لا تتحدي الصقر ج٢
الفصل الثالث والعشرون
أجابه بثقة_اسمي شاهين
اتسعت اعين الصقر وحدق في الفراغ فلهذا الاسم أثر في نفسه،لذا هتف مرددا_شاهين!
شرد في ذكرياته
###
فلاش بالك
على شاطىء البحر في مكان نائي قليلا بعيدا عن الناس، جلس هو محيطا زوجته بذراعه، ملامسين الماء بأرجلهم
قال وهو ينظر للبحر_ تعرفي ان الدكتور كان عايز يحطلك عينتين علشان لا قدر الله لو واحد نزل .
نظرت له بدهشة_ ايوة صح، فعلا الحقن المجهري معظمه اكتر من جنين، طيب ليه معملش ده؟
كاد أن يجيب إلا انها قالت بعد ان أخفضت رأسها بحزن_ رحمي ميستحملش صح؟
أجابها مؤكدا ماقالته ولم ينتبه للحزن القابع على وجهها لانه كان ينظر لزرقة المياة ويتحدث بحماس_ الدكتور محبش يخاطر بحياة الجنينين ، فاكتفى بواحد بس والحمد لله الدنيا مشت تمام بفضل ربنا، ربنا يكملك على خير يا روح قلبي.
هتفت بحزن وكانت على وشك البكاء_ أنا أسفة يا صقر، أكيد انت كنت تتمنى أكتر من طفل .
لاحظ هو نبرة صوتها الحزين فنظر نحوها ومد يده ليجعل عينيها في عينيه مباشرة_ ممكن أعرف ليه شايف الحزن اللي في عينيكي ونبرة صوتك ده، حبيبتي أنا مش زعلان ابدا، ومقلتلكيش كده علشان انا كان نفسي في أكتر من طفل اطلاقا، صحيح كنت اتمنى يكون عندي بنت نسخة منك، لكن طلع ولد فده فضل من ربنا ومنة، وحتى لو لا قدر الله مفيش أطفال خالص أنا راضي، المهم وجودك جمبي يا مودة قلبي، إنتي معايا بتغنيني عن الدنيا كلها .
بدأت هي تبتسم إثر حديثه، فابتسم لها قائلا_ ايوة كده اضحكي خلي الدنيا تنور من تاني.
فاتسعت ابتسامتها أكثر فرحة بحبه لها،ليهتف هو_ بحبك يا مودتي
تخضبت وجنتاها حمرة وقالت بحب هي الاخرى _وأنا كمان فوق ما تتصور .
مالت برأسها فوق صدره ليشدد هو من إحاطتها بذراعه، ليظلا على وضعهما هكذا برة حتى رفعت مودة رأسها فجاءة وهي تقول حالمة_ صقر ايه رأيك نسمي ابننا على اسمك!
لوى ثغره مدعيا الضجر_ يعني انتي عايزاه شبهي وكمان اسمه على اسمي كمان؟
هزت رأسها بحماس _اه عايزاه نسخة منك ..حضرتك عندك مانع؟؟
رفع يده كالمتهم وهو يقول ضاحكا_ لا أبدا يا فندم .. بس يعنى هتبقى بايخة اوي صقر صقر .
هقهقت هي على طريقته المسرحية وقالت بجدية_ صقر أنا مقلتش هسميه صقر.
حدق بها باستغراب رافعا أحد حاحبيه لأعلى_ الله انتي مش بتقولي عايزة اسمه زي اسمي؟؟
هزت رأسها بتأكيد_ اه ، هسميه شاهين ايه رأيك.
لمعت أعينه فقدم فهم ما ترمو إليه، فاسم شاهين يرجع لنوع من أنواع الصقور _ أها .. تمام كده.. اذا كان كده أنا موافق .
هتفت هي بحماس حالم تردد الاسم بصوت مسموع_ شاهين صقر الزيني ..
ثم أخذت نفسا عميقا _ يااه منتظرة اليوم ده بفارغ الصبر.
أمسك يدها مقبلا إياها بحب _ ربنا يقومك بالسلامة ياروحي.
أمسكت هي بيده بشدة وقالت بنبرة آمرة_ صقر تدخل معايا أوضة العمليات وأنا بولد فاهم.. أخاف أدخل لوحدي.
لم يتمالك نفسه من الضحك_ طيب ما أولد بدالك بالمرة ياروحي
ضيقت هي حاجبيها وقالت غاضبة_ انت بتقلس عليا ياصقر.. على فكرة بتكلم جد ..مش هطمن الا بوجودك جمبي
ضمها إلى صدره مطمئنا إياها_ يا روح قلبي مش هسيبك ولا ثانية متقلقيش.
###
فاق من شروده
لم يعرف انها هي من ستتركه .. ستبتعد قسرا رغما عنهما.. وتتركه يعاني الوحدة والشقاء من بعدها
اطلق تنهيد حارة تبين كم الوجع والالم الذي يعصف ببقايا قلبه المحطم البائس .
لينظر أمامه ليجد أن الصبي قد اختفى
ليقول بزهول _ هل ممكن الولد ده يكون ابني!!! فملامحه مألوفه
هز رأسه بقوة وكأنما ينفض تلك الفكرة السخيفة عن رأسه ويقول محدثا نفسه_ صقر انت مجنون ولا ايه.. مودة راحت خلاص هي وابنك اللي ف بطنها.. هيكون ده ابنك ازاي؟!
أغمض عينيه في أسى _اااه يا مودة .. سيبتيني ليه الحياة ملهاش طعم من غيرك .
زفر بغضب ومسح وجهه بكلتا يديه بشدة وهو يتمتم_ انا لله وانا إليه راجعون ... لله الامر من قبل ومن بعد .
عاد الى سيارته مرة أخرى بعد ان استعاد جزءا من ثباته رغم الغضب الذي يسيطر على نفسه يلفح بأنفاس حارقة لاولائك الذين تسببوا بموتها..
_______
عادت من نزهتها بصبحة زوجها فلقد حظيا بوقف ممتع معا..لكن ما احزنها هو رفض امها المجىء للعيش معهم هنا في بيت عمها
لذا قررت ان تستأذن عمها وزوجته في المكوث مع أمها حتى لا تكون وحدها
فقالت رباب_ ماشي يا مريم اللي تشوفوه ... أنا وعمك حاولنا مع أمك كتير.. علشان تاچي وتجعد وسطينا لكن هيه رفضت ومصصمة تجعد لحالها في دارها.. بس عمك عمره ما نسيها ابدا .. علطول انا وهو نشجروا عليها من وجت للتاني ..
ابتسمت لها مريم بامتنان_ عارفة ياخالتي .. انتي طول عمرك بتعزي أمي وعمرك ما سبتيها أبدا
رباب بنفس صافية_ ربنا وحده يعلم خلاوتكم عندي جد ايه يا مريم .
احتضنتها مريم _حبيبتي يا خالتي .. والله كان نفسي اقعد معاكي هنا.. بس مينفعش اسيب امي لوحدها .. على ما يحيى يرجع يكون جهزت الشنط علشان نمشي
وقف هو واضعا يديه في كلا جيبي بنطاله الأسود رامقا مريم وبلال بصلابة_ محدش فيكم هيمشي من هنا
اخفضت مريم رأسها وقالت تعتذر منه_ معلش يا ابيه .. مش هبقى مرتاحة وأنا بعيد عن أمي .. طالما انا هنا في البلد .. يبقى أقعد معاها أخد بحسها
ردد مرة أخرى بحزم_ وأنا قلت محدش ماشي من هنا
رمقه بلال باستنكار_ في ايه يا صقر مالك ؟؟
بدأ الصقر يزيح ذلك الوجه الصارم عن وجهه وقال مشيرا بيده لمن تقف بالخارج_ محدش هيمشي من هنا علشان مرات عمي ..هتيجي تقعد معانا هنا ومش هتمشي تاني .
ما ان رأت مريم أمها تدلف من الباب حتى ركضت نحوها بسعادة لموافقتها اخيرا ان تعيش معهم هنا في منزل عمها
هتفت بلال باعجاب_ عملتها ازاي دي!!.. ده احنا فضلنا ساعة نتحايل عليها ومفيش فايدة
مد صقر يده مربتا على كتف بلال مرددا بوجه خال من الملامح فحالته ليست على ما يرام _ قدرات يابني
ابتسم بلال غير ملاحظا ما بصاحبه_ ده انت طلعت داهية
ثم رحب بوالدة زوجته_ منورة يا أمي والله .
والدة مريم بابتسامة _ البيت منور باصحابه ياولدي.. صقر غالي عليا جوي ومعرفتش أردله طلب
نظرت مريم بامتنان للصقر_ مش عارفة أقولك ايه يا ابيه ..ربنا يسعدك يارب
حاول الصقر رسم بسمة خفيفة على وجهه _ متقوليش كده يا مريم .. دي أمي التانية .
رحبت رباب بأم مريم كثيرا وسعدت انها أخيرا ستمكث معهم بدلا من المكوث وحدها .
تركهم الصقر متوجهها للخارج ليختلي بنفسه أمام المنزل تحت المظلة الموضوعة عند الباب الخلفي للبيت... بينما صعد بلال الى اعلى ليبدل ملابسه.
___
عاد الزيني بصحبة ياسمينا ومودي ويحيى وهو يضحك بقوة _ يخرب عجلك يا مودي يابت ولدي.. ده انتي طلعتي مشكلة كبيرة جوي
ابتسمت له مودي وقالت بمشاكسة_ وانت طلعت عسل أوي ياجدو .. هات بوسة .. مووواه
نظر الزيني الى ياسمينا_ البنت ملهاش حل .. وأكبر من سنها
ابتسمت باسمينا_ يس أنكل مودي لماحة جدا وعندها فضول لكل حاجة وانا مش ببخل عليها بأي معلومة أبدا
هتفت رباب عندما رأت وجوههم السعيدة_ راچعين مبسوطين الحمد لله ... الظاهر ان الخروجة كانت ممتعة.
أجابها الزيني_ صحيح.. ياسمينا في الاول مكانتش متحمسة لما أخدتها عند أرضنا.. مكانتش حابة ان المكان يكون فاضي مفيهوش حد ...لكن بعد إكده بدأت تستمتع بالمكان .. كانت بتجري كيف العيلة الصغيرة.. وكمان حاولت تجيب تفاح من الشجرة بنفسها وفضلت تنط أكتر من مرة لحد ما جابتها
وطبعا انا مكنتش هسمح بكده لو كنا في مكان فيه ناس يشوفوها
هتفت ياسمينا _صحيح يا انكل ،انا اكتشفت ان الانسان يقدر يصنع السعادة بنفسه حتى لو مش موجودة ، يقدر يصنعها من العدم، حتى لو انت ف سجن تقدر تحوله ب السعادة اللي ف قلبك جنة
صحيح المكان مش زي القرى السياحية اللي روحتها ،لكني عرفت اعيش اللحظة كويس.
أمسكت مودي بطرف وشاح جدها_ انت نسيت الجرار ياجدو
ضحك الزيني _ اه صح الجرار... ياسمينا قررت انها تتعلم تركبه و ماشاء الله كانت هتدوسنا كلنا هههه
قهقه الجميع بما فيهم ياسمينا وقالت_ بس تنكر يا أنكل اني عرفت أسوقه بالنهاية
الزيني_ الحج يتقال طلعتي واعرة جوي .
كان يستمع لكلماتهم تلك فهو يجلس أسفل المظلة خلف صالة المنزل مباشرة
مما أصابه الضيق من ياسمينا فعلى ما يبدو ان والديه اعتادوا على وجود ياسمينا وأحبوها أيضا... فجلس يتآكل غيظا ، فهو لا يريد لإحداهن أن تحل محل مودة خاصته.... لذا لم يستطع
المكوث أكثر فنهض من مكانه بغضب وبحث عنها حتى وجدها بالاعلى تهم بدخول غرفته فأمسكها من ذراعها بشدة
_ انتي يا زفتة أنا مش قلت ممنوع تخرجي وجزء من جسمك باين .. بتخالفي أوامري ليه؟
حاولت نزع يدها من قبضته وقالت بألم_ صقر إيدي بليز
ترك يدها بعنف ناظرا لها بازدراء_ده آخر تحذير ليكي انتي فاهمة!!!
راقبته وهو ينزل الدرج بسرعة شديدة ويبدوا على ملامحه التشنج، فزفرت بضيق_ اوف انا مش عارفة صقر ده طالع اوفر كده لمين.. انكل الزيني جينتل جدا .
________
في المساء وبعد ان تركها يوما كاملا ببيت أهلها تريح أعصابها المشدودة....ذهب اليها كي يصطحبها مرة أخرى الى منزلهما
لكنها رفضت رفضا قاطعا العودة معهم في الوقت الحالي .. حتى انها رفضت الخروج لمقابلته
جلس معه والدها في صالون المنزل_ في ايه يا ايمن يابني .. انتوا زعلانين مع بعض ولا ايه؟
هتفت ايمن بدهشة_هنا قالتلك كده يا عمي!!
هز والدها رأسه بالنفي_ لا هنا مقالتش حاجة خالص.. بس طول اليوم قافلة على نفسها ولما طلبت منها دلوقتي تجهز علشان تروح معاك رفضت .
حك ايمن ذقنه _ غريبة.. مش عارف مالها والله يا عمي.. احنا مش متخانقين .. اخر مرة كنا كويسين جدا مع بعض ... وحتى لو زعلانة مني تقولي .. ما انا طول عمري بجي اصالحها حتى لو هيا اللي غلطانه زي كل مرة.
تنهد والدها_ عارف يابني.. ربنا يكملك بعقلك .. انت عارف هنا عقلها صغير .. بس طيبة وبنت حلال استحملها يابني معلش
تنهد ايمن بضيق_ ما انا متحملها اهو يا عمي وساكت .. بس ممكن اعرف ليه مش عايزة ترجع معايا؟
_ معلش يا ايمن سيبها كم يوم تريح اعصابها وانا بنفسي لما أحس انها بقت كويسة هوصلها لبيتها
زفر أيمن بضيق لانه سيرجع خالى الوفاض_ ماشي ياعمي اللي انت شايفه .. عن اذنك بس أسلم على جنى قبل ما انزل
_ ماشي يابني هرووح اناديها من جوة .
__________
في صباح اليوم التالي
خرجت ياسمينا في الصباح الباكر لتمارس رياضة الجري كعادتها كل صباح.. ارتدت زيها الرياضي ضاربة بتحذيرات الصقر عُرض الحائط، وثبتت شعرها جيدا كي لا يعوقها أثناء
الجري، ونزلت سريعا قبل أن يلحظها الصقر ويعلق على ما ترتديه كعادته، فهي لن تخضع له مهما كان وهو لن يتحكم بها أبدا ..
على طاولة الطعام التف الجميع لتناول الفطور ..فسألت رباب عن ياسمينا _معجول ياسمينا لسه نايمة يا مودي، كانت بتجول انها متعودة تصحى بدري؟
هزت مودي رأسها بالنفي بينما كانت تتناول فطورها بهدوء فهي معتادة على أمر خروج امها للرياضة كل صباح _نو.. مامي ..خرجت من بدري تعمل رياضة.
ما أن سمع الصقر ما قالته ابنته حتى ترك قطعة الخبز التي كان يمسكها من يده وقال بغضب _ايه؟! ازاي يعني تخرج كدا من غير ما حد فينا يعرف.. وخرجت راحت فين دي؟!!
الزيني وهو يهم بالذهاب فقد انهى فطوره وينوي الخروج لمتابعة أعماله _ روح شوف مرتك يا ولدي ..دي غريبة عن أهنه ومتعرفش المنطجة كويس، ويمكن تتوه.
نهض الصقر هو الآخر يحدق للفراغ يتوعد لتلك التي تقصد مخالفة أوامره عمدا وهو يتمتم_وقعتها سودا معايا المتخلفة دي.
لحق كل من مودي ويحيى بجدهم_جدو خدنا معاك .. عايزين نتفسح كمان
ابتسم لهم الزيني_ايوة بس أني دلوك ورايا مصالح ولما أخلص هاچى آخدكم أن شاء الله.
رسم كليهما علامات العبوس والرفض على وجهيهما_ هنيجي معاك وهنلعب بعيد شوية ..مش هنعطلك
رباب بحنية _خلاص يا حاج ..خدهم معاك..العيال عشمانين فيك
أمسك الزيني بكلا الطفلين كل في يد وهو يقول، متوجهون للخارج _ماشي تعالوا يا ولاد.. بس متعملوش شجاوة لحد ما أخلص.
هز الطفلين رأسهما بحماس _حاضر ياجدو.
____
صعد الصقر يبدل ملابسه سريعا ومن ثم يخرج للبحث عن تلك التي ستتسبب في الكثير من المشاكل له هو في غنى عنها وهو ليس في مزاج جيد يخوله تحمل تصرفاتها الخرقاء تلك ..وبينما هو يهبط الدرج ..وجدها تهم بالصعود لغرفته التي أصبحت غرفتها.
رمقها بنظرة متفحصة لما ترتديه، ليعتلي وجهه نظرات غاضبة ستنفجر في وجهها في أي لحظة وهتف صارخا بحدة _إنتي ازاي تخرجي من غير ما تستأذني ..انتي فاكرة نفسك فين؟؟
رمقته بعدم اكتراث وهمت لتكمل صعود الدرج حتى لم يفصلها عنه سوى القليل _والله انا حرة .. أنا متعودتش قبل ما أخرج أقول أنا رايحة فين ولا جاية منين ..وقلتلك ميلون مرة ..انت مش هتتحكم فيا ياصقر .
أثارت هذه الكلمات الغير مبالية غضبه وأشعلت فتيل الحرب عليها، الأمر الذي جعله ينقض على شعرها يجذبه بيده _ أنا مش بعيد كلامي مرتين وأنا سبق وحذرتك كتير..متتحدنيش وتقفي قصادي
صرخت هي بصوت سمعه بلال فجاء على إثره، لتهتف هي بغضب_صقر يو أر كرازي؟؟ سيب شعري انت ازاي تعمل كده .
التفت بلال حوله ليتأكد أن لا أحد يشاهد ما يحدث، فهم مشغولون بالمطبخ يحضرون لوجبة الغداء _صقر ..اهدى يا بني ..محصلش حاجة لكل ده!!
لكن صقر بدى وكأنه لم يسمعه وكأنه منوم مغناطيسيا، فهو مازال قابضا على شعرها يجرها لتكمل صعود الدرج عنوة الى أن وصل أمام غرفته_ لازم تعرفي إنك هنا في بيتي، يعني اللي أقوله يتنفذ بالحرف الواحد ، لإما تأخدي بعضك وتمشي أنا مش ناقص وجع دماغ.
حاولت هي إبعاد يده عن شعرها حتى نجحت في ذلك ورمقته بنظرات غاضبة ساخطة_انت انسان قليل الزوق جدا ..وأنا لا يمكن أفضل هنا ثانية واحدة بعد اللي عملته..أنا هروح ألم هدومي وهاخد مودي وهمشي
رمقها بنظرة استهزاء وعدم اكتراث، فهو فعلا لم يعد يطيق وجودها هنا معهم _ياريت تكوني ريحتيني وارتحتي انتي كمان
اقترب بلال من صديقه _صقر انت بتقول ايه..ميصحش.
هتفت ياسمينا حانقة_علشان تعرف أن صاحبك قليل الزوق جدا يا دكتور.. ده انسان همجي جدا و رود اوي
ابتسم بلال بسخرية_من ناحية همجي فهو كدا فعلا ..بس كان اتعدل حاله مش عارف قلب ليه اليومين دول
رمقه صقر بضيق_انت بتقول ايه يا زفت انت .
وجه الصقر حديثه لياسمينا التي كانت ترمق الصقر بغضب وكره شديد _صحيح ان كنتي هتمشي فاعملي حسابك مودي مش جاية معاكي..مودي هتفضل معايا هنا .
تشنجت ملامح وجه ياسمينا وهتفت باستنكار _ وااات!!! .. لا طبعا أنا مش همشي الا ومودي معايا
ضحك بسخريه _ ومين هيسمح بده ..أنا أبوها وقلت مودي هتفضل هنا معايا
حاولت ياسمينا الاستعانة ببلال_دكتور بلال قوله حاجة ..انا مش هقدر أمشي من غير مودي.
بلال بهدوء_يبقى الافضل تخليكي هنا معاها.. لأن الصقر محدش هيقدر يغير رأيه أبدا ..اللي قدامك ده مش صقر بتاع القاهرة ..ده اتحول تماما
زفرت ياسمينا وأخذت تطرق الارض بأطراف حذاءها المدبب_ نو نو.. مش هقدر افضل هنا ثانية واحدة
وضع هو يده في جيب بنطاله ووقف يطالعها بنظرات شامته_عندك خيارين..اما تفضلي هنا مع مودي وتسمعي كلامي
لإما ترجعي القاهرة ..بس في الحالة دي مودي انسى انها ترجع معاكي لان مودي مش هتعيش بعيد عني أبدا
طالعته بنظرات غاضبة مغتاظة فهو يُحكِم الحصار عليها وبشدة ولا تدري ماذا تفعل
قال متوجها للدرج ليهبط لأسفل_فكري براحتك ..ومنتظر رد منك باللي تختاريه ..سلام يا ياسمين
أشار لها بكلا اصبعيه الوسطى والسبابة قبل أن يهبط مغادرا، مما زاد استفزازها.
لتقف هي تركل الارض بقدميها وتقول بنبرة مختنقة_دكتور بلال اتصرف ..انا استحالة اقدر اتعامل مع الإنسان الهمجي ده أنا مش عارفة مودة كانت متحملاه ازاي ده شخص لا يطاق ابدا ووقح.
تنهد بلال بأسى فصديقه يمر بأسوء لحظات حياته، فشر الانتقام القابع بالقلب يعمي البصر والبصيرة لذا قال محاولا جعلها أن تتفهم ما يمر به الصقر_انا بعتذر لك عن اسلوب الصقر معاكي، بس لو عرفتي اللي بيمر بيه هتعذريه
لتهز رأسها بعدم تقبل ما فعله_مفيش أي مبرر لتعامله معايا بالشكل المهين ده وأنا مش هسمح بده أبدا.... أنا مش هكون عبدة اشتراها علشان يحركها زي ما هو عايز ..انا ليا كياني وشخصيتي ومسمحش أبدا حد يقلل مني.
_صديقيني يا ياسمينا صقر مش قصده كده نهائى، اللي عمله صقر ده رد فعل طبيعي لواحد اكتشف بعد اربع سنين أن زوجتة مماتش موتة طبيعية ..لا موتها طلع مدبر ..موتوها علشان ينتقموا منه.
أجفلت ياسمينا محلها واتسعت أعينها تحدق في بلال _وااات!! تقصد أن حد خطط للانفجار اللي حصل علشان هدفه يقتل مودة!!
أخفض بلال رأسه بحزن_بالظبط كده ،وعلشان كده صقر جه هنا يدور عليهم ومش عارف يوصلهم والموضوع ده مخلي اعصابه فلتت منه ..فاعذريه
وضعت ياسمينا يدها على فمها بصدمة وحزن على ما حدث لمودة، واشفاق على صقر وما يحدث له
ثم هتفت متسائلة_وصقر بيدور عليهم علشان بنتقم منهم!!
بلال_أنا واثق انه مش هيسيبهم ..دول قتلوا أعز شخص عنده ..مودة مكانتش مجرد زوجة ..دي كانت حياته ونور عينه كمان .. انتي متعرفيش طول السنين اللي فاتت كان عايش ازاي..
كان عايش ومش عايش ..مفتش حد بيحمل كمية الحب دي كلها اللي بيحبها صقر لمودة ، ومشفتش حد بوفاء لزوجته حتى بعد موتها بالشكل ده ..حبهم يُسْطر بمية الذهب.
لم تصدق ياسمينا ما تسمعه..أيعقل ان هناك حب و وفاء بهذا الشكل.. أهناك رجال يحملون مثل هذه المشاعر الفياضة لزوجاتهم حتى بعد موتهن ..أكان مفهومها عن الزواج خاطىء فعلا.. اذا فالزواج ليس كله اوامر وتحكمات لا حصر لها.. فهناك
أيضا حب وتقدير وأحاسيس كثيرة هي لا تعرفها لكنها ترجمتها في غضب الصقر لمقتل زوجته ووفاءه وإخلاصه لها حتى بعد موتها فهي رغم انجذاب كل الرجال لها بمجرد رؤيتها فان
الصقر لم يهتز فيه شعره واحدة وهو الذي بإستطاعته أن يجعلها لنفسه فهي زوجته ..لكنه لا يهتم بها ..هو لا يراها من الأساس..فحب مودته ملأ قلبه وفاض الى عينيه فأغناه حبها عن نساء العالم أجمعين
.
لذا اُعجبت بذلك الحب وتمنت أن تجد مثله يوما.. ومنذ هذه اللحظة اختلفت نظرتها للصقر كثيرا فبعد أن كانت تنظر له بأنه رجل قاسي القلب، بدأت تراه ذلك الرجل الوفي، الغاضب من اجل زوجته..لكنها لا تزال متحفظة منه فهو حاد الطباع متقلب المزاج كثيرا
_____
ابتعد الصغيران عن الجد قليلا حتى يتسنى له العمل دون ازعاج وقررا الذهاب الى جدول الماء والاستمتاع باللعب بالماء قليلا..ومن ثم تسابقا بالجري يتضاحكان بمرح ومتعة بذلك
الجو المختلف عنه في القاهرة...لكن وأثناء ركض مودة طارت قبعتها الوردية بفعل الهواء الطلق، فارتفعت لأعلى وابتعدت عنهما ... فركضا خلفها يحاولان اللحاق ..لكنها ابتعدت كثيرا عنهما ولا يستطيعان معرفة أين حلّقت.
جلست مودي على الارض أمام جدول الماء حزينة من أجل قبعتها التي تحبها، جلس يحيى جوارها يحاول مواساتها _معلش يا مودي متزعليش.. هخلي ماما تجيبلك كاب احسن منها
رددت مودي بأسى _يحيى انا عندي غيرها كتير ..لكن دي كانت ماي بيست(المفضلة عندي)
وقبل أن ينطق يحيى بحرف واحد، وجدا يدا صغيرة ممتدة تجاههما وبيده تلك القبعة الخاصة بمودي وقال بصوت واثق _دي بتاعك صح!!!
نهضت مودي من مكانها وكذلك يحيى ،وأخذت قبعتها تحتضنها بين ذراعيها وهي ترمق ذلك الذي أعادها إليها بفرحة_ انت رجعتلي الكاب بتاعتي، .. انت طيب أوي
لم يهتم هو بثناءها عليه لكنه حدق بحدة في ذلك الذي يقف معها _شايفها بتطير مش عارف تجري وراها تلحقها...قبل ما حد ياخذها.
أجابه يحيى بخوف_هيه راحت لبعيد أوى وأنا أخاف أروح هناك بعيد لوحدي
هتفت به بحنق_جبان
هتفت يحيى بغضب_انا مش جبان ..انا اول مرة اجي هنا ومعرفش حاجة وماما قالتلي مبعدش كتير علشان مش اتوه
لم يهتم لحديثه فهو يعده جبان ، وليس للجبناء امثاله تأثيرا في نفسه، لذا قرر تركهم لينصرف
نادت عليه مودي_خليك العب معانا بليز.
هتفت ببراءة_ اسمي شاهين ..مش بليز
هتفت بمرح _وأنا مودي وده يحيى ..خليك العب معانا علشان لو الكاب طارت تاني تجيبهالي
ابتسم هو فهي أعربت عن حاجتها إليه لذا قرر أن يبقى معهم .
لكن يحيى لم يرتح له ولا لنظراته لذا طلب من مودي العودة_مودي يلا نرجع لجدو
مودي_لا جدو لسه مخلصش شغل ..خلينا نلعب مع شاهين
_مودي..ماما قالت منلعبش مع حد غريب
_بس شاهين مبقاش غريب ..احنا بقينا اصحاب صح يا شاهين
ردد شاهين تلك الكلمة ولا يعي معناها _اصحاب..يعنى ايه؟
مودي_يعني علطول نخرج ونلعب مع بعض ايه رايك
راقت الفكرة لشاهين وخاصة أنه رآها فتاة مرحة وغير مملة مثل الذي يقف معها ولا يطيقه على الاطلاق فقال _هنلعب ايه
فكرت مودي وطرقت على وجهها بسبابتها لتفكر _ممم تعالوا نتسابق ونشوف مين هيوصل أسرع لشجرة التفاح اللي هناك دي
وافق شاهين على الفور فهو يعرف أنه الفائز فهو الاسرع بشهادة جميع الاولاد الذين يلعبون معه
أما يحيى فوافق على مضض لانه لا يشعر بالراحة ابدا لشاهين فهو يخشى نظراته الحادة تلك
انتهى السباق وكما هو متوقع فاز وصل شاهين اولا ومن ثم مودي وكان في المركز الثالث يحيى .
هتفت مودي باعجاب_وااو انت سريع اوي يا شاهين
تحدث شاهين بفخر محدقا بيحيى ناظرا له باستخفاف _الراجل لازم يكون قوي وسريع.. مش جبان وبطىء.
يحيى بضيق رغم انه لم يفهم أن شاهين يسخر منه_مودي يلا نروح بقا
هزت مودي رأسها موافقة ،فهي تشعر بالجوع_اوك يحيى، يلا بينا ..باي شاهين أشوفك بكرة ..هنيجي هنا نلعب عند شجرة جدو دي(وأشارت بيدها الى الشجرة) ..تعرف جدو بيقول انها أكبر شجرة هنا
____
عاد شاهين ايضا الى البيت لكنه لم يجد جده قد عاد بعد..فتوجه الى غرفة أمه والتي ما أن رأته حتى نهضت عن سجادة الصلاة فهي كانت تؤدي فرضها وما إن انهته حتى شرعت في أذكار الصلاة
فتحت ذراعيها تستقبله بابتسامة واسعة_شاهين حبيبي ،اول مرة ترجع بدري كده ..الحمد لله اخيرا هتسمع كلامي ومش هتقلقني عليك
_ياماما قلتلك متخافيش.. أنا راجل ..جدو بيقول
ضمته الى صدرها وأغمضت أعينها تلثم رائحته فهو قرة عينها الذي لم يتبقى لها سواه _ربنا يباركلى فيك ياحبيبى...ها احكيلي كنت فين
_بس جدو قالي مش كل حاجة احكيها ليكي يا ماما علشان انا مش صغير
رسمت هي الحزن على وجهها فهي تخشى على ولدها من تفكير أبيها لذا ادعت الحزن وقالت كي تجعله يخبرها ولو قليلا عما يفعله_
احكيلي، سليني يا شاهين ..زي ما انت شايف انا قاعدة طول اليوم لوحدي
بدأ شاهين يقص لأمه ما فعله هذا اليوم فهو أشفق أن يراها حزينه، وأخبرها ايضا_ تعرفي إني بقى عندي أصحاب
ادعت هي الدهشة_أصحاب!! اصحاب مين احكيلي ..دي حاجة حلوة أوي
_بنت وولد .. شكلهم مش من هنا ..البنت عسولة اوي..لكن الولد جبان ورخم.
أثارت تلك الكلمة انتباه مودة_مش من هنا إزاي يا شاهين ..هو انت تعرف كل الناس هنا
هز شاهين رأسه بالنفي _لا .. بس البنت مشفتش بنت هنا لابسة زيها..كانت لابسة چيبة قصيرة اوي شكلها صغيرة عليها.. ودراعتاها باينين وكمان لابسة طقية شكلها حلو ..طارت منها وأنا جبتها ... والولد بيقول انه اول مرة يجي هنا.
حكّت مودة رأسها تدعي الدهشة مما يقوله كي تشعره انها تتفاعل معه لتشجعه أن يقص عليها كل ما يحدث معه..لابد وأن تبني جسرا بينها وبين أبنها ولكن كيف هذا وابيها يهدم
بسهولة كل ما تبنيه وتغرسه في ابنها حتى انه جعله يكره ابيه وهي التي كانت لا تبرح أن تمدح فيه كثيرا_مممم شكلها
عسولة ومتدلعة فعلا ..ممكن جاين زيارة لحد قرايبهم هنا ..المهم قولي إسمهم ايه اصحابك دول ولا معرفتش اسماءهم!!
_لا عرفت.. البنت اسمها مودي ..والولد اسمه يحيى
رددت الاسم في ذهنها_مودي ويحيى .. ومش من هنا .. ولسه جايين المنطقة قريب!!!
ياترى مين هما!!! صمتت قليلا ثم قالت_اسمهم جميل اوي يا شاهين ..مبسوطة إنك بقى عندك اصحاب وانك حكيت لماما .
_ماما جدو هيتأخر أنا جعت
_مش عارفة يا شاهين مانت عارف محدش يعرف جدك بيعمل ايه ولا بيجي ويمشي إمتا... تعالى هجيبلك تاكل لحد ما جدو يرجع
وقفت برهه ثم قالت فهي تتعلق بأي خيط يوصلها لزوجها حتى لو كان وَهْما _شاهين انت هتشوف مودي ويحيى دول تاني!!!
_ايوى يا ماما..عند شجرة التفاح الكبيرة مودي بتقول انها بتاعة جدها وانها أكبر شجرة في المنطقة كلها
تصنمت مودة محلها ومن صدمتها تركت ما في يدها ليسقط طبق الطعام أرضا فينكسر..وقالت وهي تردد بزهول محدثة نفسها ...أكبر شجرة دي كانت في أرض عمى أبو صقر ...
جدها!!!...صاحب الشجرة يبقى جدها!!!! يعني معقول مودي تبقى بنت صقر اللي بابا بيتكلم عنها!!!!
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
