وتبقى ليكم فضيحة. 

الصالون فجأة غرق في صمت رهيب ، أبوي قبل عليّ عيونو بقت زي الجمر ، ما حسيت الا و يدو نزلت على وشي بـ "كف" من قوتو ، لما الدنيا لفت بي ، وقعت ع الأرض وحسيت بطعم الدم في خشمي. 

​صرخ فيني بصوت هز أركان البيت، "قلتي شنو؟ عيدي القلتيه دا تاني يا فاجرة! بتهددي أبوكِ بالهروب والفضائح؟"
ناس أمي وسارة جو جاريين بصوتنا ، و زول قدر يتدخل ماف ، ​رفعت راسي وأنا ماسكة وشي، والدموع نازلة غصباً عني، بس شيطان التحدي كان لسه مسيطر علي رديت ليه أي.. حأطفش معاه يا أبوي! لو ما عرستو لي بالذوق ، ح أمش ليه بالخسارة ، أنا ما بقدر أعيش من غيره. !"

أبوي رجع خطوتين لورا  وكأنو جاتو طعنة في صدرو ، بدأ يصرخ بهستيريا وهو برجف ، "ما بتعرسي! ما بتعرسي قلت ليكِ! لو انطبقت السماء على الأرض، الزول دا ما بياخدك! أنا كدا عرفت الحقيقة.. كدا عرفت إنك أنتِ الـ خليتِ "صالح" ود أخوي يا قليلة الأدب! أنتِ الـ طمعتِ في قروش الغريب وبعتِ ود أهلك الـ كان سترك وسندك! طلعتِ خاينة لثقتي، وخاينة لود عمك!"
​ضرب كف بكف وهو بضحك بمرارة ودموع القهر في عيونو "يا خسارة تربيتي فيكِ.. سمر الـ كنت بقول عليك جوهرة و بفاخر بيها وسط الرجال، طلعت بتهدد أبوها بالخزي عشان الغريب ، امشي من قدامي وما توريني وشك دا.

دخلت الغرفة وأنا ببكي و برجف من الخوف ومن الكف ومن كلمات أبوي الـ كانت أحر من النار ،
كنت عارفة إني فتحت باب ما بتقفل وعقلي بردد لي "هل بالجد يا سمر عمر بيستاهل كل الخراب دا؟!.

عديت يومين وانا محبوسة في الغرفة ، ما كنت قادرة أوري ناس بيتنا وشي ، لغاية ما دخل علي عمي و ملامح وشو كانت قاسية زي الحجر ، وقف بعيد مني ، وما عاين لعيوني نهائي كأنو ما شايفني ، أو قرفان يعاين لي بعد الـ حصل.
قال لي "كلمي زولك دا يجي يوم الجمعة يعقد عليك ، السِتر أخف من الفضيحة" وطلع.

 سارة جات قالت لي ابوي وافق عشان قرف منك وعايز يتخلص من الفضيحة الهددتيه بيها دي ، و عمر البستاهل دا بكرا ح يرميكِ ، لأنو الراجل البخلي بت تكسر أبوها عشانو، عمرو ما بحترمها ، قالت كدا وطلعت رزعت الباب ، كلام ساره قطع قلبي اكتر ما كان مقطوع ، بس قلت مستحيل عمر يعمل كدا هو بحبني. 

مسكت التلفون و لسه دموعي محبوسة ، اتصلت عليه ، أول ما فتح الخط صوتي خاني وطلعت مني شهقة بكى مكتومة "ألو.. عمر.. أهلي.. أهلي وافقوا."
​سكت مسافة، وكأنو كان بحس بطعم الانتصار، قال لي كنت واثق انك ح تقدري! ، كنت لسه بتنهد قلت ليه تعال للعقد يوم الجمعة ، سألني بإستغراب "أنت مالك بتبكي يا سمر؟ في بنت بتبكي ف يوم زي دا؟ أنتِ ما مبسوطة إننا خلاص حنكون لبعض؟"
​قلت ليه بس أنا اتحديت أهلي كلهم، وقفت قصاد أبوي، واتحملت منه كلام وكف... أنا بعت الدنيا كلها عشانك أنت."
نبرة صوتو اتغيرت لنغمة حنان مخدرة ، قال لي بصوت منخفض ومطمئن"يا سمر.. الدموع دي غالية عليّ، ومسؤولية وقفتك دي في رقبتي ليوم الدين. أنا عارف إنك ضحيتِ، وعارف إنو أهلك صعبين، بس صدقيني... أنا حأكون ليكِ الأهل والسند والعوض. حأخليكِ تنسي كل الوجع دا". 
​أخد نفس وكمل كلامو وهو بطمئن فيني
"أبوكِ كان بقول 'الأصول'، وأنا ح أوريه الأصول في إكرامك ، ما تزعلي يا سمر، بكرة لما تدخلي بيتي وتكوني ملكتي ، ح تعرفي إنو 'الخسارة' الـكنتِ خايفة منها دي كانت أكبر 'مكسب' في حياتك ، امسحي دموعك وجهزي نفسك.. أنا ما داير عروس عيونها محمرة. 
​قفلت الخط وأنا حاسة بانو كلامو زي "البنج"، بخدر الوجع بس ما بشيلو ، صدقتو لأنو ما كان عندي خيار تاني غير إني أصدقو ، ولأنو بقى هو الوحيد الفاضل لي في الدنيا دي.

قعدت ع طرف السرير و ضميت رجليّ ع صدري ، و بقيت ابكي حسيت إني "منبوذة"، فجأة، الباب اتفتح بهدوء شديد، دخلت نور.
​نور كانت أكتر واحدة زعلانة مني، وأكتر واحدة كانت خايفة عليّ من غموض عمر، بس لما شافتني بالحالة دي ، قربت مني ببطء، وقعدت جمبي في السرير، سحبتني لحضنها من غير ما تقول ولا كلمة.
​أتفجرت بالبكا في كتفها، كنت بقول ليها "يا نور، والله أنا ما كعبة، بس أنا عايزة أعيش، عايزة زول يقدرني.. ليه هم ما فاهمين؟"
​مسحت على راسي بحنان ، ونزلت دمعة من عيونها، قالت لي "أسكتي يا سمر.. خلاص، القالوه قالوه، وال حصل حصل. أنا صح زعلانة منك ، بس دا طريقك الاخترتيه ، و ح ادعي ليك ربنا يجعل ليك عوض بالجد وما يكسر بخاطرك ، لأنك في الآخر أنتِ صحبتي.. وما بقدر أشوفك مكسورة كدا". 

​كلام نور كان زي "البلسم" على جرحي ، حسيت إنو لسه في خيط بربطني بالحياة. نور ما طعنتني في شرفي زي سارة، هي اختارت تكون الصديقة البتستر الوجع وتطمن الخوف.
​قالت لي وهي بتقوم تجيب لي موية "قومي غسلي وشك ،و خليك مفرهدة عشان انتي عروس ولازم تكوني منورة..

الأيام كانت بتمر علي بسرعة وهدوء ، وأنا ما قادرة اتحمس لعقدي زي اي عروس ، ولا في حماس لأهلي ، اما عمر كان في عالم تانى بتصل عليّ كل يوم، صوتو مليان حماس وثقة، بحكي لي عن ترتيباتو ، و مفاجآتو الـما بتخلص ، كلمني انو ح يرسل واحد من أصحابو عشان يجيب لينا المال ، وكل احتياجات العقد ، والضبيحة، وأي حاجة البيت محتاجها ، وحتى قروش خاصة لي أنا عشان اجهز بيها نفسي. 

فعلا يوم الخميس صاحبو جاء وجاب معاه ، قروش كتيرة شديد تعمي العين! ، بس ابوي رفض تماماً ، وقال لي انا بسترك بقروشي ما محتاج لتعريفة منو و أصّر يرجعها ، الا اعمامي قالو ليه رفضك دا ح يخرب العقد قبل ما يبدأ ، الراجل دا بقى في مقام ولدك، والقروش دي واجب وتقدير منو للمصاريف والضيافة الـ حتحصل في بيتنا ، الناس بكرة ح تجي ، والذبيحة والصيوان والتكريم دا كلو بكلفة ، والظروف زي ما أنت شايف ، ما تكسر بخاطر بتك، ولا تصغر الراجل قدام أصحابو ، خلي يشارك ، ودا حق العروس عليه.......
                 الفصل السابع من هنا 

 

تعليقات



<>