أخر الاخبار

رواية لاتتحدي الصقر الجزء الثاني2الفصل الحادي والاربعون41بقلم اسماء عبد الهادي


 

لا تتحدي الصقر ج٢

الفصل الواحد  والاربعون 


_______

غامت أعينها بسحابة حزن سوداء، عشعشت على سماء قلبها عندما تذكرت الانفجار وضحاياه وخاصة تلك الفتاة المسكينة التي قضت نحبها ظلما وبدون أي ذنب، يموج قلبها ويهيج



 عندما تتذكر أن والدها السبب فيما حدث...فطنت من كلمات سامي أنه قريب لأحد ضحايا ذلك الانفجار، وأن ما يفعله بها ما هو إلا سعيا للانتقام، لذا هتفت بحذر وهي تخفض بصرها حرجا من فعلة والدها

_هو حضرتك..تقرب لحد من مصابي الانفجار؟؟


ليرمقها بنظراته القاتمة الغاضبة

_أختي متصابتش ..دي ماتت بسببك إنتي وأبوكي

أخفضت مودة رأسها بأسف من أجله 

ليردف سامي قائلا بغضب ممزوج بحزن مكلوم على أخته

_أختي كانت حامل في الشهور الأخيرة وجوزها مسافر برا مصر بس عمل حادثة هناك وصرف كل اللي حوشه على علاجه هناك، علشان كده أختي كانت بتدور على شغل علشان تجمع



 مصاريف الولادة ، وفجاءة عرضت عليها واحدة ست غريبة من تبعكم إنها هتعطيها ٣آلاف جنية مقابل إنها تحل محلك بس نص ساعة وخلاص كده مهمتها إنتهت وهتأخد الفلوس


 وتمشي، أختي فرحت بالعرض ده جدا لأنه هيرحمها من عناء الشغل مع تعب الشهور الأخيرة من الحمل...كلمت أختها الأكبر منها وحكتلها عن العرض ده وإنها وافقت بيه طالما مش هتأذي



 حد بانتحالها لشخصية البنت اللي إسمها مودة ..اللى هو إنتي يعني..وكل الحكاية نص ساعة والموضوع هيخلص ..بس مكانتش عارفة إني عمرها هو اللي هيخلص هي واللي ف


 بطنها... مكانتش تعرف إنها هتكون ضحية خطة حقيرة إتعملت وكان مقصود بيه موتها....شوفتي كمية القسوة وموت القلب اللي انتم فيه ..بكل بساطة حرقتم أختي



 وابنها...وحرقتم قلوبنا عليهم ..قولولي بتعرفوا تناموابالليل كويس ؟؟ بتناموا وضميركم مرتاح وانتوا السبب في قتل روحين وتشويه عشرات الطلبة ...بتعرفوا تناموا وتحلموا زي بقيت الناس


صمتت مودة وأطبقت جفنيها في حزن مما حدث لأخته 

لتجده يقول بألم

_أنا بقى مبعرفش ... من يومها وأنا عيني مداقتش طعم النوم ...صورتها وهيه بتستنجد بيا مبتفارقنيش ...

صمت قليلا وكأنه يسترجع صورة أخته محترقة فيتحول وجهه للعتمة ويتعتليه نظرات تحمل الكثير من الشر والانتقام


_علشان كده لازم تدوقي من نفس الكاس اللي شربته..لازم تتحرقي وتتفحمي زيها بالظبط..لازم أبوكي يدوق مرارة الفقد بالطريقة البشعة دي زيي بالظبط.


تنهدت مودة بكمد شديد من أجل من حدث لتلك الأسرة البائسة ..لذا تحدثت هذه المرة دون خوف منه وبعدما علمت لما يفعل هذا به 



_أنا بتأسف لحضرتك جدا على اللي حصل يا أستاذ سامي.. وصدقني كنوز الدنيا كلها متساويش دمعة واحدة بس من عيون أختك..  أنا والله مكنتش أعرف باللي حصل ولا اللي



 هيحصل لأختك وصدقني أنا لو كان بإيدي كنت أفديها بروحي وعمري ..ذنبها إيه علشان تتقتل بسبب لعبة عملها بابا على



 زوجي ؟... ودلوقتي أنا مستعدة أقدم لحضرتك التعويض اللي تطلبه عارفة إني مفيش حاجة هترجع اللي راح ..بس مش في إيدي حاجة أعملها غير كدا.... 


ليهتف سامي بغيظ

_مش عايز غير إني أشوفك محروقة زيها واحرق قلب أهلك عليكي زي ما حرقتوا قلبنا .


تحدثت بهدوء

_لو هو ده اللي هيريح حضرتك فأنا معنديش مانع أبدا.. بس اللي لازم تعرفوا إن موتي من عدمه ميفرقش مع بابا في حاجة.. بابا لو كان في مصلحته يقتلني مكانش هيتردد ثانية واحدة بس على ده.


ظل سامي يرمقها بنظرات مغتاظة من أبيها

ولمعة الانتقام تتأجج داخله تكاد تنفجر


_بردو هنفذ اللي كنت بحلم بيه طول السنين اللي فاتت ومصير أبوكي يقع في إيدي هيروح مني فين.

لتهتف مودة بهدوء

_ممكن أسأل حضرتك سؤال هل قتلي بالطريقة دي ..هيهدي حرقتك على أختك ؟

هل أختك هتكون مبسوطة باللي هتعمله ..بقتل نفس ملهاش أي ذنب بل إنها كانت هيه كمان ضحية لوالدها اللي بعِدها هيه وابنها عن زوجها لخمس سنين، ووهم زوجها إنها ماتت وفضل طول السنين دي كلها يبكي على فراقها وميعرفش إنها عايشة ..هل هتكون راضية عن ده؟؟




هل إنت فكرت باللي هيحصلك بعد قتلي؟؟ مستقبلك اللي هيضيع وأختك التانية اللي هتعيش وحيدة من بعدك؟؟ هل فكرت فيهم ... هل هتعرف تنام مرتاح إنت كمان ولا هتكون زي بابا متفرقش عنه .. بتقتل أرواح بريئة


أمسكها من رسغها صارخا بها

_لا أنا مش زي أبوكي ..أبوكي مجرم حقير... لكن أنا بنتقم لأهلي وأظن ده حقي.


أرعبتها حدته وتطاوله عليها لكنها حاولت أن تحافظ على رباطة جأشها ..وقالت وهي تنظر للشمعة التي أحترقت  نصفها



 

_قلت لحضرتك إني مش ممانعة اللي هتعمله فيا .. أنا بس حبيت أنك تراجع حساباتك لإنك بقتلي مش هتعيش لحظة واحدة مرتاح .. حضرتك تقدر تتفضل تجيب الشمعة وتحطها على الأرض لو حبيت مفيش داعي للانتظار .. بس ممكن طلب أخير؟


رمقها باستغراب وبأعين زائغة فعلى ما يبدو أنه لم يكن يتوقع هدوءها هذا؟؟ كان سيظن أنها ستصاب بالزعر ..ستترجاه أن يرحمها وألا يفعل هذا بها... لم يفكر قط فيما بعد قتلها..هل حقا سيرتاح؟؟ كان تفكيره متوقف عند لحظة رؤية من ماتت أخته بسببها متفحمة فقط.


لم تنتظر منه رد لأنها تعرف أنه ليس بإنسان سىء وأنه يواجه صراع داخلي في نفسه لذا هتفت لتطرق على الحديد وهو ساخن

_ممكن تجيبلي ماية اتوضا بيها علشان أصلي قبل ما أموت؟؟ خايفة أقابل ربنا وأنا مصلتش ولا صلاة مكتوبة ..أرجوك ده رجائي الوحيد لحضرتك.


ليهتف بها مصدوما

_هتصلي!!... هتقدري تصلي والشمعة ممكن تخلص في أي لحظة والمكان يشتعل بيكي.


رمقته بنظرات هادئة 

_ حضرتك مش متخيل إنك بكده هتقدملي حلم عمري... إني أموت شهيدة .. أموت وأنا في طاعة ..

قالتها ومن ثم تنهدت بحزن

_وربنا يتولى زوجي واولادي واهلي على فراقي .. أكيد ربنا قادر على تعويضهم على فراقي ..هينسوني بسرعة صح؟... أطفالي الصغيرين هيقدروا يتقبلوا موت مامتهم بسهولة مش كده؟؟.... رد عليا حضرتك جربت نار الفراق قبل كدا فأكيد عارف شعورهم هيكون إيه؟


  رأت دموعه تختلج بين جفونه يكبتها في قلبه ..يعتصر ألما ...فضميره قد بدأ يؤنبه على ما ينوي فعله ..هو ليس سيئا ولم يكن من قبل .. فقط أعماه غضبه وانتقامه فلم يعد يرى الصواب... استطاعت مودة أن تستشف ذلك منه لذا أرادت أن تجعل ضميره هو من يردعه عما سيفعل.


هتفت بخفوت

_أستاذ سامي .. بسرعة مبقاش وقت .. محتاجة أصلي.. أرجوك إعمل فيا معروف قبل ما تموتني ..يمكن تعرف تنام بسهولة بعد كده ..يمكن ضميرك يبات مرتاح .. إنك كنت السبب في أني أصلي قبل ما تشوفني محروقة قدامك...قبل ما تشوف روح بريئة كانت ضحية زي أختك بالظبط بتواجه نفس المصير المؤلم اللي شافته أختك.


ليضع سامي يده على إذنيه يحرك رأسه بشدة وكأنه يرفض سماع ما تقوله.. يحاول أن ينفض ذلك الضجيج الذي بدأ يعلو في صدره ..ليهدر بها بغضب

_باااس بقا ... إنتي عايزة مني إيه!!..إنتي ليه بالهدوء ده ..ليه  أنا مش حاسس بفرحة الانتقام ؟..ليه بدأتي تصعبي عليا بالشكل ده 


رمقته باشفاق وهتفت بأسى على ما يمر به

_علشان حضرتك مش وحش يا أستاذ سامي... حضرتك مش مجرم...مش هقدر تموّت نفس حرم ربنا قتلها من غير وجه حق ..إنت بس الانتقام أعمى بصيرتك علشان كده مبقتش عارف الصح إيه....صدقني الانتقام مش هو الحل... أختك ده كان عمرها وقدرها و التي حصلها ده إرادة ربنا ... إدعيلها بالرحمة وإن ربنا يربط على قلبك.. وحاول تعيش اللي باقي من عمرك على طاعته .


كاد قلبه يلين لكلماتها إلا أن نزعة الانتقام اشتعلت بداخله مرة أخرى لذا هتف بقسوة

_بردو مش هرتاح إلا لما أقتلك وإيه رأيك إنك هتموتي دلوقتي مش هستنى الشمعة تخلص.


هب من مكانه منتفضا يمسك الشمعة في يده ويهددها بإلقاءها على الأرض في الحال


ل أسماء عبد الهادي

انتظرها أن تفزع أو تخاف مما هو مقدم على فعله.. لكنه شاهدها إعتدلت في جلستها بهدوء وأغمضت أعينها في إستكانة تامة ورددت الشهادة بصوت مسموع

"أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله"


راعه ما تفعل وإنتفض قلبه خوفا مما هو مقدم عليه ..انتبه لجُرم ما هو مقدم عليه .. انتبه لنفسه أخيرا ..حدّث نفسه بعتاب ولوم" ما الذي كنت تنوي فعله يا سامي.. أنت لا تجرؤ حتى على قتل حيوان فكيف تفعلها بهذه المسكينة.. لم تكن يوما قاتلا فكيف تكون اليوم .. هل مات قلبك أنت أيضا .. استيقظ ماذا ستقول لربك عندما تقابله ويريك صحيفة أعمالك.. كيف تبرر ما فعلته حينها.. هل ستلقي بنفسك في النار بهذه السهولة؟... لم لا ترمي أحمالك و تبث شكواك إلى الله.. هو القادر على أن يزيح ذلك الغضب من صدرك... انظر لتلك البريئة التي تجلس باستكانة منتظرة موتها على يدك أيها الظالم ..ما ذنبها وما الذي إقترفته حتى تفعل هذا بها.. ثم هل فكرت في أختك وأطفالها اليتامى كيف سيعيشون من بعدك ..وأنت كنت ملاذهم الوحيد من التشتت والضياع ...أنت منقذهم من الجوع والفقر ..ليس لهم أحد سواك ..أنت لا تنتقم منها أنت تنتقم من نفسك والذي سيدفع الثمن أختك وأطفالها اليتامى ..هيا افق يا سامي قبل فوات الأوان"


 فاق من غفلته أخيرا وانتبه لما كان سيفعله من ذنب عظيم فادمعت عينه تراجعا وندما، وارتعشت يده بحزن على ما آلت إليه أحوال قلبه ولم ينتبه لنفسه إلا والشمعة تسقط من يده سهوا لتشتعل النار بسرعة البرق في المكان.


لتتسع حدقتي أعينه بصدمة فهو لم يكن يريد هذا ..حاول أن يوقف النار لكنه لم يستطع ..أمسك بالشراشف الموضعة على الفراش ليطفأ بها النار ليجدها اشتعلت بالكامل فهو قد بللها كلها بالبنزين.. ليسقط قلبه بين يديه ..كيف سيخرج نفسه من هذه الورطة وكيف سيُخرِج هذه المسكينة التي انكمشت على نفسها عندما رأت النار تلتهم المكان ...ليقترب منها بندم 

_أنا أسف والله الشمعة وقعت مني غصب عني... أنا مبقتش عايزك تموتي .. صدقيني أنا فقت من غفلتي.. حياتك بقت أهم عندي من موتك مش هسامح نفسي لو جرالك حاجة.


ابتسمت له رغم فزعها بما يحدث حولها لكنها فرحة بنجاة قلبه في آخر لحظة.. لكن يالا الأسف فهي في كل الأحوال لن تنجو ..فجلست مستسلمة لمصيرها


لينهرها سامي على جلوسها هكذا تبكي بصمت

_انتي قاعدة كده ليه مش شايفة الدنيا بتولع حواليكي؟؟


أزاحت قدمها لتتفادي تلك الشرارة التي كادت تلتهم قدمها وهتفت بخفوف ونبرة مستسلمة 

_أعمل إيه خلاص .. قضي الأمر .. الأوضة كلها ولعت بينا .. أنا اللي مزعلني إنك ملحقتش تخرج من هنا.


ليقول بعد أن بدأ بالسعال فالدخان المتصاعد من النيران قد بدأ يخنقهم

_لا مش هيحصل الأمر منتهاش.. هخرجك من هنا.. أنا السبب في اللي إنتي فيه .


مد يده ليفتح النافذة أعلى الحائط التي تستند عليه مودة...فهم إن لم يحترقوا فسيختنقوا من كثافة الدخان المتصاعد، لكنه تذكر أنه قد نسي أن يضع عليه من الوقود الذي معه... 

لذا هتف بفرحة في مودة التي بدأت تترنح من أثر اختناقها من الدخان الكثيف

_مدام مودة ... الحمد الله ربنا نجانا إحنا هننط من الشباك... تعالي بسرعة يلا...قبل ما النار تطولنا 


فرحت مودة ومثل أي شخص يعافر لينجو بنفسه ..تناست أمر اختناقها ونهضت بسرعة كي تقفز من النافذة كي تفلت من النيران التي كادت بالتهمامهما حيين

هتف سامي متحمسا

_اطلعي يلا وأنا هساعدك علشان تنطي، بسرعة أرجوكي

نظرت إلى أسفل قبل أن تصعد ومن ثم تراجعت بزعر وتساءلت وهي تذدري ريقها 

_هو إحنا في الدور الكام؟؟

لم يفهم مغزى سؤالها لكنه أجابها على أي حال

_الثالث .. بسرعة بقا النار وصلت لرجلينا خلاص.

لتبتعد عن النافذة بخوف حقيقي

_لا لا .. أنا مش هقدر أنط .. أنا ممكن أتكسر .لا لا مش هقدر 


ليهتف بحنق 

_يعني خايفة تنطي من الدور الثالث ومش خايفة تتحرقي هنا.


لتهتف هي به بغضب

_انت اللي حطتني في الموقف ده .. أنا خلاص رضيت بقدري.. أنا في كل الأحوال ميتة فأموت هنا أكرملي من إني أنط.


لكن سامي لن يتحمل أن يحدث لها مكروه بسببه لذا أمسك بيدها عنوة وهو يهتم بعزيمة أن يحاول قدر استطاعته أن ينقذها حتى ولو لم ينجو هو 

_مش هيحصل أبدا... هخرجك من هنا زي ما جبتك أنا المسؤول عن اللي بيحصل


لتهتف بخفوت

_متقلقش أنا مش محملاك أي مسؤلية ومتاكدة أن اللي حصل ده غصب عنك .. اتفضل نط إنت بسرعة ..يمكن تنجو ربنا معاك.


بدا سامي لم يسمع ما قالته فهو كان يدور حول نفسه كالمجنون..يطفىء بقدمه النار التي كادت تلامس اقدامهم... 

خطر بباله أن يحضر مرتبة السرير ويلقيها أرضا كي تقفز عليها مودة ليقلل من أثر صدمة سقوطها 

حاول أن يمد يده إلى الفراش المشتعل ويمسك بالمرتبة لكنها كانت أيضا تشتعل .. فما كان منه إلا أن أمسكها وهي تشتعل متحملا آلام النار التي تحرق يده وبدأ في سحبها رويدا ..فالنار كانت تشتعل في الجزء العلوي من بالمرتبة أما السفلي فلم تطاله النار بعد 

استطاع ثنيها وحملها بكل قوة يمتلكها ... فهو الأن يمتلك قوة عشرات الرجال... 


فتلك الرغبة التي بداخلنا للبقاء... تعطينا طاقة هائلة لنتمكن من النجاة بأنفسنا نتناسى آلامنا ونتناسى ضعفنا من أجل أن ننجو .. تلك هي غريزة البقاء التي وهبها الله للكائن الحي .


بسرعة كبيرة ألقاها من النافذة وأمسك بيد موده ليجعلها تصعد عنوة ..لكنه تذكر قيد يدها ففكه على عجل 

لتصرخ مودة برعب وتتشبث بالنافذة

_لاااا يا سامي مش هقدر 


ليقول سامي وهو يدفشها رغما عنها لتسقط من النافذة

_بإذن الله مش هتموتي... يااارب ..بسم الله


قالها وهو يغمض عينيه كي لايرى مودة تسقط من النافذة صارخة بفزع  بعدها ل وقف هو بسرعة على النافذة بعد أن أمسكت النار في أسفل بنطاله ..ويلقي بنفسه هو الآخر متفاديا مكان سقوط مودة.


شعر بآلام خفيفة بينما يسقط أو بالأحرى لم يشعر قط فربما يكون كسر ساقه وهو لا يشعر ..لكن كان شاغله هو تلك التي انقطع صوت صراخها بمجرد أن سقطت على الأرض




هب من مكانه بسرعة ليتفقدها ليجدها مغمضة الأعين وتشدد من الضغط عليها ..ليحاول هو أن يقرب يده من أنفها ليرى  هل تتنفس أم لا ..ليتنهد براحة عندما وجدها تتنفس

بدأ يهزها بحذر كي تفيق

_مدام مودة!!!..مدام مودة إنتي كويسة..سامعاني؟؟ارجوكي ردي عليا


فتحت أعينها ببطىء تنظر حولها بخوف وهتفت متسائلة

_أنا نطيت من الدور الثالث بجد؟؟أنا لسه عايشة


ليعرف أنها بخير لكن فزعها من السقوط هو من جعلها على هذا الحال..لكنه تسائل باهتمام متنهدا براحة

_الحمد لله ... إنتي كويسة متخافيش... بس قوليلي حضرتك حاسة بأي حاجة ..رجلك بتوجعك


لتهتف مغمضة أعينها

_أنا مش حاسة برجلي أصلا ... إنت سببت ليا رعب مشفتوش ف حياتي ...أنا بخاف من المرتفعات جدا ...فكان أهون عليا أموت محروقة ولا إني أنط من الشباك.




طأطأ رأسه بخزي فهو السبب فيما حدث لها 

_أنا أسف ... أسف جدا يا مدام مودة سامحيني... أنا مستعد أتحمل نتيجة اللى عملته.. أنا خطفتك وولعت المكان بيكي وعرضت حياتك للخطر..وكان ممكن تموتي في أي لحظة... أنا هروح أسلم نفسي وأعترف بكل حاجة


حاولت أن تعتدل جالسة فماذا زالت تشعر بآلام في جميع انحاء جسدها

لكنها هتفت ناظرة له ب ابتسامة هادئة

_لكنك في النهاية انقذتني ..يعني أنا لسه عايشة بردو بسببك.... 


_بس أنا السبب من الأول إني أحطك في موقف زي ده ... أنا أسف جدا أنا كنت مرعوب من إني مقدرش أنقذك 



_وأنا سعيدة إنك انقذتني.. وسعيدة كمان إنك لحقت نفسك وفوقت على آخر لحظة ... ده في حد ذاته كفيل إنه ينسيني اللي حصل 


نظر لها بسعادة

_يعني انتي مسامحاني يا مدام مودة؟... يعني أروح أبلغ عن نفسي وأنا مرتاح؟


هزت رأسها بالرفض

_لا إنت مش هتبلغ عن نفسك ومحدش هيعرف حاجة باللي حصل... أنا هعمل معاك اتفاق..أنا انسى اللي حصل مقابل إنك تسامحني على اللي حصل لأختك... لأني هفضل حاسة بالذنب ناحيتها وناحية أي حد اتصاب في الانفجار بسببي


ليهز رأسه مستنكر ما تقوله 

_لا ده مش ذنبك ده ذنب أبوكي ومحدش يقدر يحملك وزر غير وزرك

"فلا تزر وازرة وزر أخرى"

_اتفضلي معايا هرجعك مكان ما جبتك ..معايا العربية اللي مأجرها .وبعدين هروح القسم أعترف بكل حاجة.


لتهتف هي بتحذير فهي لا تريد له شرا فيكفي ماعاناه بسبب خسارة أخته بدون ذنب


_اسمع يا سامي انت لو بلغت أنا هنكر كل حاجة تقولها وهنكر إني شفتك أصلا فمتتعبش نفسك... ارجوك حاول تنسى ..أنا أكتر شىء مخليني سعيدة إنك شلت فكرة الانتقام من



 دماغك...الانتقام اللي خلى بابا يعمل كل ده ..يقتل يخطف يزور ..الانتقام ده شيطان بلاش نخليه مسيطر علينا لأنه لو ده حصل محدش هينضر أكتر مننا.


تنهد سامي بلوعة وندم

_معاكي حق... حضرتك إنسانة طيبة ونقية أوي يابخته.. زوجك بيكي.


تذكرت زوجها الصقر فهتف بتحذير مرة أخرى

_صحيح بذكر صقر... صقر أول حد مينفعش يعرف باللي حصل 

أومأ لها بعينيه باستفسار

لتهتف هي 

_لأنه ببساطة  لو عرف ممكن يخلص عليك يا سامي من غير حتى ما يسمع بقية الكلام اللي هنقوله ...فأرجوك امشي أرجع لأهلك قبل ما حد يشوفك وأنا هتصرف


_هتعملي إيه

_ولا حاجة هفضل قاعدة هنا وأكيد أي حد هيمر وهيرجعني البيت

_لا طبعا مش هسيبك في مكان مقطوع زي ده لوحدك


وجدها تنظر لأعلى بتحسر حيث النافذة التي إلتهمتها النار  وهي تقول

_النار تقريبا بدأت تهدا ..ماهي خلاص تقريبا كل شىء في الأوضة أصبح رماد 


تنهد سامي بغيظ وندم على ما فعله 


ليسمع مودة تهتف 

_اللهم أجرنا من النار... حضرتك تعرف يا استاذ سامي أن النار بتاعت الدنيا دي جزء بسيط من نار الآخرة ... أعاذنا الله منها


قال الرسول محمد صلى الله عليه وسلم : "ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم."


هتف سامي بخوف

_اللهم أجرنا من النار 


لتحمد مودة ربنا أنه أمدها بالعمر ..كي تعود له ..كي تحاول جاهدة أن  تقضي ما تبقي من 

عمرها على طاعته 


بينما حمد سامي ربه على أنه استيقظ من غفلته قبل أن يكون مصيره نار جهنم .. ظل يستغفر ربه ويتوب إليه مما كان ينوي أن يفعل


                    الفصل الاخير من هنا

لقراءة باقي الفصول من هنا

ولقراءة الجزء الاول جميع الفصول من هنا 



تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-