.

لا تتحدى الصقر الجزء الثان
بقلم اسماء عبد الهادى
الفصل الثامن
أجفل مكانه وشعر وكأنما ألقاه أحدهم بجبل جثم فوق عاتقه فمزق قلبه البائس أشلاء ،ضربات وطعنات تتوالى إلى صدره بدون هوادة أو رحمة ،لتمزقه أكثر مما تمزق منه ،سحقا لهم ألا يرأفون بحاله ألا يرون
حالته ،هو ليس حمل صدمات أخرى يكفي ما حدث لروحه وحبيبته ،ليأتي ذلك الخبر فيفجعه فيصيب قلبه بالكمد والهم ،ليشعل نيران قلبه المهترئ ،فتشع أعينه بجحيم الغضب العارم ،ويقسم أن يصب جام
غضبه ذاك على كل من لهم يد فى هذه الخطيئة والذنب العظيم ،أيعقل أن يفعل أحد ما فعلوه ،أن يسرقوا نطفته!!! وليس هذا فحسب بل حرموه منها لسنوات يالا قسوة قلوبهم وبشاعة فعلتهم ،سيعاقبهم جميعا ولن يرحم أحد بالتأكيد
ازدرد ذكي ريقه عندما رآه على ذلك الحال وبعدما سمع تهديدات الصقر بأنه سيقاضي ابنته فحاول إخراج صوته فبدى متلعثما مرتبكا_ااانت بتقول إيه ياصقر ؟
رمقه الصقر بنبرة مهلكة _إللي سمعته يا ذكي بيه وبنتك هي أول حد هيناله عقابي
فتح ذكي فمه ليتحدث ليثنيه عن تلك الفكرة فهو لن يتحمل أن يحدث مكروه لابنته،
تنهد بارتياح عندما رأى بلال يدلف للمكتب فاقترب منه قائلا برجاء _ دكتور بلال ،الحقه يابني قوله حاجة
وزع بلال نظراته بين تقاسيم وجه ذكي المرتجفة والصقر الذي يشتعل غضبا وشرا _في إيه ؟؟
أجاب الصقر بنبرة تحمل في طياتها التهكم _اسمع منه هيقولك إيه !!!
نظر بلال لذكي ينتظر الاجابة ،وما إن عرفها حتى اتسعت أعينه بصدمة _نعم!!!
لينفجر الصقر أكثر ويمسك ذكي من ملابسه_هيه فين ،،انطق وديتوا بنتي فين!!!
كاد ذكي أن يختنق من إثر قبضته ،فاقترب بلال يمسك بيد الصقر يبعده عن ذكي_صقر ، اعقل يا مجنون ،الراجل ملوش ذنب
ليدفشه الصقر بعيدا فيلتصق ظهر بلال بالمكتب فتسقط معظم الاوراق على الارض ويتقوس ظهر بلال للأمام يأنّ من الالم
في حين يصيح صقر بذكي_اتكلم بنتي فين!!!
بلع ذكي تلك الاهانة التي يتلقاها بمرارة ،ليس بيده حيلة فابنته اخطأت وعليه دفع الثمن فتكلم بصوت متحشرج إثر ضغط صقر على ملابسه بقوة_ياسمينا سافرت يوم كتب الكتاب علطول ومن يومها مرجعتش مصر
تاني ياصقر
تركه صقر قائلا بغضب_من بكرة الصبح،ترجع على هنا حالا أنا عايز بنتي ،مفهوم
اخفض ذكي رأسه لأسفل_ااا..
هدر به الصقر _إيه اتكلم
_ياسمينا مش راضية ترجع مصر تاني!!
ضيق الصقر ما بين حاجبيه مستنكرا ما يقوله فهتف بتوعد_لو مرجعتش هيه بالذوق أنا هجيبها من هناك بالغصب والقوة لو لزم الأمر
ارتعدت أوصال ذكي خوفا على ابنته فقال_لا لا ،هخليها تيجي ،بس ارجوك إهدى أنا عارف أن الموضوع مش سهل عليك
هتف صقر ومازال على حالة الغضب التي تملكته_قدامها مهلة أسبوعين وتكون هنا بالبنت ، ولو ده محصلش متلومش إلا نفسها
هز ذكي رأسه بخفوت عدة مرات معلنا بأنه سيفعل ما يطلبه
صمت الصقر قليلا وكأنما كان يفكر في أمر ما_الدكتور اللي عمل كده ،عرفة مفيش غيره ،مش كده ؟
ضم ذكي شفتيه ببعضهما وهز رأسه بإيجاب,فصاح به الصقر_ طبعا مطبخينها مع بعض ،نفسى افهم ليه ،ما كان بامكانها تتنيل على عينها تتجوز ولا للسرقة طعم أحسن من الحلال
مد ذكي يده يمسح بظهر يده تلك الدمعة التي فرت من عينيه أسفا_اقسملك ياصقر انى مكنتش أعرف ومكنتش هسمح بحاجة زي كده
بدى صقر غير منتبها لما قاله وكأنه يفكر في خطوته التانية فقال وهو ينظر للفراغ _عرفة الكلب هيكون في عيادته مش كده ؟
نظر ذكي لبلال الذي اعتدل في جلسته يضع يده في منتصف ظهره ويبدو عليه الالم ،ولكنه عندما استمع لسؤال صقر عرف على الفور ما يفكر به ،فبادل ذكي نظرات مزهولة قلقة
ليجدا الصقر وبدون سابق إنذار انطلق كالسهم نحو الخارج
فطن ذكي وجهته فهتف ببلال_الحقه يابلال ده شكله هيعمل مصيبة
وقبل أن يُكمل ذكي كلماته ،كان بلال قد انطلق خلف صديقه ذو المخالب متناسيا ألم ظهره حتى لحقه واستوى جواره بالسيارة ،لم يكن بلال قد استقر بالسيارة حتى وجد الصقر يقود بأقصى سرعته ....
____
رآها تدلف من باب المنزل بينما كان بطريقه للمطبخ فناداها بصوت متردد_سلمى
رفعت رأسها تنظر لصاحب الصوت الذي تعرفه جيدا ومن ثم اخفضته على الفور ولكنها لاحظت أنه يغض بصره عنها بعدما كان يطلقه وينظر لها بكل جراءة في السابق ،فتحت فهما لترد بهدوء_ عايز حاجة ياعادل!!!
اقترب منها حتى قلّص المسافة بينهما وأصبح يفصلهما مسافة قليلة ليقول بجدية_سلمى ،أنا ..
هتفت سلمى بهدوء تدعيه فقلبها الان يضطرب وبشدة ولأول مرة تشعر بذاك الشعور بوقوفها معه ،فهما تربيا معا ودائما ما كانا يتشاجران ويتناقران ولم تشعر قط بذاك الشعور ،حتى عندما تقدم لخطبتها سابقا لم تكن تُكِن له أية مشاعر ،إنما وافقت لترد له مقلبه السخيف ليس أكتر فقالت_اتفضل سامعاك
ابتلع عادل ريقه وقال ليحسم الأمر_سلمى إنتي عارفه إني خطبتك من خالي زمان وإنتي وافقتي
شعرت سلمى بالخجل وودت لو اختفت من أمامه الآن فأردف هو _أنا عارف إنك مش بتطيقيني ووافقتي يومها بس علشان ترديلي مقلب الليمون
رفعت رأسها لتفتح فمها تحاول أن تقول شيئا ،أن تنفي ما قاله لكنها لم تستطع فحياؤها منعها فصمتت
أكمل هو بوجه خال من التعابير _وأنا دلوقتي بعفيكي من الارتباط ده ولا كأن حاجه حصلت ،سلمى إنتي بنت كويسة جدا ومشفتش بنت ولا هشوف في أخلاقك وجدعنتك ،كفاية وقوفك جنب أميرة في محنتها،سلمى إنتي تستاهلي حد أحسن مني مليون مرة
البراءة اللى واقفة قدامي دي تستاهل حد نقي زيها مش واحد مدنس بذنوب الماضي وشهواته ،أتمنالك كل خير يا بنت خالتي ،ربنا يرزقك بالزوج الصالح اللي يسعدك يارب
أنهى حديثه وانطلق متجها نحو غرفته
بينما تسمرت هي مكانها بزهول من كلامه أهو حقا ينهي الخطبة قبل أن تبدأ حتى، أهو يخبرها أن تتزوج بغيره ،نعم لم تكن تطيقه لكن الآن شيئا ما تغير بقلبها ،نبتة لم تكن لها وجود
ظهرت من العدم ،لتختار قلبها فتحيي رماده ،وتنير عتمته ،أيأتي الآن وينهي كل شىء ،ظنته يخبرها أنه لن يتخلى عنها ،أنه سيحضر خاتم الخطبة قريبا ،كما كان متحمسا لذلك منذ سنوات أيام رقدتها بالمشفى ،لكن لمَ الآن ،لمَ غير رأيه ،لمَ .....
___
أمسك بماسك السيارة من أعلى وهتف صارخا بذلك الذي يقود بسرعة جنونية_صقر هدي السرعة الله يخليك
لم يلتفت إليه الصقر وتابع قيادته الجنونية تلك غير عابئا بذلك الذي يصرخ جواره ليجعله يبطئ
لم يوقف سيارته إلا عندما وصل أمام المبني الخاص بالمشفى ،فتنفس بلال الصعداء أنهما وصلا على خير
ليجد الصقر ينطلق كالصقر الجارح ينقض على فريسه ليلتهمها
فخرج سريعا ليلحق به
اقتحم صقر العيادة بقوة فانتفض على إثره زائرات العيادة وانكمشن في أنفسهن في خوف ،متوجها نحو موظفة الاستعلامات هادرا بحدة_عرفة جوا...
حاول بلال أن يُهدئ من روع السيدات حتى تهدأن
بينما ارتبكت الموظفة وقالت بصوت متلعثم_
ايوة يافندم جوة ،أقوله مين حضرتك؟
أجابه مستديرا نحو غرفته قائلا بتهكم_قوليله الصقر اللي جاي يقبض على روحك
أتسعت حدقتي الموظفة فعلي ما يبدو أنها عرفته فهي تلقت تعليمات مشددة بشأن مجىء الصقر إلى هنا وسؤاله عن الطبيب ،وعليها أن تحاول منعه من الدخول بأي شكل من الاشكال
فإقتربت منه وهي تقول_استني حضرتك مينفعش تدخل
ليصيح بها الصقر_محدش هيمنعني ،الكلب اللي جوا ده لازم يتعاقب
فقالت الموظفة بمكر_يافندم ،ده مركز نسا وتوليد ،يعني أكيد في مدام جوة بتكشف ميصحش تدخل عليها كده !، استسمحك أدخل أخرجها واتصرف براحتك مع الدكتور
وضع بلال يده على كتف صقر ،ليهدأ حتى تخرج السيدة التى بالداخل
فوقف صقر أمام الباب على مضض
دخلت الموظفة وأغلقت الباب خلفها وهرولت نحو غرفة الذي كان يجلس خلف مكتبه يصف للمريضة علاجها
انحنت بجسدها لتهمس في أذنه بكلمات جعلته ينتفض مكانه بفزع ويحمل حقيبته وهاتفه بسرعة وكأنه كان متوقعا أن
يحدث هذا في أي لحظة ،وينطلق مغادرا المكتب بل المكان بأكمله من خلال الباب الخلفي الملحق ب غرفة العمليات المجاورة ل غرفة مكتبه.
فلا يظن صاحب الجُرم، الظالم نفسه ،أنه سينام هانئا ،فالذنب سيصحبه في الحلم قبل الصحو
فلا تفرحن بساعة معصية فإنك ستبكي بعدها أيام
ستظل تلحقك معصيتك أينما تحل ما لم تتب إلى الرحمن بقلب وجل
بقلمي،،أسماء عبد الهادي
بعد أن اطمأنت الموظفة لهروب رب عملها أخذت نفسا عميقا وخرجت تقول مدعية الهدوء_اتفضل حضرتك تقدر تدخل
وبمجرد أن دخل الصقر غرفة المكتب ،حتى تسحبت هى للخارج أيضا تخشى أن ينالها بطش ذاك الصقر ذو المخالب
بحث الصقر بعينيه الشرستين عن عرفة فلم يجده فصاح بغضب ضاربا المكتب بقوة بكلتا يديه _هوا فين الكلب الجبان!!!
أكيد هرب لما عرف إني جيت ،صحيح جبان خسيس
اقترب منه بلال بحذر هذه المرة "فلا يلذغ المؤمن من جحر مرتين "_هنجيبه ياصقر متقلقش
ليمسك الصقر بالكرسي يهشم به كل شىء بالغرفة ليفرغ به غضبه المكبوت وهو يصيح بحدة فاقدا القدرة على التحكم بنفسه_ اقسم بالله لأخلي المبنى اللي هوا فرحان بيه ده خرابة ،بس الأول يقع تحت إيديا ،الدكتور الحرامي ده
وبعد أن انهى الصقر تحطيم كل شىء تقريبا بغرفة المكتب ،تذكر أن ربما يكون ذاك الخائن لمهنته قد عاد لبيته هاربا
فقال بلهجة آمره لبلال_اتصل بذكي أعرف منه بيته حالا
فما كان من بلال إلا أنه لبى أمره على الفور ،فصديقه على حق في غضبه فما فعلوه به درب من الخيال يجعل مستمعه يطير عقله من فعلتهم
ساق الصقر السيارة متوجها نحو الفيلا الخاصة به وكاد يهجم عليها كهجومه على العيادة
فأمسكه بلال من ذراعه بحدة هذه المرة_لاااا...همجيتك دي ياصاحبي متنفعش هنا...ده بيت ومهما كان ليه حرمته ...أكيد أهل البيت جوا وملهمش ذنب ... سيبني أنا أسأل عليه
ليهتف الصقر بغضب_وهو يعني لو جوا هيقولوا جوا أكيد هيخفوا علينا وجوده
تحدث بلال بهدوء_معلش سيبنى أنا أسأل
زفر الصقر بغضب وصمت تاركا الأمر لصديقه
طرق بلال الباب لتفتح له الخادمة فتحدث بلال بهدوء_لو سمحتى دكتور عرفة موجود انا مندوب من شركة الأدوية
إضطر بلال لأن يقول هذا حتى تخبره الخادمة بحقيقة وجوده بالفيلا أم لا
فأجابت الخادمة بصدق استشفه بلال من هدوء كلماتها _لا يا أستاذ ،عرفة بيه لسه مرجعش لحد دلوقتي،تقدر تروحله في العيادة هتلاقيه هناك
أومأ لها بلال شاكرا_تمام شكرا أوي
التفت إلى الصقر الذي وقف عاقدا ساعديه أمام صدره ينظر له بتهكم_وطبعا صدقتها!!!
بلال_مش بتكدب يا صقر ،معتقدش فعلا إنه هيجي على هنا ،أكيد عارف إنك هتيجى وراه
كور الصقر قبضته بغضب حتى برزت عروق يده _هيكون راح فين !!
وفجأءة هتف قائلا وهو يتوجه للسيارة ليستقلها_أكيد هيهرب هوا كمان ،بسرعة ألحقه على المطار
استساغ بلال فكرة هروبه خارج البلاد واستقر جوار الصقر ليلحقا به للمطار
تكلم بلال بجدية_سيبهولي أنا يا صقر هأخدلك حقك منه بمعرفتي بحكمي زميل في المهمنة هعرف إزاي أقاضيه ،بس رجاء مش عايز همجية تاني في المطار
علم بلال أن الصقر لم يسمع كلمة واحدة مما قاله عندما وجد السيارة تنطلق بسرعة كالبرق تشق الطرق والسيارات بسرعة
فزفر بضجر فهو يعلم أن كلامه لن يؤثر بذلك الغاضب الذي أشبه بكُرَة جمر تشتعل
___
دخلت الغرفة تصيح بحنق تكاد تختنق _أميررة
انتفضت تلك التي تجلس على سجادة الصلاة ويبدو أنها انهت صلاتها للتو _سلمى مالك !!!
أجابت بلوعة تتحجر الدموع بمقلتيها_عادل أخوكي
هبت أميرة واقفة بفزع تخشى أن يكون أصابه مكروه_عادل!! حصله حاجه؟
لتلوي سلمى ثغرها بغيظ_ياريت كنت ارتحت منه وخلصت
هزت أميرة رأسها بعدم فهم_سلمى في إيه؟
إنتوا اتخانقتوا !!..كنتوا بطلتوا الخناقات دي من زمان ..رجعت تانى ولا إيه
أجابتها سلمى بحزن _عادل جاى بعد السنين دي كلها وبعد ما تغير ،يقولي أنا منفعكيش ،إنتى تستاهلي حد تاني أحسن مني
لتنفجر أميرة بالضحك كما لم تضحك من قبل
لم تكن سلمى بمزاج جيد يسمح لها بتقبل ضحك أميرة ،كانت في الظروف العادية لتفرح لضحكها هكذا فهى لم ترها تضحك الا نادرا بعد تلك الحادثه فعبست بوجهها
لتقول أميرة وهي تقترب منها تمسك بيديها لتهتف بجديه_سلمى ..إنتى كنتي بتدأتي تحبي عادل!!!
هتفت سلمى بأعين دامعة هذه المرة فشلت في منعها_الظاهر كده يا أميرة،، عادل إتغير وبقا إنسان جديد كأني أول مرة أعرفه ، بيحافظ على الصلاة في معاها وفي المسجد كمان ،بقى يشتغل ويتعب من الحلال ،وتصورى عادل بيغض بصره
،عادل أصبح إنسان ملتزم يا أميرة ...كنت فرحانة بالتغيير اللي طرأ عليه ..مبسوطة بتوبته ...كنت بنتظر إنه بعد ما اتغير ..يجي يقول إنه هيعمل الخطوبة رسمي او هنكتب الكتاب ...لقيته بيقولي انا بعفيكي من الارتباط ده ..كسر قلبي يا أميرة
لتسقط دمعات أميرة هي الاخرى فهي ذاقت من قبل مرارة ذاك الشعور وربما كان موقفها أشد قسوة ،فأميرة تعلم تمام العلم أن أخيها يحب ابنة خاله لكنه ما زال يشعر بالخزي على ما كان عليه يوما
مدت يدها تمسح عبرات سلمى ومن ثم عانقتها بشدة حتى تهدأ وهي تقول بخفوت_متقلقيش..أنا هتصرف ..
لتمسكها سلمى من ذراعها بحدة_أميرة إياكي تقوليه حاجة أنا بحذرك ...أأ ..أنا بس كنت بفضفض ليكي مش أكتر
تحدثت أميرة بهدوء_سلمى ..عادل لو يعرف إنك بتبادليه نفس الشعور ..عمره ما كان هيتخلى عنك ..هو مفكرك لسه بتنفري منه ومش بطيقيه ..خليني أفهمه بطريقتي
هزت سلمى رأسها بالنفي _لا يا أميرة ..متتكلميش خالص في الموضوع ده..عادل لو كان عايزني ..كان عافر علشاني ...كان حاول مرة وثلاثه وعشرة
فتحت أميرة فمها لتقول _ سلمى .. أكيد عادل أخد الموضوع بحساسيه علشان اللي كان بيعمله زمان ..أنا..
قاطعتها سلمى بحزم _قلتلك لا يعنى لا ..خلاص الصفحة دي انتهت من حياتي قبل ما تبتدي
أنا طالعة شقتنا ومعتقدش إني هقدر أنزل هنا تاني .
ضمت أميرة شفتيها بحزن_سلمى ..هتسيبيني !!
سلمى_إطلعيلى فوق يا ميرا .. هتفضلي قافلة على نفسك لحد إمتا!!!..سلام
وجرت سريعا نحو باب الشقة ..حاولت أميرة أن تلحق بها لكنها كانت قد غادرت لأعلى بالفعل
فزفرت أميرة بضيق وعزمت أن تفعل شيئا من أجل أن تجمع بينهما في الحلال
___
كانا قد اقتربا كثيرا من المطار إلا أن حادث سير عطل المرور ومنع السيارات من العبور ..زفر صقر بغضب يريد أن يلحق بذلك الوغد الحقير
لذا ترجل من السيارة بغية عبور تلك المسافة الفاصلة للمطار سيرا على قدمه
ترجل بلال هو أيضا ليلحق به ،لكنه توقف ليسأل أحدهم عن سبب ذلك الزحام فأخبره أنه ثمت رجل ثري كان يقود بسرعة
جنونية فاصطدم بغير قصد بشاحنة نقل كبيرة ليسقط كل ما تحمله من رخام على سيارته فهشمتها ويحاولون الان اخراج الرجل من أسفل الرخام الساقط عليه
توقف الصقر مكانه بعدما استمع لما قاله الرجل شاعرا بأسف لما حدث لذلك الثري _لا حول ولا قوة إلا بالله
التفت بلال إلى الصقر_صقر روح انت ..أنا هشوف لو محتاجين مساعدة هنا وهحصلك
____
هبت من فراشها فزعة عندما سمعت صوت أبيها يدلف الغرفة هادرا بها بحدة _شاهين فين؟؟
انتصبت في وقفتها تقول بحذر_ نايم يا بابا لسه
لتمع أعينه بقسوة_يعني إيه نايم لحد دلوك ، أنا مش منبه عليكى تصحيه بدري!!
ارتدت للخلف خطوتين تنظر لأبيها بخوف _أصل أمبارح كان راجع منهك أوي فقلت أسيبه يرتاح
أمسك هو ذراعها بحدة غامسا أظافره في جلدها لتتأوه بألم_صحيه حالا ويجيلي على أوضة الوكل علشان نفطر،لأحسن أجي أكسر الأوضة فوق رأسه ورأسك
تركها مغادرا إلى حيث غرفة الطعام ينتظر حفيده ،بينما وضعت هي يدها على ذراعها مكان قبضته تحكه بتألم وهي تبكي تنادي حبيبها_فينك ياصقر بقا ،مبقتش قادرة أتحمل أكتر
وقفت برهة مكانها ومن ثم تذكرت تهديد والدها فذهب سريعا لغرفة ابنها توقظه
نظرت إليه بإشفاق يبدو عليه الاستغراق في النوم ،ما زال صغيرا بعد على تلك الخشونة في المعاملة ،اقتربت منه تطبع
قبلة حانية على شعره ،وتوقظه بحنان وحاولت أن تتكلم بصوت يخلو من الحزن _شاهين ،حبيب ماما ،إصحى
تململ شاهين في فراشه_عايز أنام ياماما
لتتنهد هى بقلة حيلة _معلش يا روحي ،جدو عايزك برا، يلا ياصقري علشان خاطري
لم يستجيب لها شاهين بسهولة فهو نعس للغاية
وبعد محاولات عدة قام أخيراً، حممته وألبسته ملابس مناسبة لخروجه مع جده وسارت معه إلى حيث يكون جده
وبمجرد أن رآهم الجد حتى قال بغضب _ لسه فاكر تصحى من النوم عاد..أنا مش منبهك تصحى وتكون واجف جدامي إهنه بدري !!
أخرج الجد سوطا كان يضعه بجانب الطاولة مشيرا به نحو شاهين الذي إرتجف من الخوف عندما رأى جده يمسك بالسوط ويوجهه تجاهه_ده علشان تتعلم بعد إكده تنفذ اللي عجوله بالحرف الواحد
صرخت مودة خوفها على ولدها ووقفت أمامه تحتضنه بقوة تحميه بين ذراعيها من سطوة السوط ،ليتلقى ظهرها تلك الضربة بدلا من ولدها ،فتتأوه بألم ،لكن ألمها ذلك هين من أن ترى ولدها الصغير يُضرب به ،لكانت ستتألم أضعافها إذا ما نال ذلك السوط اللعين جسد صغيرها
فهدر بها بقوة_ بعدي عنه
لتتمسك هي بصغيرها بقوة تغمض عينيها في قعر_لا أرجوك يابابا ،شاهين لسه صغير مش هيتحمل
ابعدها أبيها عن حفيده عنوة ليقترب هو منه وهو يفترس ذقنه يقبض عليها بشدة_شايفك خايف ليه!! حفيد رشاد الزيني ميخافش من حاجة واصل ، مهما كان إوعاك أشوف نظرة الخوف دي في عينيك
هز شاهين رأسه بطاعة ليتجنب سوط جده ،وتكاد مودة تجزم أنه قاب قوسين أو أدنى من البكاء
كادت تقترب منه لتحيطه بذراعيها تبثه الأمان التي لا تملكه ،لكن رشاد هتف بها_اجعدي مكانك ،وإنت يا شاهين ،اجعد افطر ،واللي حصل ديه ميتكررش تانى
اقترب شاهين من أمه يطمئن عليها بعدما ضربت بالسوط بدلا عنه ،فهمست له بخفوت تمسد على شعره_متخافش عليا يا حبيبي، أنا كويسة
ارتمى شاهين بين ذراع والدته بحب
فقال رشاد بحدة_ مابكفاياكم عاد الدلع الماسخ ده ،اجعد مكانك يا شاهين وكوباية اللبن دي تشربها كلها ..عايز حفيد رشاد الزيني مفيش زيه في قوته وجبروته
نفذ شاهين أوامر جده وأنهى فطورة ،ليقف رشاد ويعدل من شاله فوق أكتافه ومن ثم يمد يده نحو شاهين_بينا يلا
تقدم شاهين نحو جده مشبكا يده بيد جده ، رامقا أمه بنظرة وداع
لتقول هي بقلة حيلة_مع السلامة يا حبيب ماما
فلو كان الأمر بيدها ما تركته يذهب،فهي لا تعرف إلي أين يصطبه والدها وماذا يفعلان وهل يقسو عليه جده هناك أيضا أم لا هي لا تعرف فشاهين لم يشتكي يوما من جده
بمجرد أن غاب ابنها عن ناظريها ،حتى نظرت إلى ذلك السوار بيدها تقربه من قلبها وكأنما تستمد منه الأمان والسلوان فهي الذكري الوحيدة التي معها لزوجها، تشدد من معانقته ،مغمضة
عينيها بألم تنعي حياتها البائسة تلك بين تلك الجدران التي أصبحت تضيق عليها شيئا فشيئا ،كانت كل يوم تمني نفسها
بأن الصقر سيعلم بحيلة والدها وسيكتشف انها مازالت على قيد الحياة ويأتي الى هنا باحثا عليها ،لكن طال انتظارها ولم يأتي والأمل يصبح ضعيفا يوما بعد يوم
حتى كادت تفقده لكن ما زال هاجس بداخلها يخبرها بأنه سيأتي يوما ....