لا تتحدي الصقرج2
بقلم اسماء عبد الهادي
الفصل التاسع والعشرون
اقتربت منه أمه رباب لتطمئن عليه فحالته تبدو انه ليس على ما يرام أبدا، فهو كأنما خرج للتو من معركة حامية كان هو احد طرفيها، رفعت يدها إلى وجهه
_صقر يا ولدي حصلك ايه وليه شكلك متبهدل إكده !!!
نظر صقر إلى عيني أمه ولم يعقب .
لتهتف هي مرة أخرى بلهفة على حبيبة قلبها والتي كانت تعتبرها مثل ابنتها التي لم تنجبها
_ صحيح مودة لسانها عايشة يا ولدي!!! طمنا الله يرضى عنيك.
كان لسماع إسمها أثر كبير على قلبه، فلقد كان كمن صُدِم بجهاز الصدمات الكهربائيه ليعيد إليه نبضات قلبه من جديد ،اغرورقت عينه بالدموع وقال بصوت فَرِح مخلوط بوجع راسما بسمة متيمة على محياه
_الحمد لله عايشة ..مودتي لسه عايشة مماتتش يا أمي.
رفع يده الى وجهه ناظرا إليها بفرحة_ لمستها بإيديا ..وسمعت صوتها...أخدتها بين إيديا ...لمساتها ردلتلي الروح من جديد ...همساتها ليا كانت زي الدوا اللي طيب كل جروح قلبي اللي انكسرت ببعدها.
كانت تسمع ما يقوله بزهول عجيب ..استطاعت أن ترى في عينيه لمعة حب حقيقية ..وقصة حب لم تسمع عنها حتى في الاساطير ..فيبدو من صوته وتعابير وجهه حبه الشديد لمودة . .فهو أحبها كما لم يحب رجل زوجته قط
وضعت يدها على وجهها وحملقت به حالمة..تتمنى فعلا رجلا يحبها كحب صقر لمودة ..ومن ثم حدثت نفسها ماذا لو كان الرجل الذي تنتظره هو صقر نفسه .. فهي لا تستطيع أن تنكر اعجابها به رغم المعاملة القاسية التي يعاملها بها
هتفت والدته بفرحة ووضعت يدها على قلبها بسعادة غامرة _ مودة عايشة أنا مش مصدجة نفسي .. الحمد لله يارب الحمد الله
اغرورقت عيني مريم بفرحة احتضنت ياسمينا بحركة عفوية فهي فرحة بأن اختها وصديقة عمرها لم تمت بعد وأخذت تمتم بكلمات الحمد والشكر .
ابتسمت ياسمينا أيضا فرحة بالخبر..لكن أعينها ما زالت مسلطة على الصقر تتابع كل هفوة وشاردة يفعلها ..رغم أنه يقف صامتا ويكتسي ملامحه الحزن الشديد
لتهتف أمه مرة أخرى باستغراب وهي تنظر حوله_وطالما لسه عايشة يا ولدي ما چبتهاش معاك ليه
ضغط الصقر على قبضة يده وغلت الدماء في عروقه حتى برزت عروق نحره بشدة من شدة الغضب
لكنه صمت ولم يستطع التحدث
ظل على حاله لبرهة ،والجميع يحدق به ينتظرون رده،
ينتظرون تفسيره لعدم رجوع مودة وابنه معه وما سر ادعاء موتها طوال هذه السنين
لينهار الصقر ثانية وتسقط رايات ادعاء القوة والصمود ..ليهتف هو بأعين زائغة تبحث عن ابنته ، خوفا من أن تضيع منه هي الاخرى_بنتي فين ...فين مودي
زهل الجميع من تغير حالته هكذا فجاءة فاقترب منه والده_صقر يا ولدي أحكيلنا ايه اللي بيحصل
لكن الصقر بدا وكأنه لم يسمعه من الأساس ونظر لياسمينا مستفهما_ بنتي فين ...مودي فين
نهضت ياسمينا من مكانها وهتفت تجيبه_ مودي نايمة يا صقر إيه اللي هيسهرها لدلوقتي؟
ليركض هو سريعا نحو الدرج
بينما يحملق الجميع ببعضهم بعدم فهم لما يجري ...ففرحتهم لم تكتمل بعد ...لا يعرفون ما حل بمودة ولماذا لم تعد
____
----------------------------------
صعد الى أعلى حيث غرفته في الاصل لينام جوار ابنته فهو في أشد الحاجة اليها بعد ابتعاد حبيبته وابنه عنه عنوة, اراد ان يعوض كسر قلبه بابنته, الشىء الجميل المتبقي له ..فقلبه كطفل تائه من كثرة الصدمات التي تلقاها ...فالخيبة قد أتته من أكثر شخص كان يحبه ..عمه رشاد كان له الاب والقدوة والمعلم ..لم يكن يتخيل يوما ان يفعل هذا به ومن اجل ماذا
(فما اصعب ان تعيش في حيرة بين شخص كنت تراه يوما يحبك.. والآن لا تدري من يكون )
دخل الى الغرفة ليُصدم من هيئتها التي اصبحت عليها وكأنه دخل الى غرفة اخرى ليست غرفته وكأنه اخطأ في العنوان .. فنظر مرة اخرى الى موقعها ليتأكد انها هي لكن حالها تغير رأسها على عقب وما تلك الالوان الغريبة التي تتناقض تماما مع شخصيته ومع ذوقه
كانت ياسمينا تتوعد للصقر وتنوي اثارة غضبه لسوء تصرفه معها دائما... لذا أرادات استفزازه بتغير غرفته لشىء مختلف تماما .. لكن الحق يقال كانت
الغرفة هادئة ورقيقة تماما كياسمينا بلونها الاصفر الخردلي الجميل .. لكنها لا تناسبه هو فالاصفر من الالوان التي تثير غضبه ولا يحبها على الاطلاق ..
لذا اتفت اليها هادرا باستياء فيكفي ما به الان
-ايه اللي انتي هببتيه في اوضتي ده؟
تصنعت هي اللامبالاة وتنحنحت وهي تعيد خصلات شعرها المتمردة خلف اذنها
–ايه مالها الاوضة... امازنج وكيوت مش كدا؟
أجابها مشيرا الى جدران الغرفة وشراشفها الصفراء ايضا
-كيوت ايه وزفت ايه، ده لون بزمتك يا شيخة؟ .
رفعت يدها بالهواء تحاول كبت ضحكاتها فهي نجحت في استفزازه باللون الاصفر والذي علمت انه لا يحبه ..لكنها لم تكن تدري ما به .. ان بقلبه نيران مأججة تكاد ان تبتلع كل ما في طريقها فهو لم يخبرهم بشىء مما حدث
-واتس زا بروبلم ..اللون واو اوي.. وكمان دي بقت اوضتي مش اوضتك
هو رأسه باستياء ورفع كفة يده في وجهها ...فبحركة سريعة منها خبأت وجهها بيدها خوفا من أن تطالها يده الهوجاء تلك .
همّ هو بالانقضاض عليها فهي تتعمد إثارة غضبه في كل مرة لكنها كادت أن تصرخ فهي نظرت له من بين أصابعها التي تغطى وجهها
فما كان منه الا أن كمم فمها وهو ينهرها، ناظرا لابنته النائمة خوفا من ان تستيقظ على صوت صراخ ياسمينا فتفزع منه
_ ششش اسكتي البنت هتقوم مفزوعة، حرام عليكي أعمل فيكي إيه بس ...هشيل إيدي عن بوءك ، مسمعش صوتك، وبكرة الصبح ألاقي أوضتي رجعت زي ما كانت ، إنتي فاهمة؟
أومأت له بعينيها وحرت رأسها بخوف بأنها فهمت ما يقول ، ليتركها مبتعدا عنها متجها نحو ابنته
رقد جوار ابنته النائمة يضمها إليه كطفل بحاجة لحنان أمه ، فتأرقت في نومها، بسبب النور المضاء ،لتفتح أعينها لتجد أبيها جوارها فتبتسم هي له وتقول بصوت ناعس
_بابي، بحبك .
ومن ثم تضع يدها الصغيرة على وجهه وتغط في النوم مرة أخرى.
ليبتسم هو على رقة قلب ابنته تماما كأمها مودة..كانت رقيقة كبتلة زهرة بيضاء تتأثر بأي مؤثر خارجي حتى لو كان بسيطا.
مسد على شعرها بحنان يمرر يده على وجهها بحنو ابوي بالغ ..ليتذكر قسمات وجه ابنه شاهين المقتضبة و أعينه التي كانت تحدق به بكره شديد ...لينفطر قلبه حزنا
فيضم قبضته بغضب ..ضاغطا على شفتيه بقوة حتى خرج الدم منها ..ولكنه لم يهتم بل لم يشعر به من الأساس.
لاحظته تلك التى ظلت واقفة تتأمله وهو نائم مع ابنته فشاهدته يضغط على قبضته فظنت أنها تؤلمه وخاصة أنها لاحظت أن يديه تبدو في حالة سيئة
فهو كان يضرب سيارته بيده بغضب شديد حتى بدا الجزء الخلفي كأنه اصطدم بشجرة للتو .
اقتربت منه بلهفة هاتفه بصوت قلق
_صقر أر يو أوك .
نظر لها دون أن يجيب وعاود النظر الى وجه ابنته النائمة ويبحر في تفكيره في ذلك الذي حدث مع عمه ..ولأول مرة كان يشعر بالعجز بعدم القدرة على فعل شىء فهذا عمه الذي يحبه فبالرغم مما فعله به وبرغم وعد نفسه أنه سينتقم منه الا انه عندما يراه لا يستطيع أن يفعل شيئا ،ليس لأن لرشاد حضور طاهي مهيب ونظرات نارية تخيف من يقف امامه فهو ذا جبروت لا يضاهيه أحد وانما لأنه مازال يراه أبيه الثاني .
همت ياسمينا إلى الخزانة الخاصة بالإسعافات الأولية وأخرجت كيس القطن وبعض المطهر واللاصقات الطبية ..واقتربت ثانية من صقر لتهتف به
_صقر ممكن إيدك لو سمحت
نظر لها ببلاهة
_ها!!!
أشارت إلى يده
_علشان أطهرها ..وكمان شفايفك بتنزل دم
وضع يده على شفتيه ومن ثم نظر ليده ليجد بها فعلا آثار لدماءه لكنه لم يهتم ولم يبالي ،وأشار لها بيده بانزعاج
_ ممكن تتفضلي تخرجي علشان أنام مع بنتي بهدوء!!!
رمقته هي بعدم مبالاة
_اوك اوك ،بس لما أطهر ايدك الأول.
ليضيق ذرعا بها
_ ملكيش دعوى بإيدي .. أنا عايزها كده ..ممكن تتفضلي بقا ...مش عارف انام منك.
رمقته بغيظ وهي تلوي شفتيها فلا مرة واحدة يعاملها بلطف لذا أجابت بحدة
_ هوا أنا ماسكة فيك ما تنام .
مط شفتيه بضجر
_هنام إزاي وسيادتك واقفة ليا كدا ..اتفضلي اخرجي وانا هنام.
_بس انت نايم في اوضتى ..هخرج انام أنا فين ؟
_ لا دي مش مشكلة ، روحي لأمي وهيه هتتصرف .
وضعت يدها في خصرها بعند
_بس أنا حابة أنام في أوضتي هنا ومش عايزة اخرج
ليهدر بها بنفاذ صبر
_وبعدين بقاا ..أنا مش ناقص ،يعني عايزاني أخد بنتي وننام في مكان تاني مفيش مانع...ما أنا مش مكتوبلي الراحة ابدا
هب من مكانه وهم ليحمل ابنته ليذهب بها الي الغرفة التي ينام بها ،لتحاول هي منعه
_نو نو ..كده مودي هتصحى ولو صحيت مش هتعرف تنام تاني خلاص.
وضع يده على رأسه
_طب أتنيل أعمل إيه ..أنا دلوقتى!
هتفت هي مشيرة ليده
_لو خلتني أطهر جرح ايدك هخرج واسيبك تنام.
أخذ نفس عميقا حانقا ثم مد يده لها معتدلا في جلسته
_ اتفضلي لما نشوف اخرتها
ابتسمت له وجلست جواره تهم بفتح علبة المطهر
_ثانكس
نظرت إلى يده وقالت بخوف
_اووه إيدك متبهدلة إنت متحمل كده إزاي ؟؟أكيد بتوجعك صح!
أجاب بلا مبالاة
_عادي ما أنا متحمل وجع أكتر من كده وساكت ..جت على إيدي
حزنت لأجله ولنبرة الحزن في صوته
_صقر إنت ليه حزين ..مودة انت بتقول انها عايشة الحمد لله ، المفروض تكون سعيد دلوقتي كدا ولا إيه!
أجابها شاردا بنبض قلبه
_أنا أسعد واحد في الدنيا أنا كنت بتمنى من ربنا يعيدها ليا ولو ثواني بس أملي عيني منها..ربنا طلع كريم أوي وطلعت عايشة مش ميتة.
_طيب ليه لسه شايفاك متضايق وحزين
تنهد بحزن فماذا يقول وأي شىء يمكن أن يقال ..كراهية عمه له وشرارة الانتقام التي تلفح من عينيه ..وكراهية ابنه له وتلك النظرة التي يرمقه بها ،
فهتف بمرارة ناويا على أن يقف بوجه عمه لكن ترى هل سيفعل
_ ممنوش فايدة الكلام ..علشان اللي جاي هيكون فعل مش مجرد كلام .
_ممكن افهم إيه اللي حصل بالظبط
ليشعر هو بالسأم من اسئلتها
_ممكن لو خلصتي تتفضلي بقا .
وقف هي بضيق
_ده بدل كلمة الشكر بتاعتك ..يو استل وقح.
خرجت هي تشعر بالضجر تنفخ بغيظ منه ليلمحها بلال فهو لم ينم بعد فسألها كيف هو صقر
_ياسمينا ..صقر كويس!!
أجابته بحنق _كويس بس هي استيل وقح.
ضحك بلال فهو علم أن الصقر ربما ضايق ياسمينا بفظاظته معها في الحديث
_هو ضايقك بردو... أنا مش فاهم ليه مش عارف ينسى اللي عملتيه .
رأى العبوس على ملامح وجهها
فقالت مسرعا
_أنا آسف والله مش قصدي حاجة ..بس انا مستغرب أن صقر لحد دلوقتي مشافش أن روحك جميلة فعلا ..على عكس ما كنا بنتوقعه.
هتفت بهدوء_سانكس دكتور
أجابها بجديه
_ طيب دلوقتي انتي هتنامي فين وصقر استرجع اوضته النهاردة ....
فكر قليلا ثم هتف
_بصي كده كده انا مش هنام غير لما أصلي الفجر...تعالي هوديكي عند مريم تنامي معاها.
_طيب وانت؟
_لا انا ممكن انام في أي مكان عادي متشغليش بالك
_ نو ..خليك أنت مع مريم ويحيى ..انا هروح لأنطي رباب انام معاها .
_ بس هيه ممكن تكون نامت
أجابته وهي تقف خلفه
_لا يا ولدي ..أنا لساتي صاحية .. تعالي يا حبيبتي نامي معايا ..عمك أحمد راح على المسجد وهيفضل هناك للصبح.
هتف بلال وهو يهم بنزول الدرج
_طيب أستأذنكم واروح الحق عمي في المسجد مبقاش غير نص ساعة على الفجر.
ردت رباب وهي تحيط ياسمينا بذراعيها
_إذنك معاك يا ولدي
ثم نظرت لياسمينا
_ تعالي يا ياسمينا عايزة اتكلم معاك اهو نتسلى شوية لحد الفجر ..نصلى وننام
جلست ياسمينا جوارها، لتربت رباب على يدها
_ياسمينا..أنا مش عايزاكي تزعلي من ولدي..هو ساعات بيكون شديد حبتين لكن مفيش أطيب من چلبه.
ابتسمت ياسمينا لها_
يو نو( تعرفي) صقر محظوظ انه عنده ام جميلة زي حضرتك.
مسدت رباب على شعرها ببسمة
_لاه ده إنتي اللي كيف فلجة الجمر(فلقة القمر) ماشاء الله ربي يحرسك ..جمال ..وطيبة وروحك حلوة كمان.
_سانكس أنطي
__________أسماء عبد الهادي_______
تفآجىء كل من احمد الزيني وبلال بوجود صقر بالمسجد فعلى ما يبدو أنه استيقظ أيضا لصلاة الفجر
جلسا جواره ليربت الزيني على كتف ولده يعلم أنه ليس بخير
_ كيفك دلوك يا ولدي ؟
تنهد الصقر محاولا الابتسامة في وجه أبيه
_متقلقش يا ابويا أنا كويس أطمن
أومأ إليه والده فهو يعرف قوة صمود ولده ،ونهض ليرحل
_طيب هسبجكم ورايا كم حاجة مهمة في الدوار
أسند بلال ظهره بالحائط وقال ناظرا لصاحبه بنظرة مطولة يستشف بها ما ألم به
_ فكرت هيروح عليك نومة ...شكلك كان مرهق أوي
أمال صقر بظهره للحائط أيضا وهتف بلوعة
_وهيجيلي نوم إزاي ومودة بعيد عن عيني .
أعتدل بلال في جلسته ووضع يده على فخذ صقر
_ مش ناوي تقولي بقا إيه اللي حصل
أغمض الصقر عنيه هنيهة وما زال على وضعه مستندا للحائط ومن ثم قص عليه ما حدث.
شغر بلال فاه ، فاتحا أعينه على وسعهما بصدمة
_بتقول ايه؟؟ عمك رشاد يطلع منه كل ده ؟!
صمت قليلا ثم أردف بغيظ
_ مش بعيدة عليه إنت ناسي عمل إيه قبل كده؟! .. المهم هتسكتله وتسيب مودة وشاهين معاه؟؟
كور الصقر قبضته وقال بقلب حائر
_مفيش قدامي حل حاليا غير كدا.
ليرمقه بلال بغضب ظاهر من نبرة صوته
_ ده اللي هو إزاي يعني... انت هتستسلم ليه ولا إيه ..إوعى تكون خايف منه؟
_ مش حكاية خوف يا بلال وانت عارفني كويس ... كل الحكاية اني مش عايز أروح هناك تاني الا وأنا متأكد إني هرجعهم معايا.
_طيب وإيه اللي هيمنع ده في الوقت الحالي..مش فاهمك يا صقر بصراحة ...انا فكرتك هتطربق الدنيا على دماغه وترجعهم بالقوة لو لزم الأمر .
ضحك الصقر بمرارة وهتفت ساخرا
_وبتقول عليا أنا اللي همجي.
رمقه بلال بضجر فلا يعجبه حالة صديقه
_ في الموقف ده لازم تكون كده .. ثم ان قولي هنا... انت ليه لحد دلوقتي مقلتش لحد على حقيقة رشاد ...الكل لازم يعرف الحقيقة.
زفر صقر بضيق ونظر لنقطة ما في الفراغ
_ هقولهم إيه بس يا بلال أفضل أنهم ميعرفوش حاجة ....انت ناسي إنه أبو مودة؟ مش عايز علاقة مريم تتغير ناحية مودة بسبب اللي عمله رشاد في عمي محمد.. مش عايز أمي تبص لمودة على أنها بنت المجرم... مش هتحمل أي نظرة عتاب أو لوم تتوجه لمودة ...وكمان مودة لو عرفت الحقيقة ممكن تنهار مش هتتحمل اللي عمله أبوها في عمها ..كده أفضل أن محدش يعرف الحقيقة .
_على أساس انها مش منهارة باللي عمله رشاد بالجامعة بتاعتها ولا البنت اللي حلت مكانها وماتت مشوهة ومحروقة بدون ذنب ...أنا شايف ان الكل لازم يعرف الحقيقة واولهم أبوك عمي أحمد لازم بعرف باللي حصل لأخوه .
رفض صقر رفضا قاطعا
_ لا يا بلال محدش هيعرف بده .. انا تعبت لما أقنعت المأمور إنه ميخرجش أي معلومات تخص قضية مقتل عمي محمد اللي مفكرينه مات بأزمة قلبية حادة.
رمقه بلال بعدم فهم لما يفعل هذا فهتف متسائلا
_ بعد كل اللي عمله لسه شايفك باقي عليه وبتحبه كمان
غامت أعين الصقر وهتف بأسف_
_ مقدرتش أكرهه يا بلال .. رغم اللي عمله مش قادر أكرهه.. عمي رشاد كان بالنسبة ليا كل حاجة ... علاقتنا مكانتش عم وابن أخوه .. كانت علاقة أب وابنه .. بتهيألي لو كان عنده ابن مكانش هيحبه زيى.
ضحك بلال بتهكم
_ ما هو واضح الحب ده أوي.. وهمك بموت زوجتك وعيشك في عذاب لخمس سنين تقريبا ودلوقتي بيكره ابنك فيك ... لا فعلا بيحبك ... انت غبي ياصقر ...ده لو طايل يقتلك مش هيتردد ثانية، رشاد مبقاش اللي كنت تعرفه زمان..ده اتحول لوحش محدش عارف يوقفه... مش عارف انت ازاي مش فاهم ولا شايف ده .
مسح صقر وجهه بيده مخرجا هواء الزفير بضيق شديد
_ بتصعب عليا الدنيا ليه يا بلال ...ده كتير اللي بيحصلي ده
أمسكه بلال من كتفه وشدد من ضغطه
_ صقر انت لازم تفوق من الوهم ده..رشاد شكله راجع ومن ناوي يجيبها لبر ومحدش هيقدر يوقفه غيرك لأنك أكتر حد فاهمه كويس .. سيبك من جو المشاعر اللي ملهاش وجود حتى في قلبه دي وأُقف قصاد عمك ولو حصلت إنك ترجعه للسجن تاني لو لزم الأمر .
نظر صقر مطولا في أعين بلال الذي بادله بنظرات ثابته
_ماشي يا بلال ...معاك حق في كل كلمة قلتها .
نهض بلال من مكانه ناويا أن يصلي ركعتي الشروق ،ليبتسم لصاحبه
_ معاك يا صاحبي ومش هسيبك.. بس دلوقتي خلينا نصلي علشان عايز اطمن على مريم ..عارف انها مش هيجيلها نوم بعد ما عرفت أن مودة لسه عايشة .
ابتسم له صقر
_عرفت انا ليه مش عايز حد يعرف الحقيقة بلاش العلاقة الجميلة اللي بينهم تبوظ بسبب رشاد
أومأ له بلال بتفهم
_اعمل اللي انت شايفة صح يا صقر ومتترددش ثانية واحدة.
____________أسماء عبد الهادي__________
رأتها تدلف إلى باب البيت فاقتربت منها بقلق
_ كنتي فين يا بنتي ده إحنا لسه بدري جوي ...لسه النور بدأ يشجشج.
أجابتها ببسمة، تلك التي خرجت لتقوم بتمارينها الرياضية بتلك الملابس التي حذرها الصقر من ارتدائها
_ كنت بعمل رياضة يا انطي
_بكير إكده يا بنتي!! وبعدين ملبستيش ليه الهدوم اللي صقر موصيكي بيها..لو عرف ، ممكن يتعصب عليكي
هتفت هي بضجر
_زهقت منها ..أنا مش متعودة على كدا .. بكون مرتاحة في دي أكتر .
وأشارت إلى ما ترديه.
هتفت مشفقة عليها
_أنا عايزة مصلحتك يا ياسمينا صقر لو شافك إكده مش هيسكت.
هتفت هي بقلب مطمئن
_ هيعرف منين ...هو نايم مع مودي فوق ومأظنش هيصحى دلوقتي
لتسمع هي آخر صوت تتمنى سماعه في تلك اللحظة .. أجل إنه صقر
_اه وانتي ماشية بمبدأ ان غاب القط إلعب يا فار مش كدا؟؟
هتفت بها صقر بتهكم
حملقت هي به باندهاش فهي ظنته نائما ولن يراها بهذه الملابس فهي خططت ان تقوم بتبديلها قبل ان يستيقظ
صقر... إنت ..إنت ...
عقد ذراعيه أمام صدره رامقا إياها بغضب
_أنا إيه .. أعمل فيكي إيه بس
خشيت هي أن يتهور عليها فعادت خطوتين للخلف لتجعل المسافة الفاصلة بينما أكبر.
ليهتف هو بغضب أكتر
_ ياريتها كانت لحد كدا ..تقدري تقوليلي مين الراجل اللي موصلك لحد البيت هنا؟؟
رفعت رباب حاجبيها وحملقت بياسمينا تستفسر منها _راچل موصلك لهنه!؟
هتفت ياسمينا بعفوية
_ أوه ده مرزوق ..شاب ظريف أوي
ناظرها صقر بحدة وصرامة فعلمت أنها زادت الطين بلة لذا هتفت مصححة ما فهمه
_ مرزوق ساعدني أوصل لهنا لما تهت عن الطريق.
ضربت رباب على صدرها_يالوي يابنتي.. إنتي تهتي!!!
_ممم كنت بكلم ماي بيست فريند ومأخدش بالي من الطريق فاكتشفت اني مشيت في اتجاه غلط ...فعرض عليا مرزوق المساعدة .
زم صقر شفتيه وهتف حانقا
_وإيه تاني إشجينا ..كملي علشان تبقى كملت بالمرة ...قولي طلبتي منه إيه؟
فهمت رباب أن الصقر على دراية بما حدث فعلى ما يبدو أن هناك من أخبره بالأمر
لتهتف ياسمينا بتلقائية ولم تدري أن ما فعلته ليس صواب
_ طلبت منه يوديني عند أعلى مكان هنا علشان أتفرج على شروق الشمس
ثم صاحت بحماس_ وااو .. كان مشهد يخطف العقل .. بحب اتفرج على السن رايز جدا
وضعت رباب يدها على وجهها خوفا مما سيحدث من الصقر فياسمينا لم تبالي بما فعلته
شدد صقر من ضغطه على أسنانه وبدا وجهه أحمر اللون من شدة الغيظ مما يسمعه من ياسمينا،
_ياربي صبرني وأرجعها لأبوها سليمة يارب... دي عايزة تشلني بتخلفها ده
هتفت هي باستفهام استنكاري_ واتس بوربلم صقر.. كمان السن رايز ممنوع ؟؟؟!
قال وهو يقترب منها يقلص المسافة بينهما حتى اقترب منها وأمسك بذراعها يقبض عليه لتصيح هي بتأوه
_ لا مش ممنوع ..لكن تروحي مع راجل غريب متعرفيهوش لأعلى برج حمام علشان تشوفي السن رايز بتاعتك، ده تصرف متخلف زيك بالظبط ...إنتي اتجننتي يا زفتة إنتي
حاولت سحب يدها من قبضته لكنها فشلت فقالت بضيق
_ واي نوت ..مش فاهمة إنت متعصب ليه ..بليز سيب إيدي ..وجعتني .
ليهدر بها صارخا
_ ياشيخة ياريتها تتكسر علشان ارتاح
إزاحت يدها بعصبية فهي لم تعجبها طريقته معها
_ صقر بليز إناف(كفاية) أنا مش بعمل حاجة غلط ، بليز بطل أسلوبك ده
ليهتف بها الصقر هادرا
_افرض الشاب ده طلع مش كويس كنتي ساعتها هتتصرفي إزاي ها قوليلي ... لو كان اعتدى عليكى في المكان ده مكانش حد هيحس بيكي أو يقدر ينجدك منه ... انا مش فاهم انتي بتفكري إزاي إنتي متخلفة معندكيش ذرة عقل حتى .
رفعت هي حاجبيها باستغراب
_ يعتدي عليا!!! لا لا دماغك راحت لبعيد أوي
ليشير صقر بنزق إلى ملابسها
_ ما هو بمنظرك ده مش هو بس اللي هيفكر في كده ...البلد كلها ..انتي مش شايفة انتي لابسة ايه ولا شكلك عامل إزاي
أعادت هي خصلة شعرها المتمردة لمكانها
_لا على فكرة انت غلطان .. أنا معايا سيلف ديفنس وأقدر أدافع عن....
ثم أطلقت صرخة بألم قاطعة حديثها ،فالصقر انقض على شعرها يجذبها منه قائلا
_ سيلف ديفنس ده إيه اللي بتتكلمي عنه يا غبية انتي... ده إنتي نافخة واحدة تطيرك .. فوفي بقا وبطلى عبطك وجنانك ده ..مش فاهم ده تفكير واحدة بسنك ..ده انتي محصلتيش عيلة في إعدادي بطيشك ده .
وضعت يدها على شعرها لتخفف حدة الألم
_ صقر بليز ...ماي هير هتبوظه
ليشدد عليه صقر أكثر وهو يقول بصرامة أخافتها_ وربي يا ياسمينا لو عصيتي أوامري وخطيتي عتبة البيت ده من غير اذني لا مطلع عليكي القديم والجديد... أنا اكتفيت منك ومن عمايلك دي ..انتي فاهمة
صرخت ياسمينا بصوت اعلى فالصقر يؤلمها بقبضته على شعرها
اقتربت منه رباب لتخلصها
_ خلاص يابني سيبها ..هيه مش عارفة عوايدنا إهنه.. علشان خاطري سيبها.
تركها صقر تلبية لرغبة أمه وهو يقول بغضب
_ اللي بتعمله ملوش دعوى بعادات ولا تقاليد يا أمي ... هيه لازم تفهم كويس ان في حاجات خط أحمر مينفعش تتعداها ...وأنا عارف ازاي هعاقبها على اللي عملته ... من النهاردة يا أمي ..تدخلي ياسمينا معاكم المطبخ وتعلميها تعمل كل حاجة بنفسها وياويلها لو منفذتش اللي بقوله .
لتهتف هي بغضب ثائر ويدها على شعرها برأسها تؤلمها إثر قبضته
_ وااات .. أنا مش داخلة المطبخ ..انت بتحلم يا صقر .
رمقها صقر بنظرات قاتمة
_ وريني إزاي هتتحديني يا ياسمينا
لترمقه هي بغيظ ومن ثم تركض مسرعة نحو الغرفة التي تنام بها ابنته، شاعرة بالحنق تجاهه وتجاه ما يفعله بها
لتقول رباب بأسف
_ جاسيت عليها جوي يا صقر
صقر بلا مبالاة
_ واحدة بشخصية ياسمينا ودلعها ده مش هينفع معاها غير كدا.
🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱..
دعواتكم احبتي
فلربما لست بخير
بشكر كل اللي سأل عليا وبعتذر إني معرفتش أرد عليكم ،أعذروني هذه الفترة .
اسماء عبد الهادي
الفصل التاسع والعشرون
اقتربت منه أمه رباب لتطمئن عليه فحالته تبدو انه ليس على ما يرام أبدا، فهو كأنما خرج للتو من معركة حامية كان هو احد طرفيها، رفعت يدها إلى وجهه
_صقر يا ولدي حصلك ايه وليه شكلك متبهدل إكده !!!
نظر صقر إلى عيني أمه ولم يعقب .
لتهتف هي مرة أخرى بلهفة على حبيبة قلبها والتي كانت تعتبرها مثل ابنتها التي لم تنجبها
_ صحيح مودة لسانها عايشة يا ولدي!!! طمنا الله يرضى عنيك.
كان لسماع إسمها أثر كبير على قلبه، فلقد كان كمن صُدِم بجهاز الصدمات الكهربائيه ليعيد إليه نبضات قلبه من جديد ،اغرورقت عينه بالدموع وقال بصوت فَرِح مخلوط بوجع راسما بسمة متيمة على محياه
_الحمد لله عايشة ..مودتي لسه عايشة مماتتش يا أمي.
رفع يده الى وجهه ناظرا إليها بفرحة_ لمستها بإيديا ..وسمعت صوتها...أخدتها بين إيديا ...لمساتها ردلتلي الروح من جديد ...همساتها ليا كانت زي الدوا اللي طيب كل جروح قلبي اللي انكسرت ببعدها.
كانت تسمع ما يقوله بزهول عجيب ..استطاعت أن ترى في عينيه لمعة حب حقيقية ..وقصة حب لم تسمع عنها حتى في الاساطير ..فيبدو من صوته وتعابير وجهه حبه الشديد لمودة . .فهو أحبها كما لم يحب رجل زوجته قط
وضعت يدها على وجهها وحملقت به حالمة..تتمنى فعلا رجلا يحبها كحب صقر لمودة ..ومن ثم حدثت نفسها ماذا لو كان الرجل الذي تنتظره هو صقر نفسه .. فهي لا تستطيع أن تنكر اعجابها به رغم المعاملة القاسية التي يعاملها بها
هتفت والدته بفرحة ووضعت يدها على قلبها بسعادة غامرة _ مودة عايشة أنا مش مصدجة نفسي .. الحمد لله يارب الحمد الله
اغرورقت عيني مريم بفرحة احتضنت ياسمينا بحركة عفوية فهي فرحة بأن اختها وصديقة عمرها لم تمت بعد وأخذت تمتم بكلمات الحمد والشكر .
ابتسمت ياسمينا أيضا فرحة بالخبر..لكن أعينها ما زالت مسلطة على الصقر تتابع كل هفوة وشاردة يفعلها ..رغم أنه يقف صامتا ويكتسي ملامحه الحزن الشديد
لتهتف أمه مرة أخرى باستغراب وهي تنظر حوله_وطالما لسه عايشة يا ولدي ما چبتهاش معاك ليه
ضغط الصقر على قبضة يده وغلت الدماء في عروقه حتى برزت عروق نحره بشدة من شدة الغضب
لكنه صمت ولم يستطع التحدث
ظل على حاله لبرهة ،والجميع يحدق به ينتظرون رده،
ينتظرون تفسيره لعدم رجوع مودة وابنه معه وما سر ادعاء موتها طوال هذه السنين
لينهار الصقر ثانية وتسقط رايات ادعاء القوة والصمود ..ليهتف هو بأعين زائغة تبحث عن ابنته ، خوفا من أن تضيع منه هي الاخرى_بنتي فين ...فين مودي
زهل الجميع من تغير حالته هكذا فجاءة فاقترب منه والده_صقر يا ولدي أحكيلنا ايه اللي بيحصل
لكن الصقر بدا وكأنه لم يسمعه من الأساس ونظر لياسمينا مستفهما_ بنتي فين ...مودي فين
نهضت ياسمينا من مكانها وهتفت تجيبه_ مودي نايمة يا صقر إيه اللي هيسهرها لدلوقتي؟
ليركض هو سريعا نحو الدرج
بينما يحملق الجميع ببعضهم بعدم فهم لما يجري ...ففرحتهم لم تكتمل بعد ...لا يعرفون ما حل بمودة ولماذا لم تعد
____
----------------------------------
صعد الى أعلى حيث غرفته في الاصل لينام جوار ابنته فهو في أشد الحاجة اليها بعد ابتعاد حبيبته وابنه عنه عنوة, اراد ان يعوض كسر قلبه بابنته, الشىء الجميل المتبقي له ..فقلبه كطفل تائه من كثرة الصدمات التي تلقاها ...فالخيبة قد أتته من أكثر شخص كان يحبه ..عمه رشاد كان له الاب والقدوة والمعلم ..لم يكن يتخيل يوما ان يفعل هذا به ومن اجل ماذا
(فما اصعب ان تعيش في حيرة بين شخص كنت تراه يوما يحبك.. والآن لا تدري من يكون )
دخل الى الغرفة ليُصدم من هيئتها التي اصبحت عليها وكأنه دخل الى غرفة اخرى ليست غرفته وكأنه اخطأ في العنوان .. فنظر مرة اخرى الى موقعها ليتأكد انها هي لكن حالها تغير رأسها على عقب وما تلك الالوان الغريبة التي تتناقض تماما مع شخصيته ومع ذوقه
كانت ياسمينا تتوعد للصقر وتنوي اثارة غضبه لسوء تصرفه معها دائما... لذا أرادات استفزازه بتغير غرفته لشىء مختلف تماما .. لكن الحق يقال كانت الغرفة هادئة ورقيقة تماما كياسمينا بلونها الاصفر الخردلي الجميل .. لكنها لا تناسبه هو فالاصفر من الالوان التي تثير غضبه ولا يحبها على الاطلاق ..
لذا اتفت اليها هادرا باستياء فيكفي ما به الان
-ايه اللي انتي هببتيه في اوضتي ده؟
تصنعت هي اللامبالاة وتنحنحت وهي تعيد خصلات شعرها المتمردة خلف اذنها
–ايه مالها الاوضة... امازنج وكيوت مش كدا؟
أجابها مشيرا الى جدران الغرفة وشراشفها الصفراء ايضا
-كيوت ايه وزفت ايه، ده لون بزمتك يا شيخة؟ .
رفعت يدها بالهواء تحاول كبت ضحكاتها فهي نجحت في استفزازه باللون الاصفر والذي علمت انه لا يحبه ..لكنها لم تكن تدري ما به .. ان بقلبه نيران مأججة تكاد ان تبتلع كل ما في طريقها فهو لم يخبرهم بشىء مما حدث
-واتس زا بروبلم ..اللون واو اوي.. وكمان دي بقت اوضتي مش اوضتك
هو رأسه باستياء ورفع كفة يده في وجهها ...فبحركة سريعة منها خبأت وجهها بيدها خوفا من أن تطالها يده الهوجاء تلك .
همّ هو بالانقضاض عليها فهي تتعمد إثارة غضبه في كل مرة لكنها كادت أن تصرخ فهي نظرت له من بين أصابعها التي تغطى وجهها
فما كان منه الا أن كمم فمها وهو ينهرها، ناظرا لابنته النائمة خوفا من ان تستيقظ على صوت صراخ ياسمينا فتفزع منه
_ ششش اسكتي البنت هتقوم مفزوعة، حرام عليكي أعمل فيكي إيه بس ...هشيل إيدي عن بوءك ، مسمعش صوتك، وبكرة الصبح ألاقي أوضتي رجعت زي ما كانت ، إنتي فاهمة؟
أومأت له بعينيها وحرت رأسها بخوف بأنها فهمت ما يقول ، ليتركها مبتعدا عنها متجها نحو ابنته
رقد جوار ابنته النائمة يضمها إليه كطفل بحاجة لحنان أمه ، فتأرقت في نومها، بسبب النور المضاء ،لتفتح أعينها لتجد أبيها جوارها فتبتسم هي له وتقول بصوت ناعس
_بابي، بحبك .
ومن ثم تضع يدها الصغيرة على وجهه وتغط في النوم مرة أخرى.
ليبتسم هو على رقة قلب ابنته تماما كأمها مودة..كانت رقيقة كبتلة زهرة بيضاء تتأثر بأي مؤثر خارجي حتى لو كان بسيطا.
مسد على شعرها بحنان يمرر يده على وجهها بحنو ابوي بالغ ..ليتذكر قسمات وجه ابنه شاهين المقتضبة و أعينه التي كانت تحدق به بكره شديد ...لينفطر قلبه حزنا
فيضم قبضته بغضب ..ضاغطا على شفتيه بقوة حتى خرج الدم منها ..ولكنه لم يهتم بل لم يشعر به من الأساس.
لاحظته تلك التى ظلت واقفة تتأمله وهو نائم مع ابنته فشاهدته يضغط على قبضته فظنت أنها تؤلمه وخاصة أنها لاحظت أن يديه تبدو في حالة سيئة
فهو كان يضرب سيارته بيده بغضب شديد حتى بدا الجزء الخلفي كأنه اصطدم بشجرة للتو .
اقتربت منه بلهفة هاتفه بصوت قلق
_صقر أر يو أوك .
نظر لها دون أن يجيب وعاود النظر الى وجه ابنته النائمة ويبحر في تفكيره في ذلك الذي حدث مع عمه ..ولأول مرة كان يشعر بالعجز بعدم القدرة على فعل شىء فهذا عمه الذي يحبه فبالرغم مما فعله به وبرغم وعد نفسه أنه سينتقم منه الا انه عندما يراه لا يستطيع أن يفعل شيئا ،ليس لأن لرشاد حضور طاهي مهيب ونظرات نارية تخيف من يقف امامه فهو ذا جبروت لا يضاهيه أحد وانما لأنه مازال يراه أبيه الثاني .
همت ياسمينا إلى الخزانة الخاصة بالإسعافات الأولية وأخرجت كيس القطن وبعض المطهر واللاصقات الطبية ..واقتربت ثانية من صقر لتهتف به
_صقر ممكن إيدك لو سمحت
نظر لها ببلاهة
_ها!!!
أشارت إلى يده
_علشان أطهرها ..وكمان شفايفك بتنزل دم
وضع يده على شفتيه ومن ثم نظر ليده ليجد بها فعلا آثار لدماءه لكنه لم يهتم ولم يبالي ،وأشار لها بيده بانزعاج
_ ممكن تتفضلي تخرجي علشان أنام مع بنتي بهدوء!!!
رمقته هي بعدم مبالاة
_اوك اوك ،بس لما أطهر ايدك الأول.
ليضيق ذرعا بها
_ ملكيش دعوى بإيدي .. أنا عايزها كده ..ممكن تتفضلي بقا ...مش عارف انام منك.
رمقته بغيظ وهي تلوي شفتيها فلا مرة واحدة يعاملها بلطف لذا أجابت بحدة
_ هوا أنا ماسكة فيك ما تنام .
مط شفتيه بضجر
_هنام إزاي وسيادتك واقفة ليا كدا ..اتفضلي اخرجي وانا هنام.
_بس انت نايم في اوضتى ..هخرج انام أنا فين ؟
_ لا دي مش مشكلة ، روحي لأمي وهيه هتتصرف .
وضعت يدها في خصرها بعند
_بس أنا حابة أنام في أوضتي هنا ومش عايزة اخرج
ليهدر بها بنفاذ صبر
_وبعدين بقاا ..أنا مش ناقص ،يعني عايزاني أخد بنتي وننام في مكان تاني مفيش مانع...ما أنا مش مكتوبلي الراحة ابدا
هب من مكانه وهم ليحمل ابنته ليذهب بها الي الغرفة التي ينام بها ،لتحاول هي منعه
_نو نو ..كده مودي هتصحى ولو صحيت مش هتعرف تنام تاني خلاص.
وضع يده على رأسه
_طب أتنيل أعمل إيه ..أنا دلوقتى!
هتفت هي مشيرة ليده
_لو خلتني أطهر جرح ايدك هخرج واسيبك تنام.
أخذ نفس عميقا حانقا ثم مد يده لها معتدلا في جلسته
_ اتفضلي لما نشوف اخرتها
ابتسمت له وجلست جواره تهم بفتح علبة المطهر
_ثانكس
نظرت إلى يده وقالت بخوف
_اووه إيدك متبهدلة إنت متحمل كده إزاي ؟؟أكيد بتوجعك صح!
أجاب بلا مبالاة
_عادي ما أنا متحمل وجع أكتر من كده وساكت ..جت على إيدي
حزنت لأجله ولنبرة الحزن في صوته
_صقر إنت ليه حزين ..مودة انت بتقول انها عايشة الحمد لله ، المفروض تكون سعيد دلوقتي كدا ولا إيه!
أجابها شاردا بنبض قلبه
_أنا أسعد واحد في الدنيا أنا كنت بتمنى من ربنا يعيدها ليا ولو ثواني بس أملي عيني منها..ربنا طلع كريم أوي وطلعت عايشة مش ميتة.
_طيب ليه لسه شايفاك متضايق وحزين
تنهد بحزن فماذا يقول وأي شىء يمكن أن يقال ..كراهية عمه له وشرارة الانتقام التي تلفح من عينيه ..وكراهية ابنه له وتلك النظرة التي يرمقه بها ،
فهتف بمرارة ناويا على أن يقف بوجه عمه لكن ترى هل سيفعل
_ ممنوش فايدة الكلام ..علشان اللي جاي هيكون فعل مش مجرد كلام .
_ممكن افهم إيه اللي حصل بالظبط
ليشعر هو بالسأم من اسئلتها
_ممكن لو خلصتي تتفضلي بقا .
وقف هي بضيق
_ده بدل كلمة الشكر بتاعتك ..يو استل وقح.
خرجت هي تشعر بالضجر تنفخ بغيظ منه ليلمحها بلال فهو لم ينم بعد فسألها كيف هو صقر
_ياسمينا ..صقر كويس!!
أجابته بحنق _كويس بس هي استيل وقح.
ضحك بلال فهو علم أن الصقر ربما ضايق ياسمينا بفظاظته معها في الحديث
_هو ضايقك بردو... أنا مش فاهم ليه مش عارف ينسى اللي عملتيه .
رأى العبوس على ملامح وجهها
فقالت مسرعا
_أنا آسف والله مش قصدي حاجة ..بس انا مستغرب أن صقر لحد دلوقتي مشافش أن روحك جميلة فعلا ..على عكس ما كنا بنتوقعه.
هتفت بهدوء_سانكس دكتور
أجابها بجديه
_ طيب دلوقتي انتي هتنامي فين وصقر استرجع اوضته النهاردة ....
فكر قليلا ثم هتف
_بصي كده كده انا مش هنام غير لما أصلي الفجر...تعالي هوديكي عند مريم تنامي معاها.
_طيب وانت؟
_لا انا ممكن انام في أي مكان عادي متشغليش بالك
_ نو ..خليك أنت مع مريم ويحيى ..انا هروح لأنطي رباب انام معاها .
_ بس هيه ممكن تكون نامت
أجابته وهي تقف خلفه
_لا يا ولدي ..أنا لساتي صاحية .. تعالي يا حبيبتي نامي معايا ..عمك أحمد راح على المسجد وهيفضل هناك للصبح.
هتف بلال وهو يهم بنزول الدرج
_طيب أستأذنكم واروح الحق عمي في المسجد مبقاش غير نص ساعة على الفجر.
ردت رباب وهي تحيط ياسمينا بذراعيها
_إذنك معاك يا ولدي
ثم نظرت لياسمينا
_ تعالي يا ياسمينا عايزة اتكلم معاك اهو نتسلى شوية لحد الفجر ..نصلى وننام
جلست ياسمينا جوارها، لتربت رباب على يدها
_ياسمينا..أنا مش عايزاكي تزعلي من ولدي..هو ساعات بيكون شديد حبتين لكن مفيش أطيب من چلبه.
ابتسمت ياسمينا لها_
يو نو( تعرفي) صقر محظوظ انه عنده ام جميلة زي حضرتك.
مسدت رباب على شعرها ببسمة
_لاه ده إنتي اللي كيف فلجة الجمر(فلقة القمر) ماشاء الله ربي يحرسك ..جمال ..وطيبة وروحك حلوة كمان.
_سانكس أنطي
__________أسماء عبد الهادي_______
تفآجىء كل من احمد الزيني وبلال بوجود صقر بالمسجد فعلى ما يبدو أنه استيقظ أيضا لصلاة الفجر
جلسا جواره ليربت الزيني على كتف ولده يعلم أنه ليس بخير
_ كيفك دلوك يا ولدي ؟
تنهد الصقر محاولا الابتسامة في وجه أبيه
_متقلقش يا ابويا أنا كويس أطمن
أومأ إليه والده فهو يعرف قوة صمود ولده ،ونهض ليرحل
_طيب هسبجكم ورايا كم حاجة مهمة في الدوار
أسند بلال ظهره بالحائط وقال ناظرا لصاحبه بنظرة مطولة يستشف بها ما ألم به
_ فكرت هيروح عليك نومة ...شكلك كان مرهق أوي
أمال صقر بظهره للحائط أيضا وهتف بلوعة
_وهيجيلي نوم إزاي ومودة بعيد عن عيني .
أعتدل بلال في جلسته ووضع يده على فخذ صقر
_ مش ناوي تقولي بقا إيه اللي حصل
أغمض الصقر عنيه هنيهة وما زال على وضعه مستندا للحائط ومن ثم قص عليه ما حدث.
شغر بلال فاه ، فاتحا أعينه على وسعهما بصدمة
_بتقول ايه؟؟ عمك رشاد يطلع منه كل ده ؟!
صمت قليلا ثم أردف بغيظ
_ مش بعيدة عليه إنت ناسي عمل إيه قبل كده؟! .. المهم هتسكتله وتسيب مودة وشاهين معاه؟؟
كور الصقر قبضته وقال بقلب حائر
_مفيش قدامي حل حاليا غير كدا.
ليرمقه بلال بغضب ظاهر من نبرة صوته
_ ده اللي هو إزاي يعني... انت هتستسلم ليه ولا إيه ..إوعى تكون خايف منه؟
_ مش حكاية خوف يا بلال وانت عارفني كويس ... كل الحكاية اني مش عايز أروح هناك تاني الا وأنا متأكد إني هرجعهم معايا.
_طيب وإيه اللي هيمنع ده في الوقت الحالي..مش فاهمك يا صقر بصراحة ...انا فكرتك هتطربق الدنيا على دماغه وترجعهم بالقوة لو لزم الأمر .
ضحك الصقر بمرارة وهتفت ساخرا
_وبتقول عليا أنا اللي همجي.
رمقه بلال بضجر فلا يعجبه حالة صديقه
_ في الموقف ده لازم تكون كده .. ثم ان قولي هنا... انت ليه لحد دلوقتي مقلتش لحد على حقيقة رشاد ...الكل لازم يعرف الحقيقة.
زفر صقر بضيق ونظر لنقطة ما في الفراغ
_ هقولهم إيه بس يا بلال أفضل أنهم ميعرفوش حاجة ....انت ناسي إنه أبو مودة؟ مش عايز علاقة مريم تتغير ناحية مودة بسبب اللي عمله رشاد في عمي محمد.. مش عايز أمي تبص
لمودة على أنها بنت المجرم... مش هتحمل أي نظرة عتاب أو لوم تتوجه لمودة ...وكمان مودة لو عرفت الحقيقة ممكن تنهار مش هتتحمل اللي عمله أبوها في عمها ..كده أفضل أن محدش يعرف الحقيقة .
_على أساس انها مش منهارة باللي عمله رشاد بالجامعة بتاعتها ولا البنت اللي حلت مكانها وماتت مشوهة ومحروقة بدون ذنب ...أنا شايف ان الكل لازم يعرف الحقيقة واولهم أبوك عمي أحمد لازم بعرف باللي حصل لأخوه .
رفض صقر رفضا قاطعا
_ لا يا بلال محدش هيعرف بده .. انا تعبت لما أقنعت المأمور إنه ميخرجش أي معلومات تخص قضية مقتل عمي محمد اللي مفكرينه مات بأزمة قلبية حادة.
رمقه بلال بعدم فهم لما يفعل هذا فهتف متسائلا
_ بعد كل اللي عمله لسه شايفك باقي عليه وبتحبه كمان
غامت أعين الصقر وهتف بأسف_
_ مقدرتش أكرهه يا بلال .. رغم اللي عمله مش قادر أكرهه.. عمي رشاد كان بالنسبة ليا كل حاجة ... علاقتنا مكانتش عم وابن أخوه .. كانت علاقة أب وابنه .. بتهيألي لو كان عنده ابن مكانش هيحبه زيى.
ضحك بلال بتهكم
_ ما هو واضح الحب ده أوي.. وهمك بموت زوجتك وعيشك في عذاب لخمس سنين تقريبا ودلوقتي بيكره ابنك فيك ... لا فعلا بيحبك ... انت غبي ياصقر ...ده لو طايل يقتلك مش
هيتردد ثانية، رشاد مبقاش اللي كنت تعرفه زمان..ده اتحول لوحش محدش عارف يوقفه... مش عارف انت ازاي مش فاهم ولا شايف ده .
مسح صقر وجهه بيده مخرجا هواء الزفير بضيق شديد
_ بتصعب عليا الدنيا ليه يا بلال ...ده كتير اللي بيحصلي ده
أمسكه بلال من كتفه وشدد من ضغطه
_ صقر انت لازم تفوق من الوهم ده..رشاد شكله راجع ومن ناوي يجيبها لبر ومحدش هيقدر يوقفه غيرك لأنك أكتر حد
فاهمه كويس .. سيبك من جو المشاعر اللي ملهاش وجود حتى في قلبه دي وأُقف قصاد عمك ولو حصلت إنك ترجعه للسجن تاني لو لزم الأمر .
نظر صقر مطولا في أعين بلال الذي بادله بنظرات ثابته
_ماشي يا بلال ...معاك حق في كل كلمة قلتها .
نهض بلال من مكانه ناويا أن يصلي ركعتي الشروق ،ليبتسم لصاحبه
_ معاك يا صاحبي ومش هسيبك.. بس دلوقتي خلينا نصلي علشان عايز اطمن على مريم ..عارف انها مش هيجيلها نوم بعد ما عرفت أن مودة لسه عايشة .
ابتسم له صقر
_عرفت انا ليه مش عايز حد يعرف الحقيقة بلاش العلاقة الجميلة اللي بينهم تبوظ بسبب رشاد
أومأ له بلال بتفهم
_اعمل اللي انت شايفة صح يا صقر ومتترددش ثانية واحدة.
____________أسماء عبد الهادي__________
رأتها تدلف إلى باب البيت فاقتربت منها بقلق
_ كنتي فين يا بنتي ده إحنا لسه بدري جوي ...لسه النور بدأ يشجشج.
أجابتها ببسمة، تلك التي خرجت لتقوم بتمارينها الرياضية بتلك الملابس التي حذرها الصقر من ارتدائها
_ كنت بعمل رياضة يا انطي
_بكير إكده يا بنتي!! وبعدين ملبستيش ليه الهدوم اللي صقر موصيكي بيها..لو عرف ، ممكن يتعصب عليكي
هتفت هي بضجر
_زهقت منها ..أنا مش متعودة على كدا .. بكون مرتاحة في دي أكتر .
وأشارت إلى ما ترديه.
هتفت مشفقة عليها
_أنا عايزة مصلحتك يا ياسمينا صقر لو شافك إكده مش هيسكت.
هتفت هي بقلب مطمئن
_ هيعرف منين ...هو نايم مع مودي فوق ومأظنش هيصحى دلوقتي
لتسمع هي آخر صوت تتمنى سماعه في تلك اللحظة .. أجل إنه صقر
_اه وانتي ماشية بمبدأ ان غاب القط إلعب يا فار مش كدا؟؟
هتفت بها صقر بتهكم
حملقت هي به باندهاش فهي ظنته نائما ولن يراها بهذه الملابس فهي خططت ان تقوم بتبديلها قبل ان يستيقظ
صقر... إنت ..إنت ...
عقد ذراعيه أمام صدره رامقا إياها بغضب
_أنا إيه .. أعمل فيكي إيه بس
خشيت هي أن يتهور عليها فعادت خطوتين للخلف لتجعل المسافة الفاصلة بينما أكبر.
ليهتف هو بغضب أكتر
_ ياريتها كانت لحد كدا ..تقدري تقوليلي مين الراجل اللي موصلك لحد البيت هنا؟؟
رفعت رباب حاجبيها وحملقت بياسمينا تستفسر منها _راچل موصلك لهنه!؟
هتفت ياسمينا بعفوية
_ أوه ده مرزوق ..شاب ظريف أوي
ناظرها صقر بحدة وصرامة فعلمت أنها زادت الطين بلة لذا هتفت مصححة ما فهمه
_ مرزوق ساعدني أوصل لهنا لما تهت عن الطريق.
ضربت رباب على صدرها_يالوي يابنتي.. إنتي تهتي!!!
_ممم كنت بكلم ماي بيست فريند ومأخدش بالي من الطريق فاكتشفت اني مشيت في اتجاه غلط ...فعرض عليا مرزوق المساعدة .
زم صقر شفتيه وهتف حانقا
_وإيه تاني إشجينا ..كملي علشان تبقى كملت بالمرة ...قولي طلبتي منه إيه؟
فهمت رباب أن الصقر على دراية بما حدث فعلى ما يبدو أن هناك من أخبره بالأمر
لتهتف ياسمينا بتلقائية ولم تدري أن ما فعلته ليس صواب
_ طلبت منه يوديني عند أعلى مكان هنا علشان أتفرج على شروق الشمس
ثم صاحت بحماس_ وااو .. كان مشهد يخطف العقل .. بحب اتفرج على السن رايز جدا
وضعت رباب يدها على وجهها خوفا مما سيحدث من الصقر فياسمينا لم تبالي بما فعلته
شدد صقر من ضغطه على أسنانه وبدا وجهه أحمر اللون من شدة الغيظ مما يسمعه من ياسمينا،
_ياربي صبرني وأرجعها لأبوها سليمة يارب... دي عايزة تشلني بتخلفها ده
هتفت هي باستفهام استنكاري_ واتس بوربلم صقر.. كمان السن رايز ممنوع ؟؟؟!
قال وهو يقترب منها يقلص المسافة بينهما حتى اقترب منها وأمسك بذراعها يقبض عليه لتصيح هي بتأوه
_ لا مش ممنوع ..لكن تروحي مع راجل غريب متعرفيهوش لأعلى برج حمام علشان تشوفي السن رايز بتاعتك، ده تصرف متخلف زيك بالظبط ...إنتي اتجننتي يا زفتة إنتي
حاولت سحب يدها من قبضته لكنها فشلت فقالت بضيق
_ واي نوت ..مش فاهمة إنت متعصب ليه ..بليز سيب إيدي ..وجعتني .
ليهدر بها صارخا
_ ياشيخة ياريتها تتكسر علشان ارتاح
إزاحت يدها بعصبية فهي لم تعجبها طريقته معها
_ صقر بليز إناف(كفاية) أنا مش بعمل حاجة غلط ، بليز بطل أسلوبك ده
ليهتف بها الصقر هادرا
_افرض الشاب ده طلع مش كويس كنتي ساعتها هتتصرفي إزاي ها قوليلي ... لو كان اعتدى عليكى في المكان ده مكانش
حد هيحس بيكي أو يقدر ينجدك منه ... انا مش فاهم انتي بتفكري إزاي إنتي متخلفة معندكيش ذرة عقل حتى .
رفعت هي حاجبيها باستغراب
_ يعتدي عليا!!! لا لا دماغك راحت لبعيد أوي
ليشير صقر بنزق إلى ملابسها
_ ما هو بمنظرك ده مش هو بس اللي هيفكر في كده ...البلد كلها ..انتي مش شايفة انتي لابسة ايه ولا شكلك عامل إزاي
أعادت هي خصلة شعرها المتمردة لمكانها
_لا على فكرة انت غلطان .. أنا معايا سيلف ديفنس وأقدر أدافع عن....
ثم أطلقت صرخة بألم قاطعة حديثها ،فالصقر انقض على شعرها يجذبها منه قائلا
_ سيلف ديفنس ده إيه اللي بتتكلمي عنه يا غبية انتي... ده إنتي نافخة واحدة تطيرك .. فوفي بقا وبطلى عبطك وجنانك ده ..مش فاهم ده تفكير واحدة بسنك ..ده انتي محصلتيش عيلة في إعدادي بطيشك ده .
وضعت يدها على شعرها لتخفف حدة الألم
_ صقر بليز ...ماي هير هتبوظه
ليشدد عليه صقر أكثر وهو يقول بصرامة أخافتها_ وربي يا ياسمينا لو عصيتي أوامري وخطيتي عتبة البيت ده من غير اذني لا مطلع عليكي القديم والجديد... أنا اكتفيت منك ومن عمايلك دي ..انتي فاهمة
صرخت ياسمينا بصوت اعلى فالصقر يؤلمها بقبضته على شعرها
اقتربت منه رباب لتخلصها
_ خلاص يابني سيبها ..هيه مش عارفة عوايدنا إهنه.. علشان خاطري سيبها.
تركها صقر تلبية لرغبة أمه وهو يقول بغضب
_ اللي بتعمله ملوش دعوى بعادات ولا تقاليد يا أمي ... هيه لازم تفهم كويس ان في حاجات خط أحمر مينفعش تتعداها
...وأنا عارف ازاي هعاقبها على اللي عملته ... من النهاردة يا أمي ..تدخلي ياسمينا معاكم المطبخ وتعلميها تعمل كل حاجة بنفسها وياويلها لو منفذتش اللي بقوله .
لتهتف هي بغضب ثائر ويدها على شعرها برأسها تؤلمها إثر قبضته
_ وااات .. أنا مش داخلة المطبخ ..انت بتحلم يا صقر .
رمقها صقر بنظرات قاتمة
_ وريني إزاي هتتحديني يا ياسمينا
لترمقه هي بغيظ ومن ثم تركض مسرعة نحو الغرفة التي تنام بها ابنته، شاعرة بالحنق تجاهه وتجاه ما يفعله بها
لتقول رباب بأسف
_ جاسيت عليها جوي يا صقر
صقر بلا مبالاة
_ واحدة بشخصية ياسمينا ودلعها ده مش هينفع معاها غير كدا.
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
