فى شقة الهرم (الجزء الخامس)... قصة رعب ...
نزهه ليلية رائعة ..... فى المقابر
لماذا دائما ما تتعلق الابنه بالاب بهذه الطريقة المرضية فناهد توحدت تماما مع الاب واصبحت له الخادمة والمتهمة بكل شئونه
الخاصة لدرجة اثارت غيرة الام والاخوة الرجال حتى بعد زواج ناهد ازداد تعلقها بابيها لدرجة الجنون وبادله الاب حب باهتمام ولبى كل طلباتها مبديا اهميتها لديه عن باقى اولاده وعن زوجته كانت تشعر به اخا توأما لها تهتم بمظهره وبعطره وتشترى له الملابس بنفسها وعندما يمرض ترقد بكل اصرار تحت قدميه تداويه وتدلكه وتترك زوجها واولادها من اجله كانت تبر به بدرجة هيستيريه وهو يبادلها بحنان الاب واهتمامه ورعايته وكان لا يطيق ابدا ان تعاملها الام بجفاء او ان يؤذيها جابر زوجها او يدوس لها على طرف وكان دائما ما يتبادل معها الاسرار الخاصة بعمله ومكاسبه دون الام وكان لا يثق الاب الا فيها
وعندما تزوجت ناهد من جابر ادرك هو ان العلاقة بين البنت وابيها علاقة مرضية وانه لن يستطيع زحزحة هذه العلاقة خصوصا ان والدها هو عمه وصاحب الفضل الاول عليه فى تكوينه كتاجر ورجل محترم بين الرجال ومع تقدم الاب فى العمر ونمو اولاده زادت المسئولية على ناهد كأم فاصبحت تتابع ابيها بدرجة تركيز اقل ولكن على مضض منها واستمرت الحياه ومع رغبة ناهد الشديدة فى انجاب البنت توهجت الخلافات بينها وبين زوجها خصوصا عندما حملت رغما عنه وتدعيم الاب لها فى هذا الانجاب
وقبل الولاده بشهرين كان الاب فى طريقه للقاهرة بعد رحلة عمل فى الاسكندرية ليقع حادث ماساوى على الطريق الزراعى ليموت الاب تاركا الجميع فى ذهول الاحزان وليختفى جابر بعد العزاء بيومين بعد عدم تحمله لمظاهر الحزن العارمة لناهد نفسها
نظرة قريبة لناهد المذهولة من فاجعة موت ابيها
تلقت ناهد الخبر ببطن منتفخ من الحمل و عقل مشغول بتغير معاملة جابر لها ليطيح بها الحزن فى هوة عميقة بلا قرار
فاصبحت كالمجانين تصرخ وتلطم وتقطع شعر راسها وتمزق لحم وجهها وقد اصابتها لوثة مدمرة واصبحت غريبة الاطوار لا تاكل ولا تتعامل ولا تنظر ولا تهتم باى تفصيل - تتحرك كالتمثال وتعجن طحين الحزن بماء عينها وتخبزه فى لهيب حرقتها على الغالى المفقود تلعن وتسب الزمن والايام وتشاءمت بعمق من وليدها المنتظر وقد ايقنت انه نحس وانه سبب كل الكوارث التى حلت بها فزوجها هجرها ولم يراعى حزنها العميق ومات الواد الذى تعتبره السند والحبيب فى الدنيا ولم تعد تطيق الحياه نفسها وتمنت الموت لتلحق بابيها فهى لا تطيق انفاسها التى تثبت انها على قد الحياه بينما ابيها الحبيب فى عالم الموت
لشد ما تغيرتى يا ناهد وذبلتى واصبحت كعصاه يابسة متورمة من المنتصف بحمل لا تريديه اصلا
يجيء الليل وينام الجميع باحزانهم السطحية لتنعمى انتى بالنصيب الاعظم من الاحزان وفقدت الحياه نفسها الطعم واللون والرائحة تصحين من غفوتك على دموعك الحارة وتنادين بكل يأس على من لا يرجع ترغبين بشده فى رؤيته
نعم اريد ان ارى ابى اريد ان ازور ابى تقومين من رقدتك عازمة على الذهاب للمقابر تنزلين على السلم ليجدك اخ من اخوتك او ابن من ابنائك او امك ذاتها تصرخ فيكى بانك جننت ولكن كل هذا لا يهم اننى اريد الذهاب لابى
يجبروك على الرجوع بكل الطرق تنهار مقاومتك وتستسلمين رغما عنك كما تركت جابر رغما عنك ومات ابوكى ايضا رغما عنك
وفى ليلة قمرية وقد نام الجميع تقوم نادية وكانها منومة مغناطيسيا تلبس عباءة سوداء وتلتفح بطرهة سوداء وتتجه ناحية بابا شقتها بهدوؤ حذر فالساعة تقارب الواحده صباحا وقد نام الجميع تتسحب خارجة من الدار ومتوجهة رأسا الى مقابر الاسرة حيث يرقد ابوها
تخرج للشارع وتشير لاول تاكسى وتطلب منه التوجه للسيده نفسية
ينظر السائق لبطنها المنتفخة باشفاق ويوافق على مضض ظنا منه انها تريد الذهاب الى الحى نفسه ولا يعرف انها تريد الذهاب الى المقابر المتاخمة للجامع الكبير
تركب معه ساهمة شارده يحاول التحدث معها لا ترد عليه فقط تنظر للطريق وتتعجل الوصول للمقابر
تنهب السيارة الطريق بسرعة بفعل تأخر الوقت فالساعة قاربت على الثانية صباحا
تصل السيارة للمنطقة التى هيى عبارة عن شوارع مظلمة تحفها احواش المقابر من الجانبين قبل الوصول للمسجد الشهير تأمره بالتوقف فى منطقة ساكنه قريبة من مقبرة الاب يتوقف السائق مندهشا وتترجل من السيارة وتلقى له بالنقود دون ان تنظر له
ينظر لها السائق بدهشة اكبر ويشعر بخوف غريب منها ويتحرك مسرعا تاركها وحدها تمشى فى الشوارع الجانبية المظلمة للمقابر
تمشى بهدوؤ واطمئنان وذهول وكانها انسان آلى لا يعى ما يفعله
تتحرك من الشارع الواسع الى الشرايين الضيقة المظلمة قاصده مقبرة الاسرة
لا تخاف ولا ترمش عيناها
تمشى بحملها المنتفخ متوجهة بمنتهى الثبات حيث المثوى الاخير والرقده النهائية للاب العزيز
لا تهتم بظلام ولا تكترث بالموت
ها انا على وشك الوصول يا ابى الحبيب
وقبل الوصول الى الممر الضيق الواصل لمقبرة الاب نفسه
تمشى على ارض متربة غير ممهده وغير متماسكة ايضا
تمشى بصعوبة لكن بثبات تشاهد شاهد القبر من بعيد وهى تعرفه مطبوع فى ذهنها
تتحرك ناقلة اقدامها على التراب
الدموع تحتشد فى عينها تتجمع وتتجمع لتجعل الرؤيا عسيرة حقا
تتسارع انفاسها وتستعد للعويل والبكاء
تقترب وتقترب من القبر
وفجاه
تنزلق قدماها فى حفرة لم تكن تراها بسبب الدموع
ليختل توازنها بفعل غرس قدماها فى الحفرة الى ركبتيها
لتتهاوى على الارض الترابية منكفئة على وجهها وعلى بطنها المنفوخ بكل عنف ومفاجأه
يصطدم وجهها الابيض بالتراب وتدور الدنيا من حولها
وعندما تدرك انها تفقد الوعى ترى بعيون غائمة
كلب اسود ضخم يقترب منها ببطء وثقة
وقبل ان تغيب تماما عن الوجود تمنت ان تموت سريعا
