لا تتحدي الصقرج٢
#أسماء_عبد_الهادي
الفصل الاربعون
_______
شعر بأن روحه قد سبحت منه مرة أخرى... تناقص الدم من جسده حتى أحس بالخواء يغزو قلبه.. كيف لا يجد زوجته... كيف تختفي مودته هكذا ولا يستطيع أن يعرف مكانها.. بحث الجميع عنها في كل مكان بالمشفى ولكن لا أثر لها
صرخ باسمها صراخا مدويا ...فجّر بصراخه المكان كقنبلة موقوتة إهتز لها كيان المشفى بأكمله .. فالتف الجميع يهرعون إليه في حاجة زعر .. ما الذي يحدث .. وكأن هناك هجوم إرهابي سيدمر المشفى بمن فيها...
حاول بلال وأبيه تهدئته بأنهم سيبحثون عنها وسيجدوننها .. وربما أبيها هو من اختطفها فلا يقلق هي بخير فهو لن يؤذي ابنته .. ربما يريد أن ينتقم فقط
لكن كيف لروح أن تهدأ وهي تنازع الحياة، وروحه تُسحب منه رويدا رويدا ..
قام ليقف على قدميه متناسيا آلام جرحه الذي لم يبرأ بعد وحاول الخروج من الغرفة ليبحث عن زوجته بنفسه
حاول الطبيب منعه فحالته ليست على ما يرام وربما يُفتح الجرح في أي لحظة ... لكنه لم يستمع لأحد وصرخ فيهم هادرا
_ابعدوا عني محدش يمنعني... أنا رايح أجيب مودة .. أنا ماصدق لقيتها... وربنا ما هرحمك المرة دي يا رشاد لو كنن عملها حاجة تأذيها.
لم يستطع أحد منعه هذه المرة فهو بدى كالبركان الثائر على وشك الانفجار بحمم لو طالت أحدهم لأحرقته بلهيبها المشتعل وبنيرانها الحامية
هبط الدرج ومع كل خطوة يخطوها، ينخر الألم في صدره ويشتد به، لكنه لا يبالي به فما يشغل باله الآن شىء أكبر من ألم جسده هذا بكثير
وصل إلى سيارته بالأسفل والتي كان يستخدمها بلال في نقل ما يحتاجونه من المنزل إلى المشفى
فالتف إلى الذي يسير خلفه، هاتفا به بصوت حاد
_هات مفاتيح العربية ... وانقل الولاد وكل العيلة للبيت وعين حراسة مشددة على البيت انت فاهم مش عايز حد يقدر يهوب ناحية البيت ... أنا مش ضامن رشاد ممكن يخطف مين تاني .
ناوله بلال المفاتيح وهو يقول
_متقلقش أبوك هيقوم بكل حاجة .
زفر صقر بقلق وانحني ليدلف لداخل السيارة ..لكن حركته تلك أصابته بألم شديد ...فوضع يده مكان الجرح يقبض على ملابسه بشدة وقال وهو يكز على أسنانه من الغضب
_مش وقته وجع دلوقتي فاهم ... إنت مش لازم تحس ... رجع مودة وبعدين إتألم براحتك.
اقترب منه بلال مشفقا عليه
_صقر ..براحة حرام عليك نفسك إنت لسه تعبان
لينظر له الصقر بأعين دامعة
_ياريني سبته يموت ...مش هسامح نفسي لو عمل في مودة حاجة
_متقلقش دي بنته أكيد مش هيأذيها
_رشاد مبقاش إنسان ... ده يبيع أي حاجة علشان مصلحته _هنلاقيها يا صقر اطمن، بإذن الله هنلاقيها
______
في بيت الزيني
وضع الزيني ... الكثير من الحراس والغفر على جميع أنحاء المنزل الأبواب والشبابيك وأي مكان ممكن أن يوصل لداخل المنزل خوفا من أن يقوم رشاد باختطاف أحد آخر
جميع من البيت بحالة حزن شديد فما لبثوا أن عادت مودة حتى تختفي مرة أخرى .. ما يكادون يفرحون ثانية حتى يطرق الحزن بابهم بل إنه يهجم عليهم كلص يسلبهم فرحتهم وسعادتهم ليتركهم في كمد وشجون.
وصلت السيارة التي بها صديقات مودة أميرة وسلمى وهنا وبصحبتهم عادل وأسامة وأيمن ،والذين جاءوا ليطمئنوا على الصقر الذي لم يتركهم ولم يتخلى عنهم يوما، و ليروا مودة تلك التي ظنوا أنها ميتا لسنوات... كانت سعادة الفتيات لا توصف فأخيرا سيلتم الشمل وسيجتمعون من جديد
ليتفاجئون بالعدد الكبير من الحراس بالخارج يمنعونهم من الدخول
ليتحدث أيمن
_لو سمحت إحنا أصدقاء أستاذ صقر من القاهرة وجايين نطمن عليه ممكن نقابل العمدة من فضلك؟؟؟
____
علم الزيني بالأمر وبعدما تحقق من هويتهم أدخلهم المنزل وأحسن استقبالهم .. لكنهم لاحظوا أنه ثمة خطب ما .. وأن الوضع ليس على ما يرام ... فما كان من الزيني إلا أنه أطلعهم على الأمر
لنتقلب سعادة الفتيات إلى فزع وخوف على مودة وحزن من أجلها وزوجها ، ف الأيام تأبى إلا أن تفرقهم وألا تريهم يوما واحدا سعيدا
انضمت الفتيات إلى مريم وياسمينا... ليتعانقن في حزن جميعهن ويجلسن بقلة حيلة إلا أن يلطف الله بهم ويرجع إليهم صديقتهم سالمة.
____
فتحت أعينها ببطىء لتستعيد وعيها تدريجا.. أحست بالدوار قليلا وأن رأسها ثقيلة نوعا ما ...حاولت أن تجوب المكان بعينها وتحرك جسدها، لتجد نفسها مكبلة اليدين مسنودة إلى
حائط في غرفة عادية مكونة من فراش قديم إلى جواره كرسي خشبي صغير وخزانة من باب واحد ومرآة غير كاملة
الاستدارة بسبب وجود كسر بها معلقة على الحائط أمامها والذي ينتهي عن يمينها بباب ففطنت أنه باب تلك الغرفة التي حبست بها.
تنهدت بضيق ..لم تكن خائفة قط فهي تظن أن أبيها هو من فعلها كالمرة السابقة... لكن كان خوفها على زوجها .. ذلك الصقر الذي تعلم أنه سيتحول الى أشد فصيلة من الجوارح
إذا علم باختفاءها ... كانت قلقة بشأن إصابته والتي تعلم تمام العلم أنه لن ولم يبالي بها وربما قد يعرض حياته للخطر، في سبيل البحث عن مودته.
ظلت في مكانها فترة من الوقت تتمتم بالاستغفار، تناجي الله ان يكون زوجها بخير وأن يعيدها إليه في أقرب وقت... طالعت النافذة المنعكسة على المرآة أمامها لتجد أن المساء قد شارف على الحلول وأن الشمس ستدلي ستائرها السوداء قليلا
فزفرت بضيق أن أحدا لم يدلف إليها يفك قيدها لحتى تتوضأ فهي لم تصلي الظهر والعصر بعد وها هو المغرب ربما قد حان موعده هو الآخر ...
ما لبثت على وضعها لدقائق حتى وجدت باب الغرفة يُفتح ويدلف منه رجل غريب تراه لأول مرة... أبصرته بإذا به رجل في مثل عمر زوجها تقريبا لكنه طويل رفيع البنية ... قد نبتت
لحيته قليلا وشعره أيضا كان طويلا بعض الشئ فعلى ما يبدو أنه لم يهتم بتهذيب شعره ولحيته منذ مدة ... على عينيه
مسحة حزن غريبة تلمع وسط نظراته التي تلفح بالشر في طياتها، دلف دون أن يتفوه بكلمة مغلقا الباب خلفه ..يحمل في يده برميلا صغيرا أبيض اللون وشمعة كبيرة سميكة .
ما إن رأته حتى همت لتقف من مكانها فهدر بها بصوت أخافها
_خليكي زي ما انتي.
فبقيت مكانها تنظر له برهبة، لكنها حاولت التشجع لتقول له
_ لو سمحت حضرتك جايبني هنا بأمر من بابا مش كدا؟
سمعته يضحك بشدة لتهرب الدماء من عروقها عندما نظر إلى بشر ويهتف باستشاطة
_أنا لو طالع أجيب أبوكي ..معاكي هنا كنت عملت .. لكنه للأسف هربان ومحدش عارفله طريق .. حتى البوليس نفسه مش عارف يوصله.
عملت كلماته على إذابة ذلك الحاجز التي وضعته فوق قلبها من الطمأنينة، ليحل محله الخوف والارتياع وتحدثت بينما تنكمش على نفسها تهتف بصوت متقطع خائف
_طط..طيب.. حضرتك..تتبقى ممين.. وجايبني هنا ليه؟
تجاهل حديثها وبدأ في سكب محتويات البرميل بالكامل في الغرفة ..لم يترك شيئا إلى وقد سكب عليه من ذلك السائل
بالبرميل.. على الفراش بالكامل على الارضية وحتى الخزانة وباب الغرفة لم يسلم أيضا فقد غطاه بالكامل بذلك السائل
ارتعدت أوصال مودة فهي لا تعلم بَعد من هذا الرجل وماذا يريد منها ولماذا أحضرها إلى هنا.. لكنها عرفت ماذا يفعل على الفور فمجرد أن اشتمت لتلك الرائحة التي اخترقت أنفها بقوة
فتلك رائحة لنوع من أنواع الوقود ...إما بنزين أو غاز ما هي لا تعرفه، فاستنتجت ما يريد أن يفعل بعد أن رأت تلك الشمعة التي في يده، فاتسعت حدقتي عينيها بفزع وهتفت بصدمة وهي تسأله وتزدري ريقها
_ااانت هتعمل إيه؟؟.
لينظر لها بتهكم ومن ثم يسحب الكرسي الصغير ويجلس قبالتها
_ايه كل ده لسه مفهمتيش .. مش شامة ريحة البنزين دي ولا إيه ؟
لتهتف بارتياع مع تخبط أوصالها من الخوف
_ههو .. ححضرتك.. هتولع في الأوضة هنا ..ببجد!!.. ممكن تفهمني أنا عملت لحضرتك إيه؟
____
ظل يجوب كل مكان بسيارته لكن لا أثر لها ... دخل كل وكر يظنه قد يكون ملكا لعمه ..لكن دون جدوى .. بحث في كل بيت مهجور في البلدة لا أحد به عله يجدها ،لكن لا أثر ..حل الليل وهو يبحث عنها منذ الصباح لم ترتح لحظة واحدة
..قميصه الأبيض تحول للون الأحمر نتيجة نزف جرحه مرة أخرى لكنه لم يتراجع ولم يبالى به وظل يجوب كل شبرا عنها ..لكنه توقف رغما عنه بسيارته قبل أن يكمل بحثه في بقية
الأماكن التي يود البحث بها، فالألم إشتد به إلى الحد الذي لم يعد تستطيع تحمله ليصرخ عاليا من الألم وهو يضرب على المقود بضعف يعلم أنه سيفقد الوعي في أي لحظة
_لااااا .. مش وقته .. كل ثانية بتعدي فيها خطورة على حياة مودة
كان بلال طوال الطريق يحاول جعله يتراجع أو حتى ان يستريح قليلا، لكن كل محاولاته قد باءت بالفشل فاستسلم وترك صديقه يفعل ما يحلو له، رغم شعور الخوف الذي يعتريه على صديقه .
وضع بلال يده على يد صقر بقلق
_صقر انت لازم ترجع المستشفى حالا ..انت حالتك متبشرش بخير أبدا ...وشك بقى أصفر زي الليمونة... حرام عليك نفسك.. والحرج نزف تاني .. ارحم نفسك ياصقر بالله عليك
ليتحدث الصقر بصعوبة وصدره يعلو ويهبط من شدة الألم
_بلال.. اسمع لو أغمى عليا ..خدني المستشفى وخليهم يقوموا بالمطلوب بسرعة علشان أفوق تاني .. وارجع ادور على مودة
لينظر بلال بفزع إلى صديقه الذي بدأ يفقد وعيه شيئا فشيئا فخرج سريعا من السيارة ليلتف هو ليجلس خلف الموقد بدلا من الصقر الذي سينهي حياته بنفسه بتهوره
دفع صديقه برفق وأراح رأسه على ظهر الكرسي وبدأ في قيادة السيارة عائدا بأقصى سرعة إلى المشفى ...لكنه سمع الصقر يعافر لأن يقول بلوعه تلمع الدمع في عينه التي تجاهد لأن مستيقظة
_بلغ البوليس على الأماكن...اللي لسه مروحتهاش..علشان يفتشوا فيها..بسرع....
لم يكمل الصقر حديثه فلقد فقد وعيه بسبب شدة نزفه
مد بلال يده يتفحص صديقه وهو ينادي باسمه بخوف
_صقر ..صقر../
لكنه لم يجد أي إجابة ... ليضرب بلال النافذة بجواره بغضب
_غبي غبي يا بلال إزاي تسمحله يعمل بنفسه كده ..ده لو عايز ينتحر مش هيعمل كده
نظر إلى صديقه الذي شحب لونه مغمض عينيه ويبدو الارهاق و الحزن جليا على قسمات وجهه، فعلى الرغم من إنه غائب عن
الوعي، إلا أن بلال إستطاع أن يرى ذلك الصراع داخله من أجل الاطمئان على زوجته، يريد أن يفيق ليكمل البحث لكن جسده يخونه فلم يقو ع الحراك
ليهتف بلال بلوعه
_اتماسك ياصاحبي... عارف إنك شوفت كتير.. بس لعله خير... لعل ده اختبار من ربنا ... لعل ربنا في النهاية يجبر
بخاطركم ... متأكد إنه مش هيضيعكم بعد كل الفراق ده ... اصبر يا صاحبي اصبر ..إن الله مع الصابرين ولا حول ولا قوة الا بالله
_________
جاب المكان محاولا الخروج من البيت ... لا يريد الانصياع لأحد.. لا يريد البقاء هنا لحظة واحدة .. هو لا يعرف أحد هنا
... غير أمه والآن هي اختفت ولا يدري أين هي ...لذا أراد أن يعود إلى المكان الذي يعرفه إلى بيت جده...عله يجدها هناك ...لكنهم لم يسمحوا له بالخروج فأخذ يصيح بهم جميعا متمردا
_أنا عايز أمشي من هنا أنا مش بحبكم ... إنتوا أخدتوا مني أمي ... أنا عايز ماما .. يا ماما ... يا ماما
حاول عادل وأيمن وأسامة تهدئته لكنه كان غاضبا جدا ...فانهال عيلهم جميعا بالضرب غير مبال باحترام من هم أكبر منه...فما كان منهم إلا أنهم حاولوا أن يمسكوا بيده محاولين أن يقللوا من حركتة ويحدوا من ضرباته الطائشة بهم
لتقترب منه ياسمينا وتهتف بهدوء
_شاهين حبيبي.. مودة إحنا مش عارفين راحت فين .. حد خطفها ومش عارفين مكانه... ودلوقتي بابا صقر بيدور عليها في كل مكان ومش هيرجع إلا لما يلاقيها متقلقش.
لتهتف مريم هي الاخرى... تمسد شعر رأسه
_الكل هنا بيدور على مامتك يا شاهين ..وكلنا هنا بنحبك جدا انت وماما .
ليهتف شاهين بنرفزة
_أنا هخرج أنا كمان أدور عليها.
هتفت أميرة بحزن
_شاهين انت لو خرجت هتبقى في خطر .. وممكن تتخطف انت كمان وهنضطر ندور عليك انت كمان
ليحاول شاهين أن يبعد يدي عادل وأسامة عنه وهو يقول بعصبية واضحة
_مش مهم .. اللي هيخطفوني هيودوني عند ماما ...ابعدوا عني بقا ...يا جدييي ... يا ماما .
أغمض الكل أعينه في أسف فهذا الطفل عنيد جدا .. صعب التحكم به.. فلقد تعب عادل وأسامة وأيمن في جعله يكف عن الصراخ محاولا الخروج
جال على ذهن ياسمينا فكرة فهمست في أذن مودي التي كانت تجلس معانقة سلمى وتبكي حزن على أخيها
استمعت مودي الى ما تقوله أمها فابتسمت لخطتها وقامت لتقترب منه وهي تقول ببكاء
_شاهين . .. أنا خايفة ممكن تخليك معايا تحميني !!!... بابا صقر راح يدور على ماما مودة ... وسابك هنا علشان تحميني .. انت أخويا ولو مشيت هكون خايفة من غيرك خليك معايا.
ختمت كلماتها وهي تتشبث بيده ،ترجوه
فما كان منه إلا أنه استكان من ثورته ومد يده ليحيط أخته بيديه وبالأيد الأخرى يزيل دمعاتها ويقول بحنان غير معهود عنه
_متعيطيش .. متخافيش أنا معاكي
فابتسمت له مودي بفرحة
كما ابتسمت ياسمينا لنجاح خطتها فتنهد الجميع براحة
إلا أن مريم جاءها اتصال من بلال يخبرها انه مع صقر بالمشفى فلقد فقد وعيه ،بسبب جرح صدره التي إزداد خطورة عن ذي قبل لأنه أهرق نفسه من عناء البحث عن زوجته ف كل مكان
لتتهنهد مريم بحزن وهي تحوقل
_لا حول ولا قوة إلا بالله
ليسألها الجميع ما الأمر
فتهتف بلوعة
_أبيه صقر تعب جدا واتنقل المستشفى ،الحرج بتاعه اتفتح تاني
لتهب ياسمينا بفزع من مكانها وتهتف بغيظ
_ مفيش فايدة فيه ... هيعرض حياته للخطر ..علشان يدور على مودة بنفسه .. رغم إن الكل بيدور عليها ومحدش متهاون في ده أبدا
لتهتف مريم باشفاق
_تعرفي إحساس إن حياتك بعد ما تلاقيها أخيرا.. فجاءه كده تروح منك... تنساب من ايديكي ف لمح البصر وانتي ملحقتيش تشبعي منها ... ده احساس أبيه صقر يا ياسمينا...
أبيه صقر بيعتبر مودة حياته اللي عايش بيها.... ميعرفش يعيش من غيرها ولا يقدر يستغنى عنها ... إحساس إنه يجرب بعدها عنه لتاني مرة أكيد بيقتله في الثانية الواحدة ميت مرة
... أبيه صقر مكانش مجرد زوج لمودة ... ده كان عاشق .. و حبيب... وأب ... وأخ وصديق ..ورفيق وكل حاجة ... علشان كده مش سهل عليه يقعد كده من غير ما يدور عليها بنفسه حتى لو كان بيموت.
تأثرت ياسمينا بما تسمع ... يالا هذه العلاقة الرائعة التي تجمعهما .. ويالا قسوة الظروف التي يمرون بها ..فانسابت العبرات على وجهها بأسى للحالة التي يمر بها ذلك الشخص
الذي كان سببا في تحرك مشاعرها .. تلك المشاعر التي لا تستطيع تفسيرها هي هي إعجاب أو حب .. ولو كان حبا... ترى هل لها مكانا في ذلك القلب الذي لا ينبض إلا عشقا بمودته ولا يرى غيرها؟
تفكر
هل ستكون أنانية وتفكر في تدمير تلك العلاقة السامية من أجل علاقة من طرف واحد... علاقة تعلم أنها الطرف الخاسر بها؟؟؟
كما تأثر أيضا شاهين بما سمعه .. وانتابه الحيرة والتخبط .. هل كان جده يكذب عليه بشأن أبيه؟...هل حقا أبيه يحب أمه؟؟
______
عندما علمت رباب بما حدث لابنها ..أصرت على الذهاب لتكون ب جواره، فألحت عليها ياسمينا أن تذهب معها لتكون إلى
جانبه، فوافقت على مضض، كما ان شاهين ومودي أصرا على الذهاب معهما أيضا.... لذا طلب الجميع ترك البيت والذهاب معا إلى المشفى
فتم تجهيز سيارة خاصة بالحراسة لتنقلهم إلى المشفى التي يرقد بها الصقر.
______
زاغت أبصارها وطالعته بفزع شديد وهي تهتف بحيرة
_إنت مين!!... لو عايز تنتقم من بابا فأنا مليش دعوى باللي بيعمله والله العظيم ما ليا دعوة أبدا ولا موافقاه على أي حاجة عملها.
ليرمقها بنظرات باردة هاتفا بها بفحيح أشبه بالموت
_أنا سامي ،وأبقى......
قطع كلماته وهو ينهض من مكانه ليضع الشمعة جوار الباب ويقوم بإشعالها
_هحكيلك براحتي الشمعة قدامها نص ساعة لحد ما تلمس البنزين والمكان يولع
لتصرخ به مودة بفزع
_استنى ... انت هتعمل إيه حرام عليك؟؟... إنت مجنون
ليجلس هو قبالتها ثانية ع الكرسي مزين وجهه بابتسامة باردة
_صرخي براحتك محدش هيسمعك .. أنا أخترت اللوكاندة دي بالذات علشان محدش يشك فيها ..... وهتسألي أصحابها
فين... اقولك إصحابها راحوا يشوفوا ابنهم اللي وهمتهم إنه عمل حادثة وفي حالة خطيرة فراحوا على ملا وشهم يشوفوا ابنهم الحيلة.
هزت رأسها باستنكار لما تسمع
_لا انت بجد الظاهر مجنون... طب...طب مش خايف يرجعوا ويكشفوك!!!...
ابتسم بسخافة
_على ما يرجعوا يكون الأوضة اتفحمت بيكي وبكده تكون مهمتي تمت على أكمل وجه ...متخافيش أنا مش هدمر إلا الأوضة دي وهسيبلهم تعويض على الحاجة اللي هتتحرق هنا
ثم قال بنظرات مصحوبة بالغل والانتقام
أما إنتي فالتعويض بتاعك فات من خمس سنين
______
عمل الطبيب على معالجة جرح الصقر مرة أخرى وأوصل له العديد من المحاليل لتعوض ما فقده من دم ،وصرّح أنه إذا ما فُتح الحرج مرة آخرى فستكون العواقب وخيمة وستكون
حياته الثمن ...فالصقر لا ينبغي أن يقوم من الفراش لمدة أسبوعان كاملان وحذر من ذلك تحذيرا شديدا
فاق الصقر بعد برهة وجيزة وكأن عقله لا يريد أن ينام يريد أن يبحث عن محبوبته فلا يغفل إلا وهي معه
حاول النهوض من مكانه ضاربا بتحذيرات الطبيب والجميع عُرض الحائط وهدر بهم جميعا كالغريق الذي يعافر ليبقى على قيد الحياة
_أنا ماشي ومحدش هيقدر يمنعني ... دكتور حطلي في الكانيولا دي مسكنات كتير علشان مفقدش الوعي تاني
ليقوم الدكتور وهو يزم شفتيه
_لو اتحركت ممكن تفقد حياتك مش وعيك بس ياصقر
ليهتف بلا مبالاة
_مش مهم المهم الاقيها
ليصيح بها بلال
_صقر فوق بقى.... انت عايز مودة ترجع تلاقي زوجها انتهى ... انت بتفكر ازاي ؟
ليصيح صقر بصوت بغضب مماثل
_مش هقدر اقعد راقد هنا ومعرفش مراتي فين ... افهم بقا.. وابعد كدا عن طريقي ...لإن مفيش قوة هتمنعني لا انت ولا غيرك
تنهد بلال وادعى أنه يوافق على مغادرته على هذا الحال
_طب استنى هحطلك مسكن علشان تتحمل الالم
استكان له الصقر ولم يعرف أن بلال يضع له منوم قوي بدلا من المسكن لكي يجعله ينام لليوم التالي
أحس الصقر بالدوار بينما يهم لمغادرة الفراش فصاح بصديقه
_بلال انت ادتني إيه؟؟؟
ليتنهد بلال ويهتف بهدوء
_مكانش ينفع أسيبك تنزل وانت ف الحالة دي.. مينفعش أعرض حياة صاحبي للخطر ...مش هسمحلك أبدا بكدا
ليقول الصقر بغضب مقاوما ثقل جفونه
_مش هسامحك أبدا يا بلال ... مودة لو جرالها حاجة والله ما هسامحك
ليهتف بلال بأسى
_أسف ياصاحبي.. اللي عملته لمصحلتك
ليقول بحزن عارف
_مصلحتي بإني ألاقي مودة ...ألاقي نبض قلبي
_انت عايز تلاقيها وتضيع حياتك إنت
صرخ به صقر
_ملكش دعوة حياتي وأنا حر فيها ...انت أيه مشكلتك انت
_مشكلتي بتسأل مشكلتي؟... وأطفالك دول ... أطفالك اللي لسه مش عارف تتلم معاهم في بيت واحد وتربيهم بهدوء ... هنفضل نلاقي حد التاني يضيع لحد إمتا.
_مودة لو راحت يبقى راح كل شىء معاها
_هترجع قلتلك هترجع ... خلي أملك في ربنا كبير.
_مش هترجع غير لما ارجعها بنفسي رشاد مش هيسيبها بالساهل...
ثقلت جفونه كثيرا ووقعت على الفراش نائما وهو يتمتم
_مش هسامحك يا بلال.
ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا
