روايةلاتتحدى_الصقر
الفصل السابع
بقلم اسماء عبد الهادي
روحان تتعلقان ببعضهما البعض إذا ما حدث شئ لأحدهما تتأثر الأخرى شاعرةً بنفس الألم
ونفس الوجع نفس الاحساس بل أكثر،تتألم لرؤية روحها تعانى ،فما بالك بالموت فكما
إنقطع عنها النَفَس ،تصاب الاخرى بإنقطاع النفس بعدم القدرة على الحياه من بعدها،
فروحها المتعلقه بها قد سُلِبت منها فكيف لها أن تعيش دونها
كان هذا حال مريم بمجرد سماعها خبر موت زوجها ،تُحَمِّل نفسها ذنب موته لم تستطع روحها المعلقه فى روحه إلا أن تلحق به وهى مازالت على قد الحياه
__
إنتبه ذلك الجالس الذى شعر برغبة ملحة فى رؤية مريم والاطمئنان عليها بعدما علم قصتها ،كم هى قصه حزينه يدمى لها القلب
فقال له الصقر والذى على ما يبدو أنه كان مصراً على أن ينتشل مريم مما هى فيه يكفى هذه السنوات الثلاث يكفى هذا الحد ،سيفعل المستحيل حتى تعود لطبيعتها من جديد كى تعود للحياة _إسمع يا يحيى أنا هفهمك كل حاجه عن بلال ،بيحب إيه بيكره إيه ،شخصيته كانت عاملة إزاى ،وكمان هحكيلك عن مريم وإزاى بلال كان بيتعامل معاها
شعر يحيى ببعض التوتر،فأردف صقر _متخافش ،هتنجح بإذن الله ،طالما نيتنا خير هننجح ،خلينا دلوقتى نكمل شغلنا وبعدها نكمل بقية كلامنا
أومأ له يحيى برأسه وداخله خوف خفى لا يعرف سببه .
_____
كان جالساً أمام التلفاز منشغلا بمتابعته ،حتى سمع رنين هاتفه فتلفت حوله بحثاً عنه فلم يجده فقال لتلك التى كانت تمسك فى يدها فوطه خاصه بالتنظيف وعلى ما يبدو أنها منهمكة فى عملها ولا تسمعه بسبب تلك السماعات التى تضعها فى أذنها
فلوى فمه بإمتعاض قائلاً بصوت عالى_أمييييرة إنتى يا زفته
إنتبهت له فأدخلت يدها فى جيبها وأخرجت هاتفها واوقفت ما كانت تسمعه،ثم نظرت إلى أخيها بإهتمام_بتقول حاجه ياعادل
فقال بنبرة حادة_تعالى هنا كنتِ بتسمعى إيه؟
أدخلت يدها فى جيبها وأخرجت الهاتف ونزعت عنه السماعات كى يسمع أخيها ما كانت تسمعه
فقال بإستغراب فهو لم يستطع التعرف على صوته _مين ده؟
لوت فمها فى تهكم_طبعاً هو حضرتك هتعرفه منين وإنت مش عارف غير أسامى المغنين والممثلين
رمقها بضيق_زفته إخلصى مين ده
قالت بهدوء_ده الشيخ حازم شومان كنت بسمع خطبة ليه ،خطبه جميلة أوى وموجهه للشباب اللى زينا ،تحسه كده كأنه واحد مننا وحاسس باللى بنعانيه
بدا على وجهه الصدمة ...فقالت بسخريه_أمال مفكرنى بسمع إيه،عمرو دياب مثلاً
إغتاظ منها فقال _طب روحى ياختى هاتيلى موبايلى اللى مبطلش رن من الصبح ده
فقالت بضيق_يعنى إنت معطلنى عن شغل البيت وعن سماع الخطبه ،علشان أجيب موبايلك من الاوضه ،ما تروح تجيبه ما إنت قاعد مش بتعمل حاجه
فقال بغضب_بت إنتى لما أقولك حاجه تعمليها وانتى ساكته فاهمه؟
لتأتى سلمى والتى خرجت للتو من المطبخ وتقول بسخريه _ليه كانت الخدامة الفيلبينية بتاعك مثلاً
لوى ثغره فى ضيق واحد_وإنتى دخلك إيه ،نفسى أعرف بتحشرى مناخيرك فى كل حاجه خاصه بينا ليه
سلمى بغيظ منه_طالما الموضوع خاص بأميرة يبقى لازم أتدخل ،فمتعملش الشويتين بتوعك دول عليا
تجاهل كلماتها وصاح بأميرة_إخلصى هاتى الموبايل
فأضطرت أميرة إلى إحضاره _خد أهو
لتقول سلمى بضجر_بتجبيه ليه ،ما يقوم هو ولا هو أكل ومرعى وقلة صنعه
عادل وهو يضغط على رقم ما منتظر الرد_سمعتك على فكرة بس هعمل نفسى مش سامع علشان مزعلكيش
كادت أن ترد عليه لكنها إستمعت لنداء والدها ،فذهبت لتلبية ندائه_حاضر يا بابا
فقال عادل بفرحة لمغادرتها _ايوة كده يا خالى جيت فى وقتك يا غالى وخلصتنا من التهمة دى
سمعته سلمى ولكنها كظمت غيظها منه ولم تعلق.
عادت أميرة إلى إكمال عملها ،أما عادل فأخذ يتحدث فى الهاتف_سوسو ..وحشانى خالص
....
عادل_والله الموبايل كان فى الاوضه ،هو أنا أقدر مردش عليك يا جميل
....
عادل_لا طبعا ميرضنيش زعلك ياروحى،شوفى عايزة إيه وأراضيكى بيه
نظرت أميرة إلى أخيها بإستغراب وجلست جواره _عادل مين سوسو دى واحدة قريبتنا؟؟
تجاهلها عادل مكملاً حديثه فى الهاتف ،لتطرق أميرة على ذراع أخيها بضيق_عادل أنا بكلمك مين سوسو دى؟
نفخ عادل بضيق من أخته ومقاطعتها لحديثه فقال عبر الهاتف _ثوانى ياسوسو
ثم نظر لاخته_إيه عايزة إيه مش شايفانى بتكلم فى الموبايل!!
أميرة_ما أنا بسألك مين دى مش بترد
عادل _دى سوسو ارتحتى؟
ضيقت أميرة ما بين حاجبيها_سوسو مين دى اللى بتقولها ياروحى وياقلبى وفشتك دى؟
ليقوم عادل من مكانه واضعاً الهاتف على اذنه مرة أخرى_معلش يا بيبى دى أميرة أختى بتحب تتدخل فى اللى ملهاش فيه ،لحظة بس هدخل نتكلم فى اوضتى على راحتنا
لتشعر أميرة بالغضب وتكز على أسنانها بضيق من أفعال أخيها وتقوم من مكانها لتلحق به وتمسكه من ذراعه _عادل استنى هنا ،إنت بتكلم بنات هيه حصلت !!!
لينهى عادل إتصاله _شويه وهكلمك تانى باى ياروحى
وأمسك بذراع أخته بحدة_إنتى إتجننتى يا متخلفه ،إزاى تمسكى ذراعى بالشكل ده ،وبعدين إنتى مالك أكلم بنات ،اكلم ولاد ملكيش دعوى ،أنا أعمل اللى أنا عايزة ،فاهمه؟
لتتأوه أميرة من قوة قبضته على ذراعها _اللى بتعمله ده غلط وحرام ،ليه بتضحك على بنات الناس بالشكل ده
ليترك عادل يد أخته دافشاً إياها خارج غرفته_أنا حر أعمل اللى أنا عايزة ،حذارى تتدخلى فى اللى ملكيش فيه تانى،ويلا هاوينى ،قالها مغلقاً الباب فى وجهها وهى مازالت واقفه متسمرة مكانها تحملق فى الباب بزهول ،غير مستوعبه الوضع الذى أصبح عليه أخيها من ضياع .
_____
خرج من مكتب المدير قاصداً البحث عنها وعندما علم مكانها توجه إليها على الفور فوجدها تتحدث مع أحد الموظفين ويبدو أنهما يتناقشان أمراً هاماً بداخل الملف الذى يمسكه الموظف فى يده والفرحة تكاد تقفز من عينيه لأن الفرصه سنحت له بأن يكون بهذا القرب من ياسمينا والتحدث إليها أيضاً
لاحظت هانى تلك النظرات فأشتعل غيظاً فهو قد أعجب بها وسحر بجمالها الذى يجعل العقول تطير لمجرد رؤيتها فقط
إنتظر إلى أن غادر الموظف إلى مكتبه بأمر منها فتوجه هو نحوها قائلا بإبتسامه فارهه_محبتش أمشى من غير ما أسلم عليكى
إبتسمت له مجاملة_اها ،ميرسى لزوق حضرتك
أراد هانى أن يذيب ذلك الجليد الذى بينهما_لا حضرتك إيه ،قوليلى هانى وبس ،إنتى مش عايزة نكون اصحاب ولا إيه ،أكيد ليا الشرف أكون صديق لملكة جمال زيك
هزت ياسمينا رأسها بإبتسامة هادئه_أكيد طبعا ياهانى ،بس معلش أنا لازم أستأذن عندى شغل كتير
شعر هانى بالحرج فأفسح لها المجال_ااوه أسف إنى عطلك، إتفضلى ،بس أكيد لينا مقابلة تانية مع بعض
ياسمينا_أكيد ،بااى
رد _ بااااى وما زال بصره معلقاً عليها يتبعها حتى إختفت عن أنظاره فرفع حاجبه بإعجاب وإنطلق بإنكشاح عجيب للخارج(فين غض البصر 😬)
____
كان يجلس فى مكتبه ينظر للحاسوب أمامه ويدون شيئاً ما ،حتى إقتربت منه وجلست أمامه على المكتب ،لكنه لم ينتبه لها فتنحنحت حتى يلتفت نحوها_احم..
أبعد نظره عن الحاسوب ناظراً إليها بجديه _فى حاجه يا إستاذة قمر؟
قالت بصوت جعلته ناعماً (بعكس المفترض أن يكون فالواجب عليكى سيدتى إذا ما إضطرتك الظروف للعمل فى مكان به رجال ،أن تكونى جادة فى التعامل وتتخلى تماما عن التهاون فى الحديث ،وعدم التطرق لأى حديث خارج إطار العمل)
_صباح الخير يا أستاذ أيمن
رد أيمن بهدوء وتهذيب شديد_صباح النور
قالت وهى تشير الى حقيبه فى يدها_مش هتفطر ولا إيه؟
ايمن_اه بعت عم سامى يجيب لنا أكل من المطعم وزمانه جاى
فتحت حقيبتها وأخرجت ما بها من ساندويتشات _ يبقى إتفضل إفطر معايا ،لحد ما فطارك يجى
تحرج ايمن ورفع يده تجاه صدره_بألف هنا ،شكرا لحضرتك
لتُصِر هى عليه وتمد يدها نحوه بأحد الساندويتشات_ارجوك متكسفش إيدى ،إتفضل هيعجبك أوى ،إنت محروج ليه بس إحنا زملا فى مكتب واحد عادى يعنى (انا اللى محروجه ليكى والله 😬)
إرتبك ايمن ولم يدرى ما يفعل هو لا يريد هذا ولكنه لا يريد ان يحرجها أيضاً فمد يده آخذه منها_ شكراً يا أستاذة ،أنا أخدته من حضرتك بس علشان مزعلكيش .
لتبتسم هى له _كلك زوء والله يا ايمن قصدى استاذ ايمن ثم اردفت بمسكنه،أنا لو كنت متجوزة مكنتش هخرج زوجى من البيت من غير فطار أبداً ،ده انا كنت هقيد له صوابعى العشرة شمع علشان يرضى (بتلمحى لإيه ها!!)
ليتنحنح ايمن معدلاً من وضع النظارة على عينه_ربنا يرزقك الزوج الصالح يا استاذة قمر
لتنظر فى عينيه بجرأة_لو كان زى حضرتك ..قصدى بأخلاق حضرتك أنا موافقه
وضع ايمن يده أسفل أنفه بإرتباك وتظاهر أنه يتناول الطعام كى يخفى التوتر الذى شعر به .
____
عاد إلى شقته والهاتف فى يده يمسكه على أذنه فى يد والاخرى تمسك بالمفتاح ليفتح باب شقته_تمام يا دكتور بكرة نبدأ التنفيذ
....
بإذن الله ،مع السلامه
وضع هاتفه فى جيبه ودخل الشقه ليجد مودة فى إستقباله ،فإمتلأ قلبه سعادة ،بالرغم من الهموم الكثيرة التى فوق عاتقه وحزنه على مريم وتفكيره فيما سيفعله من أجل أن تعود لطبيعتها إلا أنه بمجرد أن رأى مودة نسى كل هذا ،فرغم كونها ذات جمال عادى وليست فائقة الجمال إلا أن جمال روحها النقيه يغطى ويفيض فى وجهها فتبدو للناظر إليها كالقمر فى ليلة التمام
"ليس هنالك فتاة قبيحة فكل فتاة خلقها الله لها جمالها الخاص مهما كان لونها ،يحدده طبيعة روحها، نقية كانت أو خبيثة ،فالنفس النقية تجذبك براءتها ،تجعلك تراها بعين قلبك فتبصرها ملكة جمال"
بمجرد أن رأى زوجته ابتسم لها بحب وقبل جبينها قائلا_حبيبتى اخبارك ايه
قالت بإبتسامة محاولة أن تخفى حزنها القابع بقلبها على ما حدث لمريم _الحمد لله ،حمداً لله على سلامتك
إستطاع هو بسهولة أن يلحظ لمحة الحزن فى عينيها فقال فقال مهوناً عليها_حبيبتى مريم بإذن الله هتكون كويسه قريب أوى ،أوعدك بكده
هزت مودة رأسها _بإذن الله ،يلا روح بدل هدومك علشان نتغدى
.....
بعد الغداء
مودة بلهجه حزينه_صقر ،طنط حسنية جت النهاردة وتصور طلبت شقة مريم لزبون تعرفه
ربت صقر على كتفها بحنان _معلش يامودة ،كبرى دماغك
مودة بضيق_طلبت منى أقولك ومنتظرة الرد
صقر بهدوء_قوليلها ياستى الشقه خلاص اتحجزت لواحد صديق صقر
أعتدلت مودة فى جلستها ونظرت لزوجها بصدمة_إيه!! صقر إنت بتتكلم جد ولا بتهزر؟
صقر ناظراً فى أعينها_جد جداً
لتخرج مودة عن هدوءها وتقول بإستنكار_إنت بتقول إيه اصقر ،إنت كمان عايز تفرط فى شقة مريم ،إنت مش قلتلى مريم هتخف وترجعلنا
صقر بيقين _بإذن الله هترجعلها
لتصاب مودة بالحيرة وتتعجب من هدوءه العجيب المغاير لطبيعته العصبيه _صقر أنا مش فاهمه حاجه
ليمسك صقر يدها بين كفتى يده _مودة إنتى بتثقى فيا
مودة_أكتر من ثقتى فى نفسى،بس مش فاهمه انت بتفكر فى إيه
صقر_تمام الشقة دى أنا هخلى يحيى يقعد فيها
نظرت له مودة بحيرة أكثر ؟؟؟
صقر_يحيى هيقوم بدور بلال يا مودة
حملقت فيه مودة بزهول ،فقص عليها فكرته وما ينوى فعله
_____
فى اليوم التالى
إصطحب صقر زوجته مودة إلى المصحة التى بها مريم
للاطمئنان عليها ولتنفيذ أولى خطوات طريقه العلاج كما خطط لها مع الطبيب المسئول
كانا يجلسان مع الطبيب بداخل غرفته أمام شاشه كبيرة يتابعون ما يحدث مع مريم بعدما أرسل لها الممرضتان لتقولان ما اتفقوا عليه،بعدما ركبا كاميرا مراقبه خصيصاً لتنفيذ خطة العلاج...
....
كانت تجلس كعادتها على فراشها شاردة لا تهتم بما يدخل او يخرج غرفتها ولا تنظر له حتى .
دخلت الممرضتان المسئولتان عن التنظيف ووقفا بالقرب
من مريم ،احداهما تلمع الزجاج والاخرى تمسح ارضيه الغرفه
_سمعتى يابت يا صابرين ،اللى حصل؟
_إيه خير !!
_بيقولوا فى واحد شاب حليوة يا عينى لسه فى عز شبابه إنضرب عليه بالرصاص والدكاترة إفتكروا إنه مات
لتنتبه لها الاخرى وتقول بإندماج_كملى يابت وبعدين
_طلع لسه عايش مماتش ،والخبر منتشر فى المستشفى كلها ومحدش مصدق اه يكون لسه عايش
لتقول الاخرى بفرحه _ياسبحان الله ،ربنا دب الروح فيه تانى من جديد ،وإسمه إيه الشاب ده
_بلال
..
إنتبهت مريم للإسم ولفت إنتباهما وإسترعى حواسها كلها فعلى ما يبدو أنها تسمع حوارهما من البدايه
تعالت ضربات قلب مريم بمجرد ذكر الاسم وأدارت رأسها إليهم لمتابعه حديثهم
_بيقولوا إنه دكتور وكان لسه متجوز جديد قبل الحادثه
_الحمد لله ربنا رجعه للحياة علشان خاطر زوجته
_تعرفى هيه مين
_لا معرفش مين زوجة الدكتور بلال
_يلا إحنا خلصنا تنظيف هنا ،يلا على الاوضة اللى جنبه نكمل كلامنا هناك
زاغت أعين مريم وتتبعتهم ببصرها حتى رحلتا و دموعها تنساب على وجهها ،بدأ صدرها يعلو ويهبط أتراه يكون زوجها بلال حقاً،مدت يدها تحاول أن توقفهما دون أن تتحرك من مكانها
نظر الطبيب بفرحه الى صقر_ده مؤشر عظيم جدا ،كده إتأكدت إن مريم بتسمع كل اللى حواليها وكمان بدأت تكون رد فعل ودى بداية مبشرة
نظر صقر إلى مودة بفرحة_الحمد لله
فقال الطبيب_مدام مودة حضرتك لازم تروحى لمريم حالا هى بحاجه لدعم نفسى دلوقتى أكتر من أى وقت
لتذهب مودة فى الحال الى مريم
وما إن رأتها مريم حتى إرتمت فى حضنها وكأنها كانت تنتظرها
ضمتها مودة إلى صدرها بحنان مربته على ظهرها بحب _أنا معاكى يامريم
ظلت مريم فى حضن مودة إلى أن غفت ودمعاتها ما زالت عالقه بين أهدابها تحلم فى زوجها الذى أخذته منها الحياة قسراً
