رواية معشوقه الصقر الفصل الثالث عشر 13 بقلم ساميه صابر
رمقها الظابط لثوانٍ وقال بتساؤل
=انتِ مُتأكدة من كلامك يا عليا ؟
قالتِ بثبات
=ايوة مُتأكدة ..
هز رأسه بتفكير ثُم طرح عليها سُؤال آخر وهُو يقُول
=طيب ليه قتلتيه ؟
قالتِ بشرود
=حاول يتهجم عليا فقتلته.
قال الظابط
=بس علي حسب كلامك البواب انه كان جوزك وازاي جوزك وهيتهجم عليكِ ؟
قالتِ بتوضيح
=جوازنا غصب وكان ع ع..
لم تستطيع أن تتحدث ففهم مقصدها وقال بصوتٍ عالي
=يا عسكري ..
اتي وقام بفعل التحية العسكرية وهُو يقُول
=نعم يا فندِم ؟
قال وهُو يُشير لعليا
=رجعها السجن ..
بالفعل اخذها ووضعها بين المساجين مرة اخري، انزوت علي نفسها وظلت تُردد أدعية استغفار وتُسبح لله مُستعدة للموت فقد سأمت تلك الحياة .
أغمضت عينيها تتمني وجود صقر معها لكِنها تعلم انهُ عرف الحقيقة او ذلك توقعت فأبتعد أو رُبما غضِب عليها ، أغمضت عينيها تبكي بحسرة شديدة فقد فقدت كُل الشيء حتي الحياة..
___
اغلق الهاتف ينظُر امامهُ بذهُول، لتقُول روان بتساؤل
=فيه ايهِ يا أستاذ محمود ؟
قال بذهُول
=انا مِش قادر اصدق، عليا تعترف انها قتلت هيثم ؟
اتسعت عينيها ذهُولاً وشلت الصدمه لسانها، قالتِ بعدم تصديق
=ليه عليا تقول كدا ؟ وليه من الأساس تقتل هيثم دا هُو يقربلها ايهِ اصلاً او عملها ايهِ؟
قال محمود بضيق
=دا ال محيرني بس كدا القضية لابساها وهتاخُد فيها إعدام، لازم نكلم صقر بيه حالاً .
قالتِ روان بتفكير
=طيب وصقر هيعملها ايهِ ؟
=اهُو يتكلم معاها او يقولنا حل ما هُو مِش هنفضل واقفين كدا وخصوصاً ان خلاصِ معاد الجلسة بقا بُكرا لأنها اعترفت وكمان هتبقي جلسة واحدة بس ..
امسك الجوال وحاول الإتصال بصقر أكثر من مرة ولكِن دون جدوي، قالتِ بضيق
=مِش بيرُد صح ؟
=للاسف صح، طيب هنعمل ايهِ ؟
هوت علي اقرب مقعد قائله
=مِش عارفة ..مِش عارفة افكر حتي !
____
خرج الحاج سُليمان برفقة المُحامي، وقال بصرامة
=انا ما أعرفش الموضوع بالظبط بس عاوزاك تتصرف وتطلع عليا بأي طريقة، مهما حصل هي مظلومة.. انا ال غلطان اني جوزتها هيثم الكلب دا وما حاولتش افهمها واكيد عملها حاجة خلاها تقتله بس عموماً اول ما هنوصل، هنعرف كُل حاجة ...
قال المُحامي بهدوء
=ما تقلقش يا حاج انا هعرف اتصرف بس لازم علي الأقل اعرف الموضوع علشان اعرف اتصرف.
قال سُليمان بتفكير
=هكلمك ال بيجيبلي الاخبار وأخليه يعرف لينا الحقيقة ..
___
مر الليل بين مُندِهش، وحزين، ومصدِوم وبين فاقِد لذة الحياة .. لم يوصل أحد لدليل، وظل كُل مِن المُحاميين، يبحثان عن اي دليل يُخرج عليا الا انهُم لم يروا لأنها اعترفت علي نفسُها وهكذا تقريبًا القضية مُنتهية .
حاولوا العثور علي صقر الا انهُم لم يروه.
____
دلف الي المحكمه يمشي ببطيء نظراً لإرهاقه وتعبه، أقترب من روان وربط علي كتفها انتفضت لكنها هدأت قليلاً، اقتربت مِنهُ قائله بضيق
=انت ليه خرجت انت لسه تعبان !
ملس علي يديها بنعومة وقال
=ما كنش ينفع اسيبك ف ظرف زي دا بعد ما عرفت مِن المُحامي بالصُدفة، المُهم عرفتِ ليه عليا عملت كدا ؟
قالتِ بضيق ودِمُوع
=انا واثقة ان عليا ما تعملش كدا يا امجد رغم ايامنا القُليلة بس انا وثقت فيها، ال هيجنيني ازاي تعترف علي نفسها انها ال قتلت بس ؟
قال امجد بتفكير
=طالما اعترفت يبقي عملت كدا !
قالتِ برفض
=بقولك ما عملتش كدا لا، المُشكلة انهُم ما نعين الزيارة عنها والمُحامي مِش عارف يعمل حاجة، حتي جدها لسه واصل ومعاه مُحامي ومِش عارفين يشوفها ولا يعملوا حاجة ..
صمت امجد يُفكر حتي قال
=طيب وفين صقر؟
قالت بعصبية
=اهُو دا حكايته حكاية مِش عارفة اوصله ..
قال امجد بتنهيدة
=اهدي بس ان شاء الله خير ..
تمتمت بخفوت
=يارب .
ما جعلهُم يصمتون صوت احدهُم وهُو يقُول
=محكمه ..
جلسا الجميع في نظام وهدوء، بينما أتت عليا بحالتها المُرزية والمُشعثه ووقفت صامِتة، تنظُر للأسفل وعينيها شلالات مِن الدِمُوع ..
رمقها جدها بحال مُنفطِر يبكي من اجلها، فقد ألقاها بالنار دون أدني شيءٍ.
كانت قضيتها مُختلفة تماماً لذا قال القاضي دون سماع كلام المُحاميين، ف القاتلة اعترف وانتهي الأمر
=حكمت المحكمة حضورياً علي المُتهمه عليا بعد سماع اقوال الشهود واعترافها بجريمة القتل، حكمت المحكمه بالأعدام شنقًا وانتهت الجلسة .
صرخت روان بفزع وهي تبكي بينما أحس سُليمان بأن الدِماء انسحبت ببطيءٍ مِن جسدُه وان روحه ذاهبة لمن خلقهُ ، أعاد الحياة اليهُما صوت قوي قال
=لحظة بس يا حضرة القاضي
توقف القاضي مكانه وأعاد يجلس، بينما قال صقر وهُو يخلع نظاراته السوداء
=عندي دليل يثبت انها ماقتلتش ..
كانت فاقدة للحياة ولكِن صوته ورجولته ومظهرهُ أعاد الروح لقلبها وأبتسمت بدِمُوع فتوّد رؤيتهُ قبل الموت ولم تُركز بما يقُول فقط عينيها مُتعلقه بهِ بشِدة!
قال القاضي بأستهزاء
=اذا كان هي اعترفت انها قاتلة .. وانت جاي جايب أدلة بصفتك ايهِ؟
قال ببساطة
=تقدر تسمعني وبعدها تقرر.
أخرج ملف أوراق ووضعهُ امام القاضي وقال
=هيثم كان كُويس وكان عايش والتقرير الطب الشرعي بيأكد دا ، بس حضرتك فيه ورق بيأكد انه مات مِش بسبب المطوة بسبب قطع جهاز التنفُس عندُه ، وكدا هُو فقد اكسُجين ومات ، معناها انه كان مقصود ان فيه حد يقتله..
قال القاضي بهدوء
=ما يمكن هي عملت كدا علشان تخلص منه لما عرفت انه عايش ؟
قال بثقة
=بس هي مالهاش مصلحه انها تعمل كدا وف نفس الوقت ال مات فيه كانت هي تعبانه وفي المُستشفي وكان فيه عليها عسكري وكمان ايديها كانت مربوطة ف السرير ف تقدر تقولي ازاي حضرتك هتقتله علشان تدخُل السجن مثلاً !
تابع بثقة أكبر
=ومع الورق دا فيه ورق بيأكد ان فيه بصمات اتحطت علي جهاز الأكسجين وشالتها ، والبصمات مِش لعليا دي لبنت أسمها أميرة وبكدا عليا مظلومة وبريء مِن التُهمة دي لأنها ما تقلتوش بس فيه حد تاني عمل كدا !
قال القاضي بعدما اطلع علي الأوراق
=معاك حق بس هي بردوا هتفضل علي ذمة التحقيق لحد ما نلاقي ال عمل كدا بس وليها عقوبة علشان فكرت تقتله لكِن عقوبتها هتبقي خفيفة، ونحدد معاد الجلسة القادمه بعد ثلاث ايام لحد ما نلاقي القاتل الحقيقي او أميرة دي ، رُفعت المحكمة .
انتهت الجلسة وعليا مازالت واقفة تنظُر لهُ، التفت لها ووقف امام حبسها رمقها بنظرات تحمل الكثير والكثير ، طغي عليها الإشتياق وقال بنبرة جدية
=انا معاكِ وهفضل هتطلعي مِن الازمه دي ما تقلقيش ..
أغمضت عينيها تتركها تبكي براحة وأخذها العسكري الي الحبس وعينيها تعلقت بعينيهِ حتي أختفت، قال بصوت مبحوح
=يا تري الدِمُوع دي ليه يا عليا ؟
وقف أمامه سُليمان وقال بشكٌر
=مُتشكر اوي يا بني مِش عارف ازاي اشكُرك واردلك جميلك ..
أبتسم صقر وقال
=دا واجبي ومع ذلك بعد ما عليا تطلع ابقي اطلُب ال عاوزه.
أبتسم سُليمان وقال
=طبعاً وانا تحت امرك يا بني.
قالتِ روان بتساؤل
=كُنت فين يا صقر قعدنا ندور عليك كتير اوي ونتصل وما فيش اي رد ..
قال صقر بلامُبالاه
=نتكلم ف الموضوع دا بعدين يلا روحي لماما وخليكِ جمبها وخودي معاكِ الحاج سُليمان ما ينفعش يروح فُندق وبيتنا موجود وانا عندي كام مِشوار ..
قال سُليمان بحرج
=لا يا بني مُتشكر انا هروح اي فندُق وخلاص
قال صقر بأصرار
=لا واللهِ ما ينفع يا راجل يا بركة لازم تروح بيتنا يلا يا روان.
اومأت روان برأسها بعدم راحة واخذت الرجُل معها واوصلهُما أمجد بينما انطلق صقر لا يعلم اين يذهب ولكِن اخذتهُ قدماه الي البحر انقي مكان كما يعتقد ..
___
جذبت الغِطاء علي والِدتها مريضة القلب ، وتنهدت وهي تبكي برجفة خرجت مِن الغُرفة سريعًا حتي لا تري عينيها التي تذرفان الدِمُوع، أستمعت لصوتٍ دقات عالية علي باب الشقة لذلك فتحتهُ ببطيء لتري مجموعة مِن الشُرطة أبتسمت بتهكُم قائله
=انا جاية معاكُم من غير شرح بس ثواني ..
أمسكت أخواتها الصُغار وقالتِ بقهر
=انا ماشية للأبد.. خلي بالكُم مِن نفسكُم ومِن ماما، ها يا محمود وانت كمان يا يُوسِف ماشي ؟
قال يُوسف بمرح
=ماشي بس هاتيلي شوكولاته ...
أبتسمت بقهر وقبلتهُما وامسكوها الشُرطة ووضعوها بالسيارة وهي مُستسلمه تماماً، لم يبقْ شيء لتخسرُه فقد أنتهي كُل شيءٍ.
وقفت أمام الظابط مُطاطأة الرأس قال مُتسألاً
=أميرة انتِ اكيد عارفة جاية ليه ؟
قالتِ بشحُوب
=انا عارفة .. وبأكد اني انا ال قتلت هيثم وشيلت عنه الأكسُجين ..
قال الظابط بتفهُم
=يعني بتعترفي !
هزت رأسها بصمت ، ليامُر العسكري بوضعها بالسجن حتي يتم الحُكم عليها..
___
نُظمت المحكمة صفوف وجلس روان ومعها أمجد وسُليمان وصقر الذي جلس يرمُقها بين الحين والآخر ..
جلس القاضي مع أعوانه وقال لاميرة
=عاوز اعرف قتلتيه ليه؟
قالتِ بدِمُوع
-علشان أنتقم لشرفي، البيه اغتصبني بالعافية ولما طلبت يتجوزني ما رضيش، وانا خسرت كتير اوي بسببه وكان لازم اقتله علي ال عمله فيا ودمرلي مُستقبلي وحياتي ..
رمقها القاضي بهدوء وبعد حديث دام لدقائق، قال بصرامه
=حكمت المحكمة حضورياً علي المُتهمه عليا بالبراءة وعلي أميرة بتحويل أوراقها لمُفتي الجمهُورية والحُكم ف الجلسة الثالثة ..
صرخت روان بفرحه وكذلك سُليمان لم تُفراق الابتسامة وجهُة ، بينما كانت عيني عليا فارغه تمامًا في حين أبتسمت أميرة بتهكُم ..
تم إخراج عليا وكان الجميع ينتظرها في الخارج، ما أن خرجت حتي أرتمت بأحِضان جدها الذي احتواها برفق وادمعت عيناهُ بعد عناق دام لوقت، قال سُليمان وهُو يربُط علي كتفيها
=ما تخافيش يا عليا انا هنا جمبك ..
تعلقت بهِ أكثر وكأنهُ ملجأها الوحيد ، لا تُصدِق أنها حيَّه وعلي قيد الحياة..
تابع بأمتنان ل صقر
=مِش عارف اقولك ايه يا بني ..
قال صقر بغموض
=تسمحلي اطلب الطلب ال وعدتني بيه .
قال سُليمان بأبتسامة
=اتفضل يا بني.
انتبه الجميع لهُ بينما قال هُو بثبات
=عاوز اطلُب ايد عليا للجواز مني !
