رواية لاتتحدي الصقر الجزء الثاني2الفصل الثالث3بقلم اسماء عبد الهادي


 

رواية لا تتحدي الصقر من الجزء الثانى

الفصل الثالث


نتحمل ساعات الانتظار الصعبة وربما قد يصل بنا الحال إلى الانتظار بالأيام والشهور على أمل عودة الأحباب ،طالما هناك أمل فسيهون علينا ملل ومر الانتظار ،لكن تُرى هل سيكون إنتظاره ذاك بفائدة ...


___

جاء إلى زعيمه مهرولا وتعتلي وجهه قسمات وجلة يخاف من فشل خطتهم_إلحق يا زعيم ده باعت يعمل تحليل DNA، وهيكتشف الحكاية قبل ما تبدأ واللي عملناه هيضيع على الفاضي


إمتلأت الغرفة بالأصوات الصاخبة إثر ضحكات زعيمه الذي رمقه بنظرات باردة مخيفة تنبع من قلبه الجامد الذي لا حياة فيه _إنت شكلك غشيم أوي وهتتعبني معاك 


فتح الرجل فمه ببلاهه ولا يدري لم يضحك زعيمه بهذا الشكل وكاد يتكلم لكنه فضل الصمت والاكتفاء برمقه  بنظرات مستفسرة 

ليردف الزعيم_صقر عايز التحليل!! هنعمله وهيطلع إيجابي كمان


ليقول الرجل بحماس_ هنرشي معمل التحاليل علشان يغشوا في النتيجة مش كده ياباشا 


أجابه  بأعين كالحية بعد أن ضغط زرا ما لتحضر الخادمة في الحال  _العينة اللي هتتحلل هي عينة مودة الحجيجية وبكده هتطلع النتيجة إيجابية 


لتلمع أعين الرجل فلقد فهم ما يرمي إليه زعيمه فابتسم بخبث هو الآخر









حضرت الخادمة تطأطأ رأسها_أفندم يا سعات الباشا 


_بتعرفي تسحبي دم مش إكده!!!


رفعت أعينها لتنظر لسيدها_ايوة ياباشا بعرف 


_هاتيلي عينة من مودة  وحالا تكون عندي 


هتفت الخادمة وهي تغادر غرفة سيدها تلبي أوامره_حاضر يا باشا .

وما هى إلا دقائق معدودة حتى عادت ومعها عينة دم تخص مودة _العينة اللي طلبتها ياباشا


أشار الزعيم بعينيه إلى الرجل فأخذها من الخادمة ثم أردف الزعيم_أظنك عارف هتعمل إيه ،مش محتاج أشرحلك 


_عارف ياباشا متقلقش .


رقد هو على كرسيه يحرك قدمه بسعادة يتخيل ردة فعل الصقر بعدما تخيب نتيجة التحليل ظنه 

______


رأتها تجلس في مكانها كعادتها كل يوم ومنذ اسبوع وهي على ذلك الحال منذ ذلك الانفجار اللعين والذي خلَّف وراءه أضرار بالغة وضحايا أبرياء لا ذنب لهم ،تأتي تنتظر أن يخرج أحد



 طاقم التمريض فيخبرها بشأن ابنتيها وعندما لا تجد جديد جد ،ترحل ساحبة خلفها دموعها التي لا تتوقف ولسان حالها لا يتوقف عن الدعاء لهن وأن يردهن الله لها سالمين


وكذلك الحال مع أخيها وابنها وصاحبه لكنهم يظهرون تجلدا أكثر من تلك السيدة البائسة .


استند عادل بظهره إلى الحائط جوار صديقه ينتظران خروج إحدى الممرضات فقطع إنتظاره رنين هاتفه فأمسكه لينظر إلى شاشته فيلوى فمه بامتعاض ويهتف بعد أن ضغط زر الرد_نعم يا سوسو خير 

....

_لا مش فاضي اليومين دول 

...

_نتكلم وقت تاني،سلام  


لينظر له صديقه أسامة لكنه لم يعقب ،فلهفتهم على محادثة تلك الفتيات اللذان كانا لا يبحران عن محادثتهم ليل نهار ،قد زالت منذ أن أن رقدت الفتاتان بالعناية ولا أحد يعرف مصيرهما حتى الآن 


انتظروا دقائق أخرى حتى خرجت إليهم الممرضة بوجه غير الذى تخرج به بالعادة تزف لهم البشرى اقتربت من تلك التى لا تكف عن البكاء والنحيب وجلست جوارها تمسد على ظهرها بإشفاق محاولة رسم بسمة خفيفة على صدغها_عندي ليكي خبر حلو ياحجة

لتنظر لها ام عادل بلهفه وأعين لامعة بينما يصغي الجميع لحوارهما بإهتمام

فتردف الممرضة_ الدكتور سمح للبنات تخرج من العناية وقال أنهم الحمد لله بدأوا يفوقوا ،وبنجهزهم يخرجوا لغرفة عادية 


لم تصدق الأم ما تسمعه فبكت فرحا وقالت وهي تمسك يد الممرضة_روحي يابنتي إلهي يبشرك بالخير دايما يارب

لتبتسم الممرضه لسعادة السيدة وتؤمن على دعائها_يارب يا حجة يارب

____


أخذ يجوب  الغرفة ذهابا وإيابا فاليوم ستظهر  نتيجة التحليل ،قلبه ينبأه بأن روحها مازالت تعبق بالمكان لم تُسحب منه بعد 

يشعر هو بأنفاسها حوله في كل مكان ،روحه مازالت معلقة بروحها لم تنقطع .


تحدث  ذاك الذى شعر بالتعب لأجله_اقعد شوية ياصقر ،إنت بقالك أسبوع مستريحتش 


تنهد الصقر بتعب وضجر_النتيجة طولت كده ليه يابلال ،أنا تعبت من الانتظار 


بلال_أنا كلمتهم الصبح وقالوا النتيجة هتظهر خلال ساعات 


هتفت مريم بترقب هي الأخرى_يارب تظهر بقا أنا تعبت أنا كمان


فلم تكمل كلمتها ،حتى سمعوا من يطرق الباب فهرول الصقر ليفتح الباب ويأخذ الأوراق من ذلك المكلف بتوصيل نتيجة



 التحليل ،لم يهتم الصقر ليسمع ما سيقوله الرجل أو ماذا يريد بل أسرع بفتح المظروف بينما توجه بلال لإعطاء الرجل بقية أجره وشكره على توصيل النتيجة لهما، ليلتفت بلال إليهم


 فيجد الصدمة تعلو قسمات وجه الصقر ودموعه التي تنهمر بصمت مع حركات يده المرتعشه التى تقبض بقوة على أوراق التحليل 

كاد قلب مريم يخرج من مكانه من فرط القلق فاقتربت من الصقر تنظر ما الأمر_أبيه ... النتيجة إيه!!


أغمض الصقر أعينه بألم لتقع الأوراق من يده بإهمال ،

فتسرع مريم بإلتقاطها ويتطلع بلال للنتيجة معها فينصعقوا بأن النتيجة إيجابية ليتأكدوا جميعا أن الجثمان يخص مودة وبذلك ينقطع خيط الأمل الذي كانوا يتمسكون به ،لتهوى أفئدتهم وتقع بشدة لتصطدم بأرض الواقع المرير 


تسمر الجميع مكانه بصدمة وقبل أن يبدوا أي ردة فعل وجدوا الصقر يطرق برأسه بقوة بالحائط _إزاي! إزاي إحساسي كان غلط طول الفترة دي إزاي !


يعني خلاص مودة سابتني ومشيت ،أخدت قلبي معاها وراحت ،لله الأمر من قبل ومن بعد 


إقترب بلال من صديقه فرأسه بدأت تقطر دما يسيل على وجهه_صقر كفاية ،حرام عليك نفسك 


لينظر له الصقر بأعين دامعة مختلطة بلون الدم الذي يسيل على وجهه ولا يشعر بألم منه إطلاقا فمصاب قلبه أشد من أى


 ألم آخر_كفاية ... بتقولي كفاية..كفاية إيه بالظبط ...دى مودة يا بلال عارف يعني إيه !! ..يعني العالم ده كله ميجيش جنبها حاجه ...روحي راحت مني خلاص يابلال وإنا لله وإنا إليه راجعون 


ضم بلال شفتيه بأسف وحاول أن يكون متماسكا من أجل صديقه 

فما كان من صقر إلا أنه توجه للخارج بلا ادنى فكرة إلى أين سيتجه.


استمعت مريم لكلامه فلم تتحمله لتسقط على الأرض مغشيا عليها ،لحقها بلال بسرعة قبل أن تصطدم بالأرض محاولاً إفاقتها وبعد عدة دقائق فاقت أخيرا فتنهد بلال بارتياح ولكنها كانت لا تنطق فقط تذرف دموعا دون توقف فأحاطها بيديه



 لعله يخفف عنها مصابها ولكنه كان قلقا من أن يؤثر ذلك على جنينها الذي بات متعلقا به أكثر من ذي قبل من أجل صديقه ،فلربما ذلك الطفل يعوضه عن طفله الذي مات وهو لم يأتي للحياة بعد

فذهب بسرعة  ليبحث عن طبيبة تفحصها ،إلى أن وجدها وأتى بها إلى حيث ترقد مريم وشرح لها ما تمر به 


الطبيبة_هعطيها حقنة مهدئة علشان اعصابها ترتاح ،وحضرتك حاول تقف جمبها علشان تعدي المحنة دي علشان ميأثرش بالسلب على الجنين 

أومأ بلال برأسه شاكرا الطبيبة وانتظر إلى أن غفت مريم وطلب من إحدى الممرضات الإهتمام بها ،ثم انطلق حيث صديقه يشدد من أزره .

_____

اقتربوا جميعا من  الفتاتات بعد أن نُقلتا إلى غرفة أخرى غير العناية بعد أن رحلت الممرضات بعدما أنهين تعليق المحاليل لهن 

بدأت سلمى بفتح أعينها ،لتقول الام بصوت باكي_الحمد لله على سلامتكم يا حبايب قلبي ،الحمد لله يارب روحي رجعلتلي من تاني 


لتقول سلمى بتأوه_أنا فين وإيه اللي حصل؟ 

قال والدها وهو يقبل رأسها_حمدلله على سلامتك يا ضي عيني ،إنتي معانا هنا إطمني 


لتنظر سلمى حولها بتعب _أنا فين يابابا ،أنا أخر حاجه فاكراها الانفجار ومن ثم هبت فزعة تبحث عن صديقتيها_أميرة .....مودة جرالهم إيه؟

ومن ثم تصرخ بألم إثر حركتها المفآجئة وخاصة أنها مصابة بحروق كثيرة في أنحاء متفرقه من جسدها 








ليقترب منها عادل_براحة يا سلمى،أميرة جمبك على السرير التانى أهي 


فيعاونها أبيها على الاستلقاء ثانية فتدور هي بأعينها تبحث عن أميرة فتجد وجهها مغطى تماما بالاربطه ما عدا أعينها المنتفختان وفمها وأنفها فتقول بصوت باكي_أميرة حبيبتي ،إيه اللى حصلك؟

ثم تلتلف لوالدها الذي نكس رأسه_بابا هو ايه اللى حصلنا؟


عند هذه اللحظة فاقت أميرة فذهبت الأعين جميعهم تجاهها 

تأوهت أميرة بألم هي الأخرى تشعر بالآم الشديدة في وجهها فتحاول وضع يدها عليها وهي تقول_أنا فين ،وايه اللى على وشي أنا حاسة بنار قايدة فيه 


لتقترب أمها منها وتعانقها باكيه_ياحبيبتى يابنتي قدر ولطف الحمد لله انك قمتي بالسلامة 


لتهتف أميرة بألم_ماما ايه اللي حصلي أنا تعبانة أوى ،الألم صعب أوي مش قادرة اتحمله


فيتقرب عادل منها بأسف_أميرة يا حبيبتي معلش اتحملي ربنا يشفيكي 

أما أسامة فلم يتكمن من الصمود ورؤية أميرة على هذا الحال فقال هاربا من المكان_أنا هروح اشوف دكتور يجى يطمنا عليهم


وبمجرد أن خرج من الغرفة حتى سمح لعبراته ان تسقط بحرية فعلى ما يبدو أن أميرته قد تأذت وبشدة وبينما هو كذلك إذ بخاطبها وأمه يأتيان مهرولين يسألان عن غرفتها فنظر لهم شذرا وهو يقول لنفسه_لا فيكم الخير لسه فاكرين فينكم من أسبوع ولا حد سمعلكم خبر 

سأله محي_لو سمحت فين ...

وقبل أن يكمل أشار له اسامة إلى الغرفة وتوجه هو للبحث عن طبيب


__

طرقوا الباب ففتح لهم عادل وعندما رآهم قام بلي فمه بامتعاض منهم فلا أحد سمع عنهم شيئا منذ أن رقدت أميرة بالمشفى 

لكن محي قال بهفلة_ أميرة فين ياعادل وايه اللي حصلها أنا لسه معرفش غير امبارح بالليل لما رجعت من السفر 


تنهد عادل بحزن وأفسح لهم الطريق ليطمئوا على أميرة وعندما رأتها أمه على هذا الحال ضربت على صدرها_يالهوتي ...إيه اللى حصلك يا أميرة 


لتنظر أميرة إلى أمها بحزن_ماما هو أنا حصلى حاجه؟


لتمسد أمها على يدها بحنان بينما يمسك عادل يدها ويضغط عليهما فى محاولة لبثها الأمان _لا يا بنتي بسيطة وهتخفى بإذن الله كل حاجه بتأخد وقت 


اقترب منها محي_أميرة الف سلامة عليكي،كل ده حصلك وأنا معرفش 


ليرد عادل بغيظ_متعرفش إزاي ،الاخبار كلها بتتكلم عن الانفجار اللي حصل في علوم


محي بدفاع عن نفسه_صدقني معرفش غير امبارح ،أنا مش بتابع أخبار،ما أنت عارف ملبوخ في الشغل


لتقف أمه جواره_محي ياحبة عيني أول ما عرف صمم يجي بسرعة يطمن على خطيبته وكان هيموت عليها


صمت عادل بعدم اقتناع بينما ردت أمه_فيك الخير يابنى


الفت محي لسلمى ووالدها_الف سلامة على أنسة سلمى ياعمي


_الله يسلمك يامحي يابني


سمع طرقات للباب مرة اخرى فدلف الطبيب وخلفه أسامة الذى كان ينوى أن يعود أدراجه وخاصة بوجود خاطب أميرة بالمكان لكن عادل  نادى عليه_تعالى يا أسامة ،أدخل 

فاضطر للدخول ووقف بعيد نسبيا 


جاء الطبيب واطمأن على حالة سلمى اولا قائلا_الحمد لله ،الأنسة كويسه وبإذن الله بعد شهر أو اتنين بالكتير  وكل حاجه ترجع لطبيعتها 


هتف عبد الله بفرحة_الحمد لله ،ربنا يصلح حالح يادكتور


توجه الطبيب إلى حيث أميرة التي تشتكي من الألم ليفحصها وأمر الممرضة بتغير ضمادتها ووضع المرهم لتخفيف الألم

 

فحضرت الممرضه بالادوات المطلوبة ووضعوا ساترا امام الفراش حتى لا يرى أحد ما يفعله لكن أم محي أصرت أن ترى بنفسها الى اى مدى وصلت حالة أميرة 


___

توجه عادل الى حيث فراش سلمى يمازحها قليلا حالما ينتهى الطبيب من فحص أخته_ما أنتي طلعتي زى القطط بسبع أرواح أهو 


رمقته هي بغيظ وقالت بحزن_وحضرتك شمتان فيا طبعا ،الحمد لله على كل حال


ليرد هو بجدية_لا طبعا والله ،ده انا بهزر معاكي مش أكتر،ربنا يشفيكي إنتي وأميرة يارب،مالك قلبتي جد ليه؟


نظرت له سلمى ولم تعلق فمزاجها ليس حمل مزاح الآن 

ليردف عادل_لا يالوما أنا مش آخد منك على كده ،فين سلمى أم لسان طويل


لتقول سلمى بضيق  وترمقه بحدة_ما تلم نفسك عادل 


فيضحك عادل على هيئتها_طيب طيب متبصليش كده ،على العموم هأجل الرخامة عليكى لحد ما تقومى بالسلامة


فتقول هى بامتعاض_كويس إنك عارف إنك رخم


ليدعي عادل الغضب وينخفض نحوها هامسا_في واحدة تقول على خطيبها رخم؟


فترفع سلمى أحد حاجبيها_هو مين ده اللى خطيبي!!انت؟


_أكيد هو في حد غيري عبرك أصلا 


لتزفر سلمى وهى تكظم غيظها_اللهم طولك ياروح، عادل بالله عليك أبعد عني أنا تعبانة 


ليهمس لها ثانية_حاضر ياروحي، هروح أشوف خالي والواد أسامة ومحي بيتكلموا في إيه؟


___

بدأ الطبيب بفك الأربطة وبمجرد أن شاهدت أم محي وجه أميرة حتى شهقت بفزع ولكن هذه المرة بخفوت ،لكن أم أميرة لاحظت أمارات الضيق والتنافر على وجهها فأصاب قلبها الكمد على حال ابنتها

هتفت أم محي للطبيب لتطمئن على مسقبل أبنها_هى الحروق دى هتفضل فى وشها كده


الطبيب_كل حاجه بتأخد وقت علشان ترجع لوضعها الطبيعي ،الانفجار مكانش سهل وأنسة أميرة كانت أكتر المتضررين ،بس أحب أطمنكم أن الطب اتقدم وممكن تعمل  عملية تجميل و..


ردفت بتعجل واهتمام _يعني وشها هيرجع يانى يادكتور ،ولا عليه العوض 


نظر الطبيب باستغراب من تلك السيدة وحديثها الفظ هذا وأمام المريضة والتى يجب مراعاة حالتها النفسية أكثر من هذا _الكلام ده لسه بدرى عليه ،ومفيش حاجه بعيدة عن ربنا ،ادعولها انتم تقوم بالسلامة 


وتابع هو عمله في إكمال لف الضمادة على وجه أميرة المغمضة أعينها بتعب شديد 

لتهتف أم محي ثانية _بدري يعني إمتا يا دكتور ،هنستنى كتير ،ابنى مستعجل مش عايز يطول فى الخطوبة


ضاقت أم عادل ذرعا وطفح بها الكيل من تلك السيدة فقالت _في أيه يا أم محي ياختي ،دي البنت لسه خارجة من العناية النهاردة ، مالك كده حامية علينا 


ابتسمت أم محي بسخافة_أنا بطمن على أميرة 

ثم مطت شفتيها_الحق عليا ،أنا هروح أشوف محي ابني حبيبي فين،فوتكم بعافية


زفرت أم عادل وتنهدت براحة لمغادرتها المكان ثم قالت لنفسها_أعوذ بالله.


أنهى الطبيب عمله ووصف العلاج لأميرة وقال بهدوء_الف سلامة عليها ،ربنا يطمنكم عليهم ،أنا فى مكتبى لو فيه أى حاجه


رمقته بامتنان لصنيعه وحسن خلقه_شكرا يا دكتور 

الطبيب بابتسامة خافتة_ العفو،أنا حطيت لأنسة أميرة مسكن هينيمها فترة فمتقلقوش كده أفضل لوضعها الحالي


الام_كتر خيرك يا دكتور.

___

كان محي يتحدث مع عبد الله بشأن ماحدث بالانفجار فوجد من تسحبه من يده _تعالى يا محي عايزاك ،عن اذنكم يا جماعة 


سحبته خلفها خارج الغرفة ،ليسحب يده  بسأم من تصرف أمه المحرج ذاك_في إيه يا ماما، بتسحبيني وراكي أكني عيل صغير ليه ،يقولوا إيه عليا جوا


لتوي هي فمها بسخرية_ ياخويا يقولوا اللى يقولوه ،النسب ده مبقاش ينفعك، البت وشها مبقاش يتشاف دى بقت مشوهه


ليهز محي رأسه بضجر _يا ماما ،لسه بدرى على الكلام ده ،عارف ان وشها هياخد وقت ويرجع لطبيعته 


لتقول هى بحنق_وقت قد ايه ؟ انت خلاص كنت هتتجوز كمان كام شهر


ليزفر محي_مفيهاش حاجه لما نستني كمان كام شهر زيادة

شبكت هي أصابع يدها ببعضهم_وان ما رجعتش زى الاول ،هتعمل ايه يا حيلتها 


سحب محي يد أمه ليغادرا المشفى_تعالى نتكلم فى الموضوع ده فى البيت مش هنا 

______

بحث عنه حتى وجده يجلس وحيدا شاردا يستند برأسه على كلتا يديه يرثي زوجته الفقيد ويرثي روحه من بعدها 


ظل يراقبه على وضعه ذاك لبعض الوقت ومن ثم اقرب منه قائلاً بجدية_ صقر ،أنا عارف أن الوضع صعب عليك بس عارف انك هتقدر تتخطاه علشان عارف صاحبي طول عمره قوي التحمل 


رد عليه بقلب منكسر_صاحبك فقد قوته بموتها يا بلال ،خلاص مبقتش صقر اللي أنت تعرفه 


ربت على كتفه_هترجع زي الأول ،هتآخد وقت بس هترجع 

قال مثبتا وجهه على سطح المياه الزرقاء التى تعكس بمياهها الصافية تقاسيم وجهه البائسة _اللي انكسر مش بيرجع زي الأول مهما عملت وأنا أنكسرت بموت مودة ياصاحبي 


_ربنا قادر إنه يجبر كسر قلبك بإذن الله 


التفت إليه ببسمة تأبى أن ترسم على وجهه الحزين وكأن البسمة ماتت بموت مودته


_ونعم بالله ،ادعيلي يا بلال ،وخليك جنبي ياصاحبى ،أنا عمري ما حسيت بالضعف زي النهاردة 


_معاك ياصقر ومش هسيبك 

____

تمددت على الفراش بتعب وإعياء شديد ،دثرتها خادمتها جيدا بعد أن أعطت لها دواءها 

أحست في هذه اللحظة حاجتها لمهاتفة والدها لتطمئن عليه فهي هربت دون أن تخبر أحد مكانها رفعت هاتفها إلى أذنها بعد أن ضغطت على اسم والدها المدرج فى قائمة الاسماء لديها ولكنها سرعان ما أنهت المكالمة حتى لا يشعر والدها بتعبها


 وفضلت أن ترسل له رسالة نصية بدلا عن ذلك "دادي وحشتني سو ماتش، بليز دادي إهتم بصحتك ،أنا كويسة متقلقش عليا ،سوري مش هقدر أقولك على مكاني دلوقتي علشان اللي اسمه صقر ده ،لف يو دادي"

تأكدت من ارسال الرسالة ثم ألقت هاتفها جوارها وغطت في ثبات عميق

____

ذهبت لتضع لها طعامها وترحل مثل كل مرة لتفآجأ انها ملقاة على أرضية الغرفة ،أقتربت منها لترى ما بها فلم تجد منها اى ردة فعل ووجدت حرارتها مرتفعه جدا فهرولت نحو سيدها تخبره بالأمر 

الذي هدر بها بغضب_إزاي ده يحصل ،وانتى كنتى فين يابجمة إنتي؟


ابتلعت ريقها بخوف وقالت بتلعثم _حضرتك ياباشا ،اللي أمرتني أحطلها أكلها وأمشى علطول 


زفر غاضبا وقال مناديا على مساعده_هاتلي طبيب من معرفتك هنا بسرعة 

_أوامرك يا باشا ، هيكون عندك حالا 

___

حضر الطبيب وبدأ بفحص مودة الفاقدة الوعي ومن ثم قال بغضب_إنتوا ازاى سايبنها كده ،كويس إننا لحقناها فى الوقت المناسب،المدام كانت ممكن تروح فيها هيه والجنين 


لتتلون أعين الزعيم بغضب جم _إنت بتجول إيه يادكتور  ،يعنى اللى بطنها جراله حاجه؟


الطبيب_لا ، هيكون كويس مع الاهتمام بصحة المدام وبعلاجها واكلها وكمان على ما يبدو أن حالتها النفسيه مش تمام ،فلو حضرتك باقي على حياة الجنين الرجاء مراعاة حالتها النفسيه


ليضيق هو زرعا بذلك الطبيب الذي يملي عليه اوامره_اسمع يا دكتور انت ،انت هتفضل معاها لحد ما تروج وترجع لصحتها تاني ومش عايز حكى كتير،واللى في بطنها ده لو جراله حاجه مش هيكفيني فيها موتك إنت فاهم 








لينظر الطبيب بخوف الى الرجل الذى أتى به ،فتحدث الرجل سريعاً _أكيد ياباشا هنعمل كل اللى إنت عايزة ،متعصبش نفسك 


___


فى اليوم التالى 

وقف بجواره بينما ظل هو على وضعه لا يتحرك ولا يتحدث وكأنما أصيب بحالة من الاكتئاب لا تنتهي

زفر بلال بضيق_صقر ،مودة مش هينفع تفضل أكتر  كده.


لم يرد عليه الصقر بل بدى لم يسمعه من الأساس 

أردف بلال _صقر ،إحنا لازم نقوم بإجراءات الدفن ،الوضع طول اوى بقالها أكتر من اسبوع و...

هب صقر بسرعة وكأنما نسى الامر تماما وامسك بلال من ملابسه _انت إزاى مفكرتنيش بحاجه زي دى ،ازاى سايبنها لحد دلوقتي 

تعالى معايا نخلص الاجراءات 

____

ظلت تردد إسمها تود الاطمئنان عليها _بابا ارجوك طمني مودة صاحبتي أنا مش عارفة حصلها إيه ،كانت معانا وقت الانفجار ،لو كانت كويسه مكانش هتسيبنا كده من غير ما تطمن علينا 


لتقول أم عادل التى تجلس جوار ابنتها وتحتضن رأسها بذراعيها بينما ابنتها غافلة بسبب المسكن الذى تتعاطاه لتسكين ألمها_صحيح مودة طيبة وبنت حلال يارب تكون بخير ،الحمد لله أنا ملمحتهاش في العناية المركزة .


فقال عادل _ماشى هروح أسأل عليها وأطمنكم 


___

ذهب عادل يبحث عنها فى الغرف المجاورة مع صديقه أسامة ليلمحا زوجها يرقد فوق جسد مغطى تماما موضوع على الترولى وحوله إمرأة ما تبكى بحرقة بين يدى رجل ما ويبدو أنه زوجها


إقتربا منهما بإهتمام فسمعا بلال يقول لصقر_صقر،كل حاجة جاهزة للدفن ،أرجوك يلا بقالنا ساعتين منتظرينك وأنت على الوضع ده ،كده بتصعب الموضوع عليك أكتر 


ليقوم الصقر وينتصب في وقفته بعد أن قبل مهجة فؤداه _مع السلامة يا مودة قلبي،أسال الله أن يلحقني بيكي عن قريب 


لتنفجر مريم فى البكاء أكثر وهي تقول_لا يا أبيه ماتقولش كده ،مش هقدر اتحمل فراقكم إنتم الاتنين ،ربنا يصبرني على فراقها 


ليتصنم عادل وأسامة محلهما ويعرفان أن صديقة الفتيات قد فارقت الحياة وأن الموت قد يسلب منا أحبابنا في أى لحظة فالموت لا يستأذن أحدا ولا يفرق بين كبير وصغير ،عرفا أنهما


 كم كانا غافلين عندما نسيا الله وابتعدوا عما أمرهما به واتبعوا نواهيه ،وتذكروا انهم في أى لحظة قد يلقيانه ولكن ماذا سيقولان له وبأى عمل سيلقيان ربهما عليه 



فصلواتهما كثيرا ما أضاعوها ،مخالطة وصحبة البنات كان شغلهما الشاغل ،فأرتعدت أوصالهم من أن يكون الدور عليهما في أى لحظة وهم على غفلتهم تلك فيكون النار مأواهما وبئس المصير 

كانت تلك اللحظة كفيلة بإحياء قلوبهما الميتة فمن لم يكن الموت واعظه فلا واعظ له 

يرسل الله لنا اشارات لتعيدنا لصوابنا فلنحاول استغلالها قبل ان يفوت الأوان ولا ينفع الندم 

عزما في أنفسهما على التوبة والانابة لربهما عسى ان يكفر عنهما سيئاتهما ويتجاوز عن ذنوبهم ويدخلهم جنات النعيم


قررا الذهاب معهم وحضور مراسم الدفن والعزاء ،دخلا معهما مسجد المشفى وتوضئا وصليا عليها ومن ثم انتلقوا إلى المقابر لدفنها ومواراتها تحت التراب


بكيا لأول مرة فى حياتهما ،لم يبكيان مودة صديقة الفتيات الخلوقة فحسب بل كانا يبكيان روحهما الغافلة حامدين الله


 أنه أمد فى عمريهما حتى يتوبان إليه قبل أن تفارق الروح الجسد ويبقى العمل وحده هو من يحدد مصير الانسان فإما جنة الخلد  أو نار أبدية

أجارنا الله وأياكم وأحبائنا من النار  ومن عذاب القبر

                    الفصل الرابع من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا 



تعليقات



<>