في دار العمدة عبد الرازق
شعر عواد بصدمة هزت كيانه عندما تأكد بأن حسنه اصبحت زوجة وملك لغيره، ثارت ثائرته ورفض الاستسلام لهذا الواقع، لقد ظل عام بطوله يتقبل البعد عنها على امل العودة اليها، والنيل منها لتصبح خليلته، حتى انه حين عاد استسلم الى رغبته فيها فعاش بين احضانها الحلم وصدقه،
والأن يصدم بأنها صارت ملك لهذا الغفير الفقير الذي لن يستطيع أن يرضي فتاة في حسنها وقسمات جسدها، فنظر الي أبيه بحقد يأكل بداخله على زوجها وقال:
بوي هات الغفير فوده دلوج وخليه يطلجها، حسنه متجوزش ليه وانا هجولك كيف؟!
ابوس يدك يابوي طلجها منيها وجوزهالي وانا بعدها مش هطلب منيك حاجة تاني، طول العمر انا رايدها وعاشجها
دفع أبيه مقعده بغضب وصاح فيه بعنف:
جوم من جاري يا واد فوز، بينك اتجنيت رايدني اطلج واحدة من جوزها واجوزهالك علشان البو جوزها يعملنا فضيحه، وكل ده ليه وعلشان مين حسنه اللي كي المعزة
وامسكه من اذنه وقرص عليهم بغيظ:
بجى دي اللي كي الاوبة هتموت عليها يا واد العمدة، حسنه اللي ما تسوى في سوج الحريم جرش ابيض
هز عواد رأسه باستنكار وقال بإصرار وتصميم موضحًا برغبة:
مين دي اللي اوبة ومعزة يا بوي حسنه شكلك منضرتهاش من يوم ما جات دارنا، اسأل اماي ليه خواتي جارها واجف حالهم،
يا بوي حسنه كي الفرسه الجامحة محتاجة فارس يليج بيها مش غفير عدمان ميجدرش عليها
امسكه أبيه من تلاليب جلبابه وصاح فيه معنفًا:
بجى حسنه فرسة، بينك اتعميت في نضرك ولا يمكن بنات مصر نسوك شكل الحريم الصوح،
اسمع حديتي زين ،انت لو رايد تتجوز هجوزك اللي تليج بيك وبمجامك يا ولد العمدة مش بت محلتهاش غير خلجاتها وكمان انا اللي شاريهم ليها
تأفف عواد من نظرة أبيه الي حسنه ابنة الحسب والنسب والمقام العالي لولا ما حدث لأهلها ولمالهم الذي ضاع في الحريق و فقدت معه كل ذويها وقال مستنكر :
يابوي حسنه ميعبهاش فجرها، لان أصلها غلاب بنت حسب ونسب وما في حد بالبلد ما يعرف أهلها ومكانتهم
يعني حسنه متعبنيش لانها لو كانت لستها بعزها كنت انت اول واحد تتمناها لي، لكن العيب عليك كي تكون وليها وتجوزها للاجل منيها واد الداية المجطوع
زاد أبيه من حدة قبضته علي جلبابه حتي كاد يتمزق تحت وطئ شدته عليه وقال بغضب:
اكتم يا واد فوز الحديت اتجفل خلاص في موضوع حسنه وراحت لصاحب نصيبها ،وانت انساها ولو علي جوازك خلص الثانوية العامة وانا اجوزك بت أغنى راجل بالبلد حتي أغنى من سويلم وولاده اللي الجبر لمهم وريحنا منيهم كلتهم
نزع عواد جلبابه من يد أبيه ورد عليه بعصبية:
ماريدش اتجوز خلاص كنت نفسي في حسنه، ولو مكانتش ليا ماريدش غيرها، بجى الوردة المفتحة دي ترموها اكده في الطين والله حرام عليكم،انا مش مسامحك يا بوي
قال ما قال واسرع الي الأعلى ليدخل غرفته ويغلق بابها وراءه بعنف، نظر العمدة الي زوجته وسألها :
صوح حسنه مليحة جوي اكده كي ما ولدك بيجول، ولا مراية الحب عميا والبت سحرته
ارتبكت فوز وردت علي العمدة بابتسامة خبيثة وقالت:
مليحة أيه بس يا عمدة دي ما ليها شكل ولا منظر اوبة كي ما بتجول ، مخبراش فوده اتجوز فيها ايه، دي جلد.علي عظم، الحمد لله اننا خلصنا منيها ومن همها، وجوزها شال شيلتها ورضي بنصيبه معاها
ضرب العمدة بقبضتة طاولة الطعام فاهتز ما عليها حتي كاد ان يقع ارضًا وقال بغيظ ردًا علي عشق ولده لها:
ولدك اتجن يا فوز ، بجى انا اخلص من سويلم يفكر هو في بته، ويجولي مش رايد غيرها،
اطلعي ليه عجليه وعرفيه اني لو غضبت عليه هعتبر نفسي مخلفتش ولاد وهحرمه من الميراث
ربتت زوجته علي كتفه برجاء وهتفت:
خلاص يا ابو عواد انا هحدته وهعجله واجيبه يتأسف ليك
بس متغضبش عليه ملناش غيرك واصل
تنهد بعدم راحة ودفعها لكي تبتعد عنه وصاح فيها:
ده تجوليه لولدك مش ليا، همي اطلعيله خليه يدلى يفطر معانا جبل ما نخرج رايد اتشرف بولدي وافرح بيه
اؤمات له بالموافقة وتركته وصعدت الي ولدها لكي تفسر له سبب زواج حسنه من فوده بعد رفض ابيه المستميت
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .. ☆
دلفت فوز الي غرفة ولدها فرأته مكفهر الوجه عابس غاضب ويحدث نفسه مثل المجنون، ما ان رآها صاح فيها بألم:
كي يعني تجوزوها وهي لستها صغار واصغر من بناتك، ايه يا اماي مش لجين حج اللجمة اللي بنوكلهالها، ولا خدمتها ليكي مكنتش كفاية تخليكي ترضي عنيها، لاجل ما ترميها الرامية دي لغفير وحل البرك فوده
ابتسمت امه بأستخفاف ونظرت اليه بغضب وحسرة:
أنت السبب يا واد بطني،انا لا كنت رايداها تتجوز ولا بوك رايد وانت خابر ليه زين، لجل بتوكد ان ما حد خابر بالدين لجدها سويلم اللي اشترى بيه حيازة الارض اللي خليته في العمودية
لكن بعد اللي عملته وجاله فودة مكنش في حل،غير اننا نجوزهاله لاجل ما يفضحنا ويفضحك بالبلد
رمق عواد أمه باستغراب وسألها بحيرة وعدم فهم:
جالك ايه البو ده خلاكي تخافي منيه جوي اكده، وتعطيه بنت الحسب والنسب للمجطوع ابن الداية
ضربته أمه علي صدره بقوة وغضب ينهشها:
جال اللي نضره منيك ،وعلى خيبتي الجوية فيك، جال انك كنت رايد.تفضح تسترها وهو ضرب علي دماغك، فاكر ولا ناسي سرج الفرس اللي وجعك واتفتحت راسك ٦ غرز
حدق عواد في أمه بدهشة وسألها:
بجي المحروج ده هو اللي ضربني ونجدها مني، وانا اجول ليه منطجتش ولا اتحدتت مع حد في اللي عملته معاها، كنت عشمان انها ريداني لكنها خايفه من العيبة،
جوليلي يا اماي جالك ايه ابن المركوب،وكيف خلاكي وافجتي علي جوازه منيها وهو غصبها ولا كان بكيفها،
جلست أمه امامه وهي ترمقه بنظرات غاضبة وقالت:
هجولك اللي حوصل لاجل تعرف راسك من رجلك وما تغضبش ابوك منيك
بعد ما سفرت فوده طلب يدها وابوك زعله وجاله انه فجير وميجدرش يأني روحه كي يأني مره
لجيته بعد ما بوك خرج جاني وطلب يتحدت معايا وجالي،
يا ست الحجة انا ليا عنديكي طلب وبتمنى متردنيش خايب
نظرت اليه فوز باستغراب ولاحظت انكماش حسنه التي كانت ترمق فوده بنظرات خوف ورهبة ورجاء ، فاردفت قائلة:
طيب يا فوده تعالي ورايا لما اشوف رايد ايه
ابتسم فوده لحسنه الخائفة كي يطمئنها وخرج وراء فوز ،
دخلت زوجة العمدة الي صحن الدار جلست بتعالي علي احد المقاعد وقالت له:
ها يا فوده رايد ايه، واوعاك تفكر تحدتني في جوازك من حسنه، لان حتى لو العمدة كان وافج انا هجولك لاه
غامت عيناه ورد عليها بهدوء نفس لم يعتاده في نفسه،لا يعلم بأن الله ألهمه ذلك لانه صاحب حق، اردف قائلًا:
لاه يا ست الحجة انا هتجوز حسنه وبرضاكي وبرضى سيدى العمدة، لما هخرج دلوج ابلغ المركز والبيه المأمور اللي موليكم أمانتها، اجوله ان ولدك سي عواد كان رايد يفضح سترها ويده معلمة علي جسمه وكمان انا شجيت راسه،مش وجع من على الفرس كي ما جال ليكم
ها تحبي ولدك يتسجن والعمدة يتشال من العمودية اللي ساعده فيها البيه سويلم الله يرحمه جبل ما يموت،
ولا تجوزيهالي وارحمها من عذابك ليها وابعدها عنيكي
ارتجف ثغرها بارتباك وشعرت كأنها ستصاب بالشلل بعد تهديد فوده لها،وخافت ان يصل الامر للعمدة فيقضي علي فوده، ووقتها لن تسكت حسنه وستفضح الجميع ،
ابتلعت أرياقها ونهضت من علي مقعدها بصعوبة وتطالعت اليه بتوتر، تريد إن تتأكد بأن ما يقوله عن ولدها ، حقيقية أم كذب لكن أمام تحديها لها واصراره علي الزواج منها لكي يسترها،ويكفيهم شر الفضيحة،ردت عليه :
خلاص يا فوده انا هجنع العمدة، متحسبش انك خوفتني بحديتك الماسخ عن ولدي واللي عمله، لا انت ولا حسنه تقدروا تثبتوا حاجة، ويمكن العمدة يحبسك فيها لانك شجيت راسه
لكن ليك حج انا رايدة اخلص منيها ومن همها
ضحك فوده بتهكم ورد عليها:
يمكن العمدة يحبسني، لكن اللي المأمور مأمنه عليها لمكانة عيلتها اللي راحت، وانتِ خابرة زين كانوا مين وكيف كان العمدة والمأمور بيتمنوت ليهم الرضا، يكتشف ان ولدك كان رايد يعمل معها الشينة ويده علي جسمها كي الختم
وجتها لا العمدة ولا ولدك هيكونوا موجودين لاجل يحبسوني او يحاسبوني لاني شجيت راسه وانقذتها منيه
وطالعها بغيظ واكمل ساخرًا:
الحمد لله ان ربنا نجاها، وحديت واتجفل، المهم دلوج تجنعي العمدة يجوزهالي واخدها داري ، ونكفي علي الخبر ماجور ويادار ما دخلك شر
اخذت فوز نفس عميق ونظرت الي ولدها لتكمل ما حدث:
بعديها حدتت بوك وكان رافض وجالي انها صغيرة كي ما بتجول أنت،لكني جولتله انها مسؤولية وممكن يصيبها شئ وهو هيتحملها، لما نجوزها هنخلص من همها
وفعلا بعدها بعت لفوده واتفج معاه يجوزهاله بس يوضب داره العفشة،وجاله ياخد اثاث من المخزن حدانا
وبعد سبوع خدتها الصحة وسننونها وانكتب كتابها وخدها ومن يومها ما عتبتش الدار ولا جات حتى تشكرنا
وما نعرف حالها معاه ايه واما بسأله عنيها بيجول انها مليحة
هو ده كل اللي جرى فهمت
هز عواد رأسه وشعر بفداحة موقفه لو عرف أبيه ما كان سيقدم عليه وقال لأمه بحزن:
عرفت وياريتني كنت جولت لبوي اني رايدها،لكني لسه صغير وهي كمان وابوي اكيد كان هيرفض يجوزهالي
عرف يلعبها صح واد المحروج فوده وخطفها ليه ربنا ياخده
جذبت امه يده لكي ينهض وقالت ليه:
سيبك دلوج من فوده وحسنه حكايتهم خلصت،وفكر بنفسك بوك رايد ليك الخير كله وهيورثك العمودية،امشي في طوعه وبلاش تغضبه عليك
يلا هم ادلى معايا افطر وياه وصالحه انت اتوحشته جوي
قبل عواد يد أمه وقلبه مسكور حسرة وندامة علي خسارته لحبيبته لكنه استمع الي نصيحتها وسينفذها ارضاء لها،
نزل مع أمه الي أبيه وقبل يده وطلب منه السماح والعفو،
ضمه عبد الرازق الي حضنه وقال له بسعادة:
ياواد انا مليش غيرك ورايدك احسن الناس، اجولك في الاجازة الكبيرة الجاية انا هخطب ليك احسن بنات البلد وبنت أغنى واحد فيها واغنى من بوك نفسه
ايه رأيك في حسيبة بت عمك بدران، اظن مليحة واجمل من مرت البو فوده ميت مره
ابتسم عواد علي مضص ورد علي أبيه :
اللي تجول عليه يا بوي انا من اليوم وطالع هنفذ حديتك وبس، ومش هزعلك ابدا مني
تنهد عبد الرازق براحة وسعادة لطاعة ولده وحبه له
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. ..
تمر السنة سريعًا ويعود عواد الي البلد في الاجازة الكبيرة،وابيه ينفذ وعده ويذهب ليخطب له ابنة صديقه بدران الذي رحب بالخطوبة علي ان يتم الزواج بعد عام
وفي يوم الخطوبة كانت البنات تلتف حول حسيبة تهنيها وتبارك لها ويدخل عواد يلبسها الدهب الا انه توقف فجأة
فسأله أبيه عن سر وقوفه وعدم الدخول إلى قاعة الحريم
أشار اليه عواد إلى حسنه التي اصبحت صبية جميلة وفاتنة بكل ما تحمله الكلمة من معنى
والغريب انها كانت تتجادل مع البنات حين قالت لها :
جومي يا حسنه ارجصي كي ما رجصنا ليكي ليلة فرحك
اظن حسيبة بنت سيد البلد والكل بيتمنا رضاها
طالعتهم حسنه بعزه وكرامة وكبرياء اكتسبتها من شيم اهلها الكرام والاشراف وقالت بايباء:
اتجنيتي يا حنان ارجص كيف ووسط الدار اكده،انا زوجة وبحترم جوزي في غيابه جبل حضوره
ضحكت احدى البنات بسخافة وسخرية وقالت:
واه خايفة من الغفير يابت السوالم ،والله عيبة في حجك وانتِ كنتي بت لاغنى رجالة البلد تتجوزي الغفير الفجير ده
حدقت فيهم حسنه بغضب ودافعت عن زوجها الذي سترها وحفظ عرضها وشرفها واكرمها وقالت:
الفجير ده جوزي وسيدي واهلي وكل ناسي وكل ما ليا بالدنيا ،معاه عشت الامان والحنان ومنه هيكون ليا الولد والعزوة والسند بأمر الله
وبلاش انتِ يا حنان يا عايبة، ولعلمك الراجل ما يعيبوش فجره لكن يعيبه تدينه واحترامه وجوزي سيدهم بتجواه ومعاملتي كما يرضي ربنا وبيتجيني فيه
وبلاش تحكي معايا انا عن الاصول لاني اعرفها اكتر منيكي يا بنت العلالي
ثارت الفتاة علي حسنه وكادت ان تمسك فيها الا ان نظرة من حسنه ارعبتها ارجعتها للخلف فاقتربت منها ودفعتها الي الحائط وقالت:
بجى انتِ يا بنت العايبة يلا امايتك كانت بتدلل عليها لاجل حد يتجوزها، رايدة تمسكي فيا وتعيبي في جوزي
الله في سماه لولا انه فرح ومريداش انكد علي حسيبة،لكنت جيبتك من شعرك وعرفتك الأدب كيف ؟!
ضحكت حسيبة من رعب حنان التي لا تماثل حسنه في جمال قدها وجسمها الملفوف كعود البان وقالت بمرح:
خليكي عنها يا حسنه هي متعرفكيش زين يا خيتي ولا تفكر في العز اللي كنتي عايشه فيه، بس الكل مستغرب كيف راضية بعيشتك مع الغفير الفجير، وانت بنت الاكابر والاشراف وكمان ربيبة العمدة وضيفته ،كنتي اصبري كان جالك احسن منيه
الف مرة ويليج بيكي وبحسبك ونسبك
ابتسمت لها حسنه برضا، وحدثت نفسها قائلة بحزن وكسرة نفس من الذل والمهانة التي عاشتها في دار العمدة، وهي من كانت ربيبته ومسؤوله منه وفي امانته، وكادت ان تخسر شرفها ، الي إن انقدها الغفير وستر عرضها،
عادت من حديث نفسها ونظرت الي حسيبة خطيبة ابن العمدة وقالت لها بكبرياء:
الغفير الفجير دي اغنى واحد في عيني، ولو كل رجالة البلد اتحطوا جدامي في ميزان كفته هو اللي هتطب في جلبي
خليكي عني يا بنت الاكابر ولعريسك واد العمدة ويارب يجدر يحافظ عليكي ويحميكي ويتجي الله فيكي كي جوزي
انهت حديثها وارتدت الملس علي عباءتها التي تجسد قسمات جسدها فجعلت من يراها يفتن بها
خرجت وعين عواد وابيه تراقبناها فقال عبد الرازق لابنه:
واد المحروج فوده بيتهنى بكل الجمال ده لحاله، الله في سماه ما هتبات علي ذمته ليلة تانية
هم خلص ليلتك ومن بكرة هبعت ليه هشوف حل حل معاه
بس دي خسارة فيه صدجت لما جولت انها كي الفرس الجامح
ضحك عواد بحزن ورد علي أبيه محفزًا:
جولتلك كده مصدجتنيش واهو بجالها علي ذمته سنتين المهم انا هجولك كيف تطلجها منه من غير ما حد يعيب فيك او هو يجول عنك شئ يجل من جيمتك
وزي ما جولتلك هي متجوزش ليه ، والحل عندي
ضحك العمدة بخبث وهو يستمع الي خطة ولده التي ستجعل طلاق حسنه من فوده يتم بلا مشاكل
وفي الصباح ذهب الغفير زيدان الي دار فوده واطرق داره بعنف وقوة الي إن فتح وهو يدعك عيناه بفزع وقال:
مالك يا زيدان على الصبح، رايد إيه وبتخبط الباب اكده ليه كأن الدنيا اتهدت وبجت فوجاني تحتاني
رد.عليه الغفير بغلاظة وقال:
هم ألبس خلجاتك العمدة رايدك دلوج جدامه
طالعه فوده بحيرة ونظر الي الداخل ورآي حسنه مازالت نائمة فقال له :
طيب استنى انا جاي معاك ،
دخل الدار وارتدى جلبابه وخرج مع الغفير زيدان الي إن وصل الي دار العمدة الذي كان بانتظاره ومعه مأذون البلد وكبيرها بدران حما ولده
دلف عليهم فوده الدار وألقى عليه السلام فرد العمدة باقتضاب وقال بحسم :
اسمع يا فوده انت هتطلج حسنه دلوج يلا ارمي اليمين احسنلك بدل ما تشوف اللي عمرك ما شوفته
رد عليها فوده بجذع:
.......؟!
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. ..
يتبع.......
سلمي_سمير
قضاء_الله
#البارت_الرابع
فراس_ابن_الليل
ثنائي_النار_والعشق
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. ..
وقف فودة أمام العمدة كالمذهول، من طلبه الغريب الذي يطلب فيه منه أن يطلق حسنه، طالع الحضور بتعجب وقال لهم مستفهمًا :
ليه يا عمدة اطلج مرتي، هي شكت مني في حاجة ، وصلك عني مجوعها او بضربها، إيه الذنب اللي عملته لاجل اطلج
وضع العمدة يده علي كتفه ورد عليه بخبث:
لا لا سمح الله ما حدش سمع عنكم غير كل خير سنتين من يوم ما اتجوزتها، ما حد وصله عنيكم حاجه تمسك أو تمسها
لكن طلاجك منيها واجب وهيتم دلوج بدل ما تتسجن، لانك اتجوزت جاصر بدون ولي ولا شهود
حدق فيه فوده بقوة ونظر الي المأذون وكبير البلد الحج بدران وقال له بايضاح:
كي يعني اتجوزتها من غير ولي، ما انت وليها ومجوزهالي برضاها ورضاك، وشهد علي جوازنا الحج بدران وشيخ الغفر
جرى إيه يا عمدة هو ظلومه وخلاص
هز العمدة رأسه اسفًا ورد عليه بدهاء يضاهي الثعالب:
مش بنكر كل ده حوصل بس انا ومن بعدي الطوفان، المأمور حضر خطوبة ولدي عاشية، وسأل عن حسنه وجالي كنت بظن خطبتها لولدك لكن مدام متخطبتش انا بحذرك، البت لستها جاصر ولو جوزتها هتتعرض للمساءلة الجانونية
وانت خابر زين اني مكنتش رايد لولا إلحاحك فدلوج الحل تطلقها ،ولما تتم السن الجانوني تعالى اتجوزها لو وافجت عليك، لكن لو رفضت يبجى حجها، فهمت جولتلك ليه طلجها
اما لو رفضت فأنا وشيخ البلد والحج بدران هينكروا حتي المأذون لاننا كلتنا هنتحاسب بسببك
يبجى بدون أذية لا ليك ولا لينا طلجها ولو ليك نصيب فيها عاود وأطلب يدها اتفجنا
يلا ارمي اليمين ووجع علي جسيمة الطلاق خلينا نخلص من المصيبة دي جبل ما تطربج علي دماغتنا كلتنا وأولهم انت
نظر فودة الي العمدة بريبة وعيناه تتفرسه بشمولية، يريد ان يتأكد من صدق حديثه، فأردف قائلًا بعد تنهيدة :
بس ليه كل ده واطلج ليه ، ومرتي قربت علي سن ال١٨ يعني كلتها كام شهر تتمهم، مش مستحق اطلجها وعاود اردها لعصمتي لانها هتكون لستها في العدة
ضغط العمدة علي فكه بغيظ شاعرًا بفشل خطته أمام تمسكه بها وعدم خوفه من السجن فقال له بتحدي :
ومين جال إنك هتعاود تتجوزها بعد عدتها، لو طلجت حسنه مش هتردها غير لو هي رايدة، واظن هي كبرت كفاية وخابرة صالحها زين وأكيد مش هيكون معاك
يلا طلجها خلينا نخلص من الموضوع المهبب ده مفضينش
ليك احنا والرجالة
أبتسم فودة إبتسامة بعد إن ألهمه الله حسن الصواب وقال بثقة :
لا يا عمدة مرتي لما تتم ال١٨ هتكون لستها في عدتي، وأقدر أردها من غير حتى ما ارجع ليها،
امسكه العمدة من تلاليبه وصاح فيه ثائرًا بغضب، حتى أن الحج حمدان نهض مسرعًا لكي يمنعه من التهجم عليه وقال:
اهدى يا عبد الرازق الأمور ماتتخدش اكده، وانت يا فوده خلص في ليلتك السودة، مريدينش مشاكل مع المأمور واصل
طلج حسنه وريحنا من وجع الدماغ، والعمدة هيجوزك بنت زينة وتليج ببك بدل بنت عيلة السوالمة
ابعد فوده نفسه عن العمدة وعدل من جلبابه وأردف قائلًا:
انا يا عم الحج بجول حج ربنا واسأل المأذون في جولي
هي الحبله ينفع تطلج ، ولو اتطلجت هتفضل علي ذمتي لحد ما تولد وجتها هتكون تمت ال١٨ سنة من زمان
حدق به العمدة بذهول وقد هزته المفاجأة بقوة فقال بدون تركيز او وعي لما طلب:
حبلة كيف ولو حبلة صوح تسجط إيه المشكلة،خلينا نخلص
هز فودة رأسه بصدمة، غير مصدق ما يقوله العمدة ونظر اليه شزرًا وقال بعصبية وتوتر:
واه يعني إيه حبلة كيف مش راجل انا وهي مرتي ولا ايه،وكي يعني تجولي اسجطها والدكتورة السبوع اللي فات جالت اجهاض ممكن تموت فيها،
ها ياعمدة رايدني اموت مرتي واللي في حشاها لاجل ارضي المأمور لاه مجدرش اظلمها واظلم نفسي ،يعني من الاخر اكده
طلاج مش هطلج اعرف ده زين يا عمدة ولو فيها موتي
ضغط العمدة علي فكه بغيظ وقوة وصاح فيه معنفًا:
يعني إيه يا فوده مش هتهمل حسنه وهتفضل علي ذمتك، انت رايد تعصيني يا ولد الفرطوس،دا انا كنت جطعت خبرك واصل ، ارمي اليمين وماليك داخل بحملها هنتصرف فيه
ضحك فودة بتهكم ورد عليه:
ما جولتلك يا عمدة حسنه هتفضل علي ذمتي ليوم الدين، لو رايد اطلجها اجتلني لو تجدر واكده انتهي الحديث
لاحظ بدران ثورة غضب العمدة تتزايد ورغبته اعمته عما يقول فوده من عدم قدرته علي تطليقها بسبب حملها وخطورته علي حياتها ،وهذا ما تغافل عنه من اجل الحصول عليها
فتدخل بينهم حاسمًا الامر وهو يدفع فوده بعيدًا عنه قائلًا:
خلاص يا فوده خلص الحديث روح لمرتك واجفل عليكم داركم،متخليش حدا يندرها لحد ما تولد وتكون تخطت السن الجانوني للجواز، مريدينش مشاكل مع المأمور
وجذب عبد الرازق الغاضب بحنق من يده لكي يجلسه ونهره:
خلاص يا عمدة خلصنا، حسنه مرته وحبله مينفعش يضحي بيها،ولو علي المأمور هنتصرف وياه
يلا مع السلامة يا فوده روح دارك بكفي حديث لحد اكده
رمق فوده العمدة بنظرات استهزاء واستحقار، وغادر ومن خلفه غادر المأذون الذي لم يعد في حاجة اليه،وبعد محاولات لتهدئته غادر بدران ايضا وتركه يتجرع مرارة الهزيمة وحده
دخل اليه ولده عواد وسأله بأمل وقال:
ها يا بوى طلجها ولد المحروج فوده وخلصنا منيه ولا لاه
نظر إليه أبيه بإستخفاف،ونيران الخسارة والألم وحسرة تتأكل بداخله كالبركان الذي أوشك علي الانفجار وقال:
لاه يا واد العمدة مطلجهاش ومش هيطلجها،لجل حظنا الفقر
طلعت حبلة والحبل خطر عليها وفيها موتها
والحبله ملهاش طلاق غير بعد ولادتها فهمت يا فجري كي بوك
طالعه عود بألم والحزن سكن خلجاته ورد علي أبيه :
يعني إيه هتبجى ام لولاده المجطوع ده،والله حرام انت اللي رمتها الرامية السودة دي يا بوي
وهز رأسه بتفهم مكملًا:
عرفت دلوج ليه مرديتش ترقص كانت خايفة على اللي في حشاها، المهم يا بوي بعد ما تولد لازم تشوف حل وتطلجها، وتجوزهالي يا بوى انا رايدها وهتجنن عليها
دفعه في صدره بعنف وثار عليه:
تتجوز مين يا واد فوز، انت خاطب بنت بدران وانا مش هخسره علشانك، السنه الجاية زفافك عليها وخلص الحديث
اما حسنه فهي هتكون لي وملك يميني لاجل تعيد شبابي اللي سرجته امك العكرة
حدق فيه ولده بذعر ورد عليه بعدم تصديق:
انت يا بوي رايدها لنفسك،دي أصغر من بناتك، ده غير اماي كانت لو عرفت برغبتك فيها هتدفنها حية
هز رأسه بتهكم كأنه لا يهمه من أمر زوجته وابنة عمه وام اولاده شيئ ورد عليه برغبة :
امايتك الحياة معاها تجصر العمر وبكفي اللي ضيعته وياها، لكن حسنه صبيه وعافيه والحياة معاها كي الجنة مش فوز
قطب عواد جبينه بضيق وحزن علي نفسه لضياع حسنه منه، ان لم تكن لفوده فإلي ابيه الذي طمع فيها
ومن علي الدرج سمعت فوز رغبة زوجها في من كانت ربيبتهم وابتسمت بخبث وقالت:
با خيبتك الجوية يا عمدة بقى البت لحست نفوخك وهتجرك وراها كي الخروف، بس الله في سماه يوم ما تفكر انها ممكن تشاركني فيك لاكون دفنتها حية، جبر يلم العفش منك ليها
. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. .. . .. .. .. .. .. .. .. .. ☆
بدار فوده
استيقظت حسنه بعد مغادرة زوجها، واخذت تبحث عنه في أنحاء الدار وحين يأست من العثور عليها تأكدت بمغادرة الدار دون علمها، جلست علي أحد درجات السلم ووضعت يدها علي وجهها وهي تتسائل بقلق واستغراب الي أين ذهب فوده؟!
واثناء انتظارها دخل فوده الدار مكفهرًا الوجه حزين، رأته
مقبلًا عليها نهصت بفرحة وقبلت يداه باحترام وسألته
خرجت على فين من الضحى يا فوده
نظر اليها بألم وعيناه مكبله بالحزن الذي يأسر وجدانه وقال:
كنت بدوار العمدة،بعت لي الغفير زيدان بعد الفجرية طوالي كان رايدني وياريتني ما روحت،
دنت منه وملست علي محياه الطيب وابتسمت في وجهه سائلة:
وكان رايدك في ايه مهم اووي اكده ابا العمدة، اللي ما يتحمل طلوع النهار
تنهد بقوة وطالعها بألم كأنه سيفارقها الحين وقال:
رايدني اطلجك لاجل المأمور سأل عنيكي وحذره من جوازك وانتِ لساتك جاصر، وهو بيخلي مسؤوليته في انه كان وليك
ضربت حسنه صدرها بذعر وسألته بخوف:
وانت عملت إيه طلجتني، يا فوده سلمتني ليهم بالساهل،وانت خابر زين إنه كذب وتلفيج، مأمور ايه اللي لسه فاكرني من سبع سنين، انا جولتلك نظرته هو وولده ليا عشية ماريحتنيش
هما طمعانين فيا،انت بجى ترميني ليهم ولا هتحميني
شدها الي صدره وربت علي شعرها بحنان:
انا افديكي بعمري يا حسنه، طبعًا مطلجتكيش لكن كذبت عليهم لاجل اهرب من شرهم،لكن كلتها شهرين ويبان كذبي، ووجتها هيخلوني اطلجك بالغصب
بجولك إيه تعالي نهمل البلد لا انا ولا انتِ لينا فيها اللي نبكي عليه علي الأجل نعيش وسط ناس يتجوا ربنا فينا
هزت رأسها بعناد وقالت بتحدي :
لاه مهملش الارض اللي فيها تراب اهلي وخواتي، مش كفاية مجطوعة الاهل رايدني كمان اكون بلا جدر
سيبك من الهرب دلوج وجولي كدبت عليهم في ايه وكيف
تركها وجلس علي الدرج وقال بإرتباك:
جولت انك حبلة ، وان طلاجي منيكي ملهوش لازمة لانك على ما تولدي هتكوني بلغتي سن الجواز الشرعي ،وطلاجي منك مش هيوجع غير مع ولادتك يبجى لازمته أيه
ودلوك مخبرش لما يعدي شهر والتاني وحملك ميظهرش هيعملوا معايا ايه
ضحكت بسماحه وجلست بجواره وقالت بحياء ظاهر:
وليه لاء يا فوده انت راجلي وجوزي واماني وكل دنيتي، ونفسي يكون ليا منك الذرية،احنا فيها تمم جوازك مني وربنا كريم يجطع فيا الرجا ليهم احبل منيك
انتفض فوده ونهض من جوارها وبعد عنها وهتف:
تاني يا حسنه،جولتلك انا مجدرش ادخل بيكي انتِ كتير عليا يا بنت الاشراف انا مليجش بيكي ولا بمجامك العالي، ومش علشان انقذتك يكون المجابل حياتك
لاه يا حسنه انت هتفضلي معايا بالدار وتحت حمايتي لحد ما يجي اللي يليج بيكي واجوزك ليه
رمقته بنظرة عنيفة وتحدي:
ماشي يا فوده علي جولك، لكن العمدة هيصبر عليك وعليا لو عرف اني مش حبلة، ها هتهملهم ينهشوا فيا وفي عرضي، هي دي حمايتك ليا، سنتين دلوك وانت محرمني عليك واجول بكرة يصدق اني ريداه لنفسه من غير حسب ولا نسب
يا فوده ارضى بنصيبك معايا وتمم جوازنا، أنا اختارتك انت مش حد غيرك، رايدك شريكي،انت بجى رايدني ولا هتهملني للعمدة وولده يفضحوا ستري
هز رأسه رافضا عرضها لشعوره باستغلالها اذا تمم زواجه بها وهي بنت الحسب والنسب لكن جار عليها الزمن،
شعرت بتردده فحسمت أمرها بان تهب له نفسها حتي تصبح زوجته حتي إن هانت رجولته حتى ترغمه علي اتمام الزواج
فنظرت اليه بدهاء أنثى :
الرجولة تجولك انك تهملني للكلاب تنهش ولا تلم لحمك وتسترني، ولا انت بينك فيك حاجه وملكش في النسا واصل
ااشتعل وجهه بنار الغضب وامسكها من ذراعها بعنف وقال:
مش معنى اني رايد اصونك انك تغلطي فيا، حاضر يا حسنه انا هوريكي دلوج انا راجل ولا لاه
دفعها الي غرفة نومها التي لم يطأها منذ زواجه منها وألقاها علي الفراش ونزع عنه جلبابه ونظر اليها برغبة وكبرياء رجل اهين في رجولته، ثم اغلق الباب عليهم لينهي حياة كان يحياها معها كرد للجميل، ويفتح باب علي بداية حياة أخرى أساسها المشاركة بعد ان اصبحت زوجته شرعًا وقانونًا
_______________
انتصف النهار ونهضت حسنه من جوار زوجها وبداخلها احساس بالراحة والسعادة يتغلل فيها بقوة
من بعد أول ليلة زواج مع زوج عاشق اضناه الانتظار و حرم نفسه منها لعامان دون أمل وهو يذوب بها عشقًا، وحين نالها نسى نفسه واطلق العنان لرغباته
دخلت المرحاض واستحمت والبسمة تعلو محياها بسعادة ورضى ، وبعد ذلك ارتدت عباءتها وراحت تصلي الي ربها وتشكره، علي اعطائها زوج حنون وشهم كما زوجها الذي ستر عرضها وأصبح لها كل دنيتها بإتمام زواجه بها
وبعد ان أنهت صلاتها تذكرت ليلة زفافهم وكيف كان شهم معها، وحرمها علي نفسه حتي لا يستغل براءتها التي كان رجل حقير لا تعلم من هو سيسلبها شرفها وبراءتها ويغتصبها
بعد ان انتهت ليلة زفافهم في دار العمدة وسمعت الكثير من رفيقاتها الذي استغربوا رضاءها بهذا الغفير الفقير وهي بنت الحسب والنسب حتي ان مال عليها الزمان
دخل بها داره وادخلها غرفته نومها وتبسم في وجهها قائلًا:
من اليوم انتِ ست الدار لا في حد هيغصبك علي حاجة ولا يأمرك بحاجة، حتي خدمتي واكلتي ماريدش منك تعمليهم
بتكفي انك هتنوري داري يا بنت الاشراف
انكست رأسها خجلًا وانتظرت أن يساعدها في نزع طرحتها الا انه تركها وهما بالخروج،وحين شعرت بدعساته علي الارض تبتعد ، رفعت رأسها ونظرت اليه فرأته خارج فسألته بحيرة:
علي فين رايح يا فوده ومهملني لحالي
أبتسم وعاد اليها وقال برضا وهدوء:
مهملك لنفسك وحياتك اللي مش لي، انا اتجوزتك لاجل انفذ رغبتك وانجذك من ظلم مرت العمدة وولده اللي عينه منك
لكن مش لجل تكوني مرتي وليا عليكي حجوج انت لستك صغيرة ومفهماش الدنيا، لما تكبري ماريدش تندمي
امسكت ذراعه بقوة وألقت نفسها علي صدره :
لاه انا مش صغيرة ، البنتة بيتجوزوا اصغر مني، فاهمين الدنيا زين، بس انت اللي ناضرني كتير عليك مخبراش ليه
اخذ بيدها واجلسها علي الفراش وربت علي خدها وقال:
هجولك ليه ناضرك كتير عليا وانا ملجش بيكي،
انا مليش لا حسبك ولا نسبك يا بت الاصول، ولحم كتافي من خيركم،اماي بعد الفيضان اللي دمر بلاد كتير فجدت كل اهلها ومنهم بوي، رمتها بلاد وجابتها بلاد لحد ما نزلت بلدكم وكنت ولد سنتين علي يدها، اشتغلت داية لجل تجدر تربيني
ومن حسن الحظ ولدت مرت جدك الولد الأخير ،
من فرحة جدك بولده حلف ما تفارج داره، وفضلت بداركم سنين، لحد ما بدء عمامك يتجوزوا واحد ورا الثاني ، يومها جدك بني ليها دار وعشت فيها انا وهي
هملت داركم بعد ولادتك وكنت بزور داركم اللي عيشت فيها احلى سنين عمري، و رأيتك بتكبري جدامي
كنت دايما تعطيني من اللي في يدك، ولما كبرت وبجيت راجل جدك طلب من العمدة يشغلني عنديه
وبعدها ماتت اماي وانا لازمت دار العمدة لان الدار بجت عفشة من غيرها،
لحد ما ولعت داركم وكل من فيها مات وماتت كل ذكرياتي وحياتي الحلوة اللي عشتها فيها، لكن ظهورك خلاني لستني عايش وسعيد واجسمت لاحميكي بروحي
يا ست وبنت سيدي ولاجل اكده يوم ما حصل اللي حصل نجدتك ونجدت روحي من اهمالي فيكي و كنت هجلد نفسي بسببها لو جرالك حاجة
رايده بجي بعد كل ده اتجوزك، ويكون مجامي من مجامك
لا يا ست البنته انت نجمه عالية جوي في السما، ما يستحجها غير اللي يليج بيها ويناسب مجامها العالي
وده مش انا يا حسنه، انا سندك وأمانك وبس فاهمة
كانت حسنه تبكي من هذا الرجل الذي يتذكر طفولتها وعزها الزائل ولا يرغب بها كزوجة لانها اكبر منه حسبا ونسبًا ومقامًا واحترامًا جدها من أواه وأوى امه سنوات
كفكف دموعها بحنان ونهض فجأة واتي بعلبة من النحاس واعطاها لها
خدي ده كل مالي كنت داسه يمكن اتجوز بيه،لكنك دلوج أولى بيه اشتري كل اللي نفسك فيه
ومن أول الشهر هعطيكي كل اللي بخده وانتِ دبري حالنا بيه
موافجة يا ست البنتة
ومن اليوم الدار دي دارك وهي بحج ربنا دارك وبمال اهلك يعني انا متفضلتش عليكي ده خيركم عليا
وقام فأمسكت يده وقالت:
هتهملني لحالي انا بخاف انعس وحدي خليك جاري لحد ما انعس بالله عليك يا فوده
ربت علي رأسها وقبل جبينها وقال بحنان:
حاضر يا بنت الاشراف من عيوني،تركها تغير ثيابها واخذها بحضنه كأنها طفلته وليس زوجته الي ان نامت
ونهض من جوارها وافترش الارض ونام وقال في نفسه:
ده مكاني وده مكانك مينفعش اكون جارك لاني مش من مجامك
عادت حسنه من رحلة ذكرياتها علي جلوس فوده أمامها وامسك بين كفاه وجهها الذي كانت تجري عليه الدموع وقال:
مالك يا ست الناس عايطه ليه، ندمانه ولا ألمتك بغشمي عليكي، لو اكده سامحيني
ضحكت وأمسكت يده التي تكفكف دموعها وقالت:
أنت اللي سيدي وجلبي ونور عيني،وانا عايطة لاني حزينة اني ما كنتش مرتك من أول ليلة وحرمتني من حبك وحنانك عليا، ولاجل تسعدني جوم خدني في احضانك وما تهمل حضني غير لما تعوضني عن كل اللي فاتنا جولت ايه
نهض فوده وجذبها من علي الارض وضمها الي صدره قائلًا:
مدام مش ندمانه انا هشبعك حب وعشج وهعوضك كل اللي فات واللي جاي المهم تكوني راضية
وجبلها انا اللي هجهز ليكي الوكل وأكلك بيدي ، لاجل ما اريحك يا عروستي الحلوة،
وتنهد بسعادة تغمر قلبه وهتف بحرارة :
اباه الجواز حلو جوي جوي يا بوي
وحملها بين يداه ليكمل معها حياتهم السعيدة التي يتربص بها الغير،دون شفقة او رحمة عليهم
اكثر من شهران مروا علي اتمام زواجهم ، كانت زوجة العمدة تستمع الي حديث زوجها وهو يحادث احد رجاله في البحث عن طريقة ليتخلص بها من فوده ما ان تلد زوجته
فأشتعلت بقلبها نار الغيرة والحقد علي حسنه، وفي اليوم التالي كانت لديها وخرجت من عندها مع احد زوجات الغفر
وعادت الي بيتها وهي سعيدة بما انجزته
اما فوده فقد عاد الي داره بعد انهاء دوام خدمته ليدخل الدار باحثًا عن شمس حياته وبهجة عمره من اعطت له هدف لحياته المظلمة :
ليراها تفترش الارض والدماء تسيل منها ...،؟!
