أخر الاخبار

رواية حافية علي جسر عشقي الفصل الثانى 2بقلم سارة محمد


 
حافية على جسر عشقي 


بقلم سارة محمد

الفصل الثاني:



 صرخ "باسل" بكل ما أوتي من قوة ليصدح صوته بالمشفى ،جاء جميع الأطباء و طاقم كامل من الممرضين على صوته ،



 وقفت المشفى على قدمٍ وساق عندما وجدوا صغير عائلة "الهلالي" قاطع النفس و رأسه تنزف ، وضعوه على ناقل المرضى ليركضوا به نحو غرفة العناية المركزة ، هم "باسل"



 بالذهاب و رائهم إلا أن عيناه لُهبت جمراً عندما تذكر  ان تلك الفتاة  مازالت جالسة بالسيارة منكمشة على نفسها و عيناها لا تتوقف عن ذرف الدموع ، ذهب نحوها يطوي الأرض بقدميه



 لينزلها من السيارة جاذباً إياها من ذراعيها ، لتصرخ "رهف" بألمٍ من قبضتيه الحديدية ..أخذت تبكي بحرقة و أصابعه تكاد تخترق ذراعها ، ألتفتت الأنظار نحو الفتاة ذات الجسد المكتنز




 بتناسق و ملابسها التي لايصلح التجول بها في الشارع ، نظر لما ترتديه. بإحتقارٍ هو لا يستطيع تحمل النظرات الجائعة الموجهه لها ، و بحركةٍ سريعة كان ينزع بذلته ليضعها على كتفيها بصرامة، ظهر قميصه الملتصق بصدره ليجعله بمظهرٌ




 جذاب ، أحاطت "رهف" بذلته و رائحة العطر تخترق أنفها ، أستطاعت بذلته إخفاء جسدها الضئيل إذا قورن بجسده الضخمة بحركة سريعة فتح باب سيارتها ليدفعها داخلها بقوة ،



 أرتطمت رأسها بسقف السيارة لتتأوه بألمٍ ، لم يعيرها أهتمام ليقبص على فكها بقوة مقرباً وجهها من خاصته . لم يفصلهما سوى بعض السنتيمترات ، ألتهبت عيناه بقوة و خرجت نبرته مرعبة :

- إياكي تتحركي من هنا .. حسابنا لسه مخلصش ..


دفع وجهها ليغلق باب السيارة بقوة أخرج به شحنات غضبه .. أرتجفت ضلوعها و هي تراه يبتعد ذاهباً صوب المشفى بخطوات أشبه بالركض ، فتحت باب السيارة لتترجل منها راكضة وراءه و هي تقول بتوسلٍ عله يسمعها :

- لو سمحت أفهمني أنا معملتش حاجة !! أنا ..


كان قاب قوسين أو أدنى من دفنها مطرحها ، لذلك ألتفت لها قابضاً على كتفيها بقوة شديدة ليضرب ظهرها بالحائط خلفها حتى تأوهت هي بتألمٍ و هي تشعر بعظامها تهشمت ، ناهيك عن رأسها الذي يكاد يفتته الصداع من الضربة المؤلمة التي تلقتها ، أقترب بوجهه منها بشدة و هو يقول بنبرة جحيمية :

- قسماً بالله لو أخويا حصله حاجة بسببك هدفنك !!!


لم تستطيع النبث ببنت شفة ، و كأن لسانها رُبط ، و عيناه السمراء تقتحم عيناها الرصاصية بقوة !!!

نفضها و كأنها مرضاً معدي ثم ذهب حيث يرقد أخيه ..


سقطت "رهف" على الأرضية تشهق شهقات متتالية ، ضمت بذلته إلى صدرها لتخفي جسدها عن الناظرين ، البعض يرمقها بشفقة و البعض بلا مبالاة و كأن قلوبهم أصبحت كالحجر ، منذ هروبها من منزل والدتها و زوجها الذي كان يتحرش بها يومياً و هي مطبقة الفم ، ليأتى و يكمل عليها ذلك الحقير ، ثم يليه أخيه الذي ما إن رأته و هو يعنفها دون حتى سماعها ..


ظلت جالسة على الأرضية ما يقارب الساعتين ، قررت النهوض عندما لم تجد فائدة من جلوسها هكذا ، سارت في الرواق بإنهاكٍ تجُر قدميها ، حتى رأته يقف بهيبته ناظراً لزجاج غرفة أخيه ، أستطاعت رؤية عيناه تلمع بدموع رافضة النزول ، أقتربت منه ببطئٍ خائفة من بطشه، لم يتكبد "باسل" عناء النظر لها ، ظل شارداً و هو يسألها بصوت جاف مميت :

- عمللك أيه عشان تضربي دماغة بالإزازة اللي كانت ممكن تفتحله دماغه ؟ عـمـلك أيــه ؟؟!!!!!!


صرخ بحدة بالأخير و هو يلتفت لها قابضاً على فكها حتى كاد أن يهشمه ، مما جذب أنظار الناس من حوله والجميع يغمغمون بغرابة ، أنسابت دموعها لتضربه بصدره بقوة منفضة يداه عنها و هي تصرخ به بصوتٍ هز أرجاء المشفى :

- كـان عايز يغتصبني !!!!!!!


جمدت عيناه داخل عيناها ، "مازن" أخيه ولكنه يعلمه جيداً و يعلم قذارته، لاسيما أنه لم يكن بوعيه أساساً ، إذاً فهو يتوقع أي شئٍ منه ، أغمض عيناه محاولاً التحكم بأعصابه ، و الأهم الأن أن لا يعرف ظافر شيئاً مما حدث و إلا سيقوم الدنيا و لن يعقدها و لن يبرح من "مازن" إلا و هو جثة هامدة ..


بهدوءٍ أخرج من جيبه رزمة مال ليمد كفه بها و هو يقول ببرود :

- أظن أنه ملحقش يعمل حاجة ، خدي دول و إياكي حد يعرف باللي حصل و لا حتى تقوليه بينك و بين نفسك !!!!


و كأن دلواً من الماء البارد سُكب عليها ، نظرت له بحقدٍ شديد ، أخذت المال منه إلا أنها ألقتها بوجهه بأقوى ما لديها من قوة لتصيح به بحدة :

- واضح أن كلكوا نفس الوساخة !!!!


ثم أبتعدت عنه ببعض خطوات ، بينما "باسل" يكاد ينفجر من الغضب ، لم تتحمل "رهف" فسقطت مغشياً عليها يُحيطها الظلام من جميع النواحي 


• • • 


طرقات تتوالى على باب منزلها ، قطبت حاجبيها قليلاً فمن سيزورها ، نهضت بثقلٍ لتجد "عماد" يقف و الأبتسامة مرسومة على ثغره ، نظرت له بجمود لتسند يداها على إطار الباب مانعة إياه من الدخول و هي تردف بفظاظة :

- خير ؟!!


أستطرد "عماد" بدهشة :

- الله !! مش هتدخليني ولا أيه دة أنا حتى جايبلك أخبار عنب .. ثم نظر إلى ما ترتديه الذي كان عبارة عن شورت يصل لفوق ركبتيها بقليل تعلوه كنزة بيضاء خفيفة ، لاحظت "ملاذ" نظراته الجائعة تجاهها لتمسك بفكه بحدة و هي نقول :

- عـمـاد !!! لم نفسك و شوف أنت واقف قدام مين ، أنا ملاذ أنت واعي صح !!!


- نسيتي تقولي أنك خطيبتي !!!

قال بسُخرية ، بينما هي جمدت نظراتها و هي تقول بتهكمٍ :

- أظن أنت عارف أنا خطيبتك ليه ، مش عشان سواد عيونك و حُط في بالك أن أنا محدش يجبرني على حاجة ، ممكن في ثانية ألغي الخطوبة دي خالص !!!!


أمسك "عماد" بيدها و هو يقول برجاءٍ :

- لاء يا ملاذ و حياة أغلى حاجة عندك دة أنا سمعتي تبوظ !!!


نفضت يدها عنها و هي تقول :

- يبقى خاف على نفسك ، أحنا مخطوبين قدام الناس بس أنا حتى مش لابسة دبلتك يا عماد !!!


زفر "عماد" بيأسٍ ، فـ لطالما كانت "ملاذ" حلمه الوحيد ، تمنى لو تُحبه مثلما أحبها هي ، نظر لها قائلاً بنبرة واهنة :

- طيب ممكن أدخل بقا عشان فعلاً الموضوع مهم ، متقلقيش انا مش هعمل حاجة !!


قهقهت ملء فمها لتفتح الباب على آخره و هي تقول :

- أقلق ؟ و مش هتعمل حاجة ؟ ع أساس أن ممكن تفكر تعمل حاجة معايا يا ماجد ، طلعت غبي أوي بس معلش هعديهالك ، يلا أدخل .


دلف "عماد" متغاضياً عما قالته "ملاذ" ، جلس على الأريكة لينظر لها و هو يراها تتوجه ناحية المشاية الكهربائية ، ظلت تركض عليها و أصبعها يضغط على الزر مما جعل الآلة تُزيد سرعة الركض ، بدأ "عماد حديثه قائلاً :




- سمر لسة مكلماني من شوية وقالت أنه وافق أنه يتعامل مع شركتنا و هييجي الشركة بكرة عشان التصميم بتاع الـ uniform ..


برقت عيناها بنشوة و هي تقول :

- براڤو يا عماد ، بس أهم حاجة تكون دافع للبت سمر دي.كويس عشان متفكرش تلعب بديلها ..


نفى "عماد" برأسه قائلاً بثقة :

- لاء متقلقيش ، البت دايبة فيا ومتقدرش تطعني في ضهري أبداً ..


نظرت له بسخرية والعرق يتصبب من جبينها :

- ويا ترى عارفة أنك خاطب ؟


- عارفة و راضية ..


- طب كويس ..


قالت "ملاذ" :

- أنا أصلاً بفكر ألغي تعاقدي مع شركة الهواري و هدفعلهم الكام ملطوش اللي مكتوبين في الشرط الجزائي ، كدة كدة التصاميم اتسرقت و انا مش هفضي أصمم تاني أنا عايزة بس أنشغل بال uniform اللي هعمله مع ظافر دة ، بس مش قبل مـ أعرف مين اللي سرق التصاميم ..


حك "عماد" ذقنه و هو يقول :

- معاكي حق ، أنا هعرفلك مين اللي عمل كدة ، بس المشكلة بقا دلوقتي ظافر الهلالي ذكي أوي يا ملاذ ، أزاي هنعرف نضحك عليه !!! و بعدين دة لو عرف أن أحنا اللي مخططين لـ ده كله مش بعيد ينسفك !!!!!!


رمت به نظرة جامدة لتقول :

- عماد حاسب على كلامك مين دة اللي ينسفني ، و بعدين أحنا سمعتنا في النور كل اللي نصبت عليهم قبل كدة ميعرفونيش أصلاً مكنوش بيسمعوا غير صوتي حتى أسمي ميعرفهوش أنت ناسي أن كلهم كانوا عاميين ؟!!

أنا في دماغي خطة كدة عشان أوصل لظافر وفلوسه .. و أقهره زي مـ أبوه قهرني و قهر أختي اللي بقت تكرهني بسببه !!!


جحظت مقلتي "عماد" و هو ينظر لها بضياع :

- مش فاهم ..


- مش مهم !!!


• • • •


وُضعت "رهف" على فراش المرضى ، كانت لا تشعر بما حولها ، بينما "باسل" يطالعها بقلقٍ ، لاسيما عندما أخبره الطبيب أنها تعاني ضغوطاتٍ نفسية حادة ويجب عليها الراحة التامة ..


خرج من الغرفة ليتركها ترتاح ، ليجد طبيب حالة أخيه يخرج من الغرفة ماسحاً العرق المتصبب من جبينه ، ركض له باسل قائلاً في خوف شديد :

- عامل أيه يا دكتور ..


نظر له الطبيب قائلاً يطمئنه :

- متقلقش يا باسل باشا ، مازن بيه عال .. الأزازة اللي أتخبط بيها مأذتهوش جامد هو بس نزف شوية بس أحنا وقفنا النزيف ..


زفر "باسل" براحة شديدة ليقول :

-طب هيفوق أمتى ؟؟؟


- كمان ساعتين هو بس عايز راحة تامة ، بعد أذنك ..


مسح "باسل" وجهه بعنف ، ترك الطبيب ذاهباً لغرفة مدير المشفى بخطوات أقرب للركض، باغته بصفع الباب بقوة ، أنتفض على أثره المدير ذو الخصلات البيضاء التي تتخلل




 خصلاته السوداء ، أرتبك المدير بقوة و هو يقف مرحباً بحفيد صاحب المشفى ، و رغماً عنه خرجت نبرته مهتزة :

- أتفضل يا باسل بيه ، خـ .. خير في حاجة ؟


حدجه "باسل" بنظرة باردة أربكته ، اقترب بخطواتٍ هادءه ، وقف أم مكتبه ثم سرعان ما قبض "باسل" على تلابيب الرجل أمامه ليجعل رأسه على مقربه منه ، نظر له الأخير بإرتعادٍ ليردف "باسل" بنبرة هادئة و لكنها تبث الخوف بالأوصال :




- و رحمة أبويا يا "مهاب" ، لو حد من عيلة الهلالي ولا الصحافة عرفوا أن مازن أتنقل ع المستشفى خاصةً ظافر هخليك تبيع بليلة ع الطريق ، فــاهم !!!!!


شخصت أبصار المدعو "مهاب" و أرتجف جسده من صراخ "باسل" بآخر الجملة ، أومأ بحركاتٍ سريعة و هو يقول بأنصياع تـام :

- حاضر يا باشا .. حاضر .


تركه "باسل" ببطئ مبقياً يداه على تلابيبه و لكن تلك المرة حتى يهندمها له ملقي له بإبتسامة جافة ، ثم تركه و ذهب تاركاً الباب خلفه مفتوح على مصراعيه .. ندى جبين "مهاب" و



 تجمعت حبات العرق عليه ، أزدرد ريقه ليمسك بهاتفه الأرضي عابثاً بأزراره ، وضع سماعة الهاتف على أذنه ، أنتظر قليلاً حتى هتف سريعاً :

- ظـافر بيه .. مصيبة !!!!!


• • • • 


شرد بذهنه بالفراغ ، و كأن عقله توقف عن العمل ، منذ أنهاء مكالمته مع "مهاب" و هو كمن تلقى صاعقة أودت به ، لم يستوعب بعد ما فعله أخيه المراهق ، تشنجت تعابير وجهه و



 تقلصت ملامحه ، برزت عروقه و ألتهبت مقلتيه ، لن يجعل الأمر يمر مرور الكرام ، و بنفس الوقت سيحول دون ألقاء أخيه خلف القضبان و تلطُخ سمعة عائلة "الهلالي" التي لم يشوبها



 شائبة منذ العديد من السنوات ، تأهبت جوارحه لينهض و عيناه مظلمة لا تنوي خيراً ، ألتقط مفاتيح ليلقي نظرة على ساعة معصمه ذات الماركة المعروفة ، وجدها بالواحدة و



 النصف بعد منتصف الليل ، ألتقطت مفاتيح سيارته وهاتفه ليلقي نظرة على الشركة التي فُرغت تماماً سوى من سكيرتيرته الخاصة التي أسندت وجهها على مكتبها غافيةٍ بإرهاق مطلقة شخيراً عالياً ..


أقتضب وجهه ثم نادى عليها بحدة جعلها تنتفض من مكانها و بوادر النعاس لازالت على وجهها ، وبخها "ظافر" بحدة قائلاً :

- دة مكان شغل يا أنسة مش أستراحة عشان سيادتك تنامي فيها ، مش عايز أشوف وشك هنا تاني !!!!!


جحظت المسكينة و ترقرقت العبرات في عيناها بقوة البرق لتتوسله قبل أن يذهب بـ نبرة مهتزة :



- والله يا فندم أنا خلصت كل الشغل اللي عليا و كلمت الـ assistant بتاعة الشركة اللي حضرتك قولتلي عليها ، و بصراحة أتحرجت أقول لحضرتك أمشي و حضرتك لسة موجود .. 


قالت آخر الجملة و هي تضغط على شفتها السفلية بحرجٍ ، نظر لها "ظافر" ببعضٍ من الرفق ليقول بنبرة صارمة :

- أخر مرة تتكرر و تنامي في المكتب يلا روّحي ..


أشرق وجهها لتومأ بقوة و هي ترى سرابه و كأنه تبخر من أمامها ..


• • • •


أستقل سيارته حديثة النوع ليدس المفتاح بها منطلقاً بها إلى وجهته ، و سرعان ما وصل إلى الشقته بـ منطقة "المعادي" ، صف سيارته بموقف السيارات الخاص به ، صعد للبناية المرموقة التي يقطن بها لنظر للبواب الذي أنتفض ما إن وجده قائلاً بترحيبٍ شديد :



- ظافر بيه حمدلله ع السلامة يا بيه العمارة نورت ، أنا عملت زي م حضرتك قولت و بعت مراتي تنضف الشقة و آآآ..


بتر "ظافر" عبارته بنظرة نارية جعلت الكلمات تقف على لسان البواب رافضة الخروج ، تركه "ظافر" ماضياً نحو المصعد ، فُتح المصعد ليستقله "ظافر" بوجهٍ خالٍ من التعبير ، ضغط على



 الطابق الذي يقطن به ثم خرج من المصعد بعد دقيقتان ، أخرج مفتاح شقته ليدسه بالباب ، ما إن فتح الشقة حتى بردت أطرافه ، و كأنه دلف لإحدى المقابر و ليست شقة طبيعية ،



 برودة ليست طبيعية رُغم الطقس الحار ، تفتقر شقته لذلك الدفئ العائلي المفتقده هو ، رُغم أنه متزوج إلا أن "مريم" لم تكن يوماً سوى مجرد زوجة ، ليست حبيبه أو صديقة أو أم له ،




 هي فقط زوجة تنصاع لزوجها في كل شئ و كأنه دمية هو المتحكم الأساسي بخيوطها ، نوعاً ما لا يُحب ذلك ، لا يحب عندما يقول لها تذهب تذهب .. تجلس تجلس .. تبقى أو تغادر ، تلبي ما يؤمرها به بفمٍ مطبق..


أشتاق لتلك الشقة ، فـ هو لم يزورها لثلاثة أشهر ، إلا أنه حرص على تنضيفها كل يوم من قِبل زوجة البواب الثرثار ، تجول بعيناه متفرساً أرجاء الشقة ، لدائماً ما يتمتع "ظافر" بذوق رفيعٍ ، ذو خبرة و كفاءه بـ كل شئ يخصه ، كان يطغى




 على الشقة اللون الرصاصي المخلوط باللون البنفسجي القاتم ، حيث السقف يخلط بين اللونين الرقيقين متدلي من السقف "نجفة" أنيقة ، معظم الأثاث بنفس اللونين ، و الستائر



 بنفسجية أيضاً ، رمى بهاتفه و مفاتيحه على الأريكة بإهمالٍ ، ليدلف لغرفته التي أشتاق لها، أخرج مفتاحها من جيبه ثم فتح الباب ، الأتربة بكل مكان، لم يستطيع أن يرى سوى تلك الأتربة




 تطغى على الغرفة محجبة الأثاث خلفها ، ظهرت ملامح الأمتعاض على وجهه جلياً ، ولكن هو من قرر ألا تدلف زوجة الواب لتنظف تلك الغرفة محتفظاً بخصوصياته ، نفض التراب



 بيده من على الفراش بتقزز ليجلس عليه بإرهاقٍ ، أسند مرفقيه على فخذيه عاقداً كفيه مطالعاً الفراغ بتركيزٍ شديد و هو أصبح متيقن لما سيفعله .. حل بذلته عنه ملقياً بها على الأرضية بزفيراً مختنقاً، ظهرت عضلاته بوضوح أسفل قميصه



 الأسود الملتصق بصدره العريض ، حل أزرار قميصه بدوره ليظهر صدره الأسمر و بطنه ذات العضلات السداسية ، كان يتفوق على شقيقاه رياضياً و لياقةً ، فـ الكل يحسده على



 جسده المتناسق و عضلاته ، انزل بنطاله أيضاً ليبقى بالشورت فقط ، ولج خارج الغرفة لبهو الشقة الواسع ، أرتمى بجسده على الأريكة بإنهاكٍ محجباً عيناه بذراعه المفتول ، و هو قد علم كيف يعاقب "مازن" على ما فعله ..


• • • •


منذ ذهاب "عماد" و هي تفكر في مقابلته ، أقسمت و قطعت عهداً مع نفسها بإذلاله و قهره مثلما فعل أبيه بالماضي ، جلست على فراشها الوثير ذو الأغطية الحريرية ، نظرت للسقف بشرود




 و هي تطلق تنهيدة غامضة ، ليست حزينة أو خائفة ، تنهيدة فارغة .. ألتقطت هاتفها لتضغط على أزراره ، رفعته لأذنها منتظرة إجابة الطرف الأخر ، و بعد لحظات كانت "ملاذ" تقول بإيجاز إلى خادمة "براءة" :

- براءة عاملة أيه يا فتحيه ..


أخفت "فتحية" نظرة حزينة داخل عيناها ، فـ هي تعمل لدى الشقيقتين "ملاذ" و براءة" منذ أكثر من عشر سنوات ، تعلم "ملاذ" جيداً ، فـ هي ذات قلب طيب خاصةً مع شقيقتها ، رُغم علم "فتحيه" بالغل و الحقد الذي تكنه"براءة" إلى "ملاذ" ، و



 لكن لم تبادلها "ملاذ" يوماً ، بل على العكس كانت تتعامل معها برفق و كأنها أبنتها رُغم فارق العمر الذي لا يذكر ، و لكن دائماً




 ما ترى "ملاذ" ليست مجرد شقيقة إلى "براءة" .. بل كانت بمثابة الصديقة و الأخت و الأم لها ، و لكن دائماً "براءة" ما تصفعها بكلماته القاسية ، زوت ما بين حاجبيها بإستغراب ، قالت "ملاذ" بعدما ساد ذلك الصمت الرهيب :

- فتحية أنتِ معايا ؟


جاء صوت "فتحية" الحنون :

- معاكي يا ست البنات ، براءة هانم كويسة متقلقيش يا هانم و نامي .. تصبحي على جنة يارب ..


أبتسمت "ملاذ" نصف أبتسامة لم تصل لعيناها ، ثم أغلقت الهاتف مودعة إياها ، أصبح من الروتين أن تهاتف "فتحية" ليلاً قبل أن تنام لتطمئن على "براءة" ..


أطبقت بكفيها على بعضهما ثم وضعتهما أسفل رأسها ، أغمضت عيناها ببطءٍ لتذهب في سُباتٍ عن العالم ..


• • • • 


أبتعد "مازن" قليلاً عن ظهر الفراش الطبي ليفسح المجال إلى الممرضة التي تضع الوسادة خلف ظهره ، نظر لها بمكرٍ و هو يمسك بيدها قائلاً بغزلٍ صريح :

- متشكر يا قمر، قولتيلي أسمك أيه بقا ؟


أبعدت ذراعه بحدة قائلة بعينان تشعان جمراً :

- هطلب لحضرتك الدكتور يطمن عليك ..


ألتمعت نظرانه إعجاباً و هو يتمتم بنبرة لعوبة :

- أموت أنا في القطط اللي بتخربش !!!


"مازن سرحان الهلالي"


يصغر أخيه "باسل" بثلاث سنوات فقط حيث يبلغ من العمر خمسة وعشرون عاماً ، يختلف تماماً عن اشقائه ، فـ هو ذو ألاعيب ملتوية ، غير متحمل للمسؤلية فقط يركض وراء الفتيات ، دائماً ما يسبب العديد من المشاكل إلى عائلة الجارحي مما جعل أشقاءه غير معتمدين عليه أبداً و لم يفكروا



 أبداً أن يجعلوا "مازن " يتولى منصب في شركاتهم ، ذو مقلتي سمراء ورثها عن والدته مع بشرة مائلة للسمار ، جسده رياضي متناسق بطبيعة الحال كأخوته ، مدلل والدته دائماً ما تدافع عنه من بطش أخيه الأكبر ..


أحتدت نظراتها بقوة لتصرخ به :

- أنت بني آدم مش محترم و متستاهلش السرير اللي أنت نايم عليه في غيرك أحق بالأوضة دي !!!!


فغر ما بين شفتيه ، كيف تجرؤ أن تتحدث معه بتلك الطريقة و هي تعمل لديه بمشفى عائلة "الهلالي" !! 


أحتدت عيناه لينهض من على الفراش بتأهب ، رُغم الدوار الذي شعر به إلا أن عزيمته على أن يشعر تلك الفتاة بقدرها الحقيقي كان أكبر حتى من تألمه ، صرخ بها بقوة بنظرة حادة :



- أنتِ بتعلي صوتك في مستشفى أبويا دة أنتِ ليلتك طين !!! أنتِ فاكرة نفسك بنت دة أنتِ متسويش في سوق الستات تعريفة !!!


كانت تلك القشة التي قسمت ظهر البعير ، رفعت كفها لتهوى به على صدغه ، لم تكتفي بل رفعت سبابتها في وجهه قائلة بنبرة قوية لاتنهزم :

- أحترم نفسك .. هو أنت اللي راجل ؟!!! أنت كنت هتغتصب البنت اللي مرمية في الأوضة اللي جنبك ، دي أقل حاجة عملتها أنها ضربتك بإزازة القرف اللي بتشربة دة أنت تستاهل



 الشنق !!! بُص لنفسك الأول في المراية يا أستاذ ، يمكن أكون أنا عادية شكلاً بس عايزة أقولك أنك مشوه من جوة يا مازن بيه !!!!


ألتفتت موجهه ظهرها له خارجة من الغرفة صافعة الباب خلفها ، تعالت أنفاسه الحادة ليطيح بالأجهزة التي بالغرفة بجنون هيستيري 


ولج "باسل" يطالع الغرفة التي أصبحت على الارضية ، وجده صدره يعلو و يهبط بغضب شديد ، أقترب منه في خطواتٍ



 معدودة ، و بإندفاع أهوج قبض على تلابيبه ، ثم و من دون مقدمات أخذ يسدد له اللكمات بقوة صارخاً به واصلاً لأقصى بلوغ غضبه :

- يا زبالة يا *** ، دة أنا هطلع ******** يا *** ..


دلف طاقماً من الممرضين والأطباء مفزوعين ، وبصعوبة شديدة أستطاعوا تخليص "مازن" الذي بصق دماً من أيدي "باسل" بصعوبة ، صرخ بهم "باسل" بقوة ليرتدوا جميعهم



 للخلف منصاعين لأحفاد "الهلالي"، أخذ "مازن" يسعل بقوة حتى كادت روحه أن تخرج من مكانها ، بينما لم تهدأ النيران



 المستعرة بداخل "باسل" ، أهتاج صدره بقوة ثم ركل الأرض بقدميه باصقاً على أخيه ، ثم سبّ بنابية وخرج من الغرفة صافعاً الباب خلفه ، جلسة على إحدى مقاعد المشفى المترصاة



 ، أسند مرفقيه على فخذه ليمسك بجبينه منكساً برأسه ، يعلم أخيه و تهوره و أندفاعه الأهوج ، إلا أنه لم يكن يتخيل أنه كان قاب قوسين أو أدنى من أغتصاب فتاة ليس لها ذنب بقذارته ،



 جمع رباط جأشه ثم نهض بثبات ، دنى من الغرفة الماكثة بها و بحذرٍ شديد فتح الباب ، رآها تتمدد على الافراش غارقة بسُباتٍ عميق ، أغلق الباب خلفه ثم مضى نحو فراشها بخطواتٍ هادئة



 عكس غضبه الثائر قبل برهـة ، تفحص وجهها بنظرات شاملة دقيقة منزوياً ما بين حاجبيه ، وجهها مستدير كالبدر ببشرته البيضاء ، خصلاتها مفروشة بجانبيها عدا خصلات ثائرة سقطت



 على وجهها ، جفنيها المطبقان تحول دون رؤية عيناها ، هل كانت تلك البريئة سيُنتهك عرضها بتلك البساطة ، ماذا لو كانت متمددة هكذا ولكن و هي جثة هامدة لا مجرد أغماءً بسيط !!!!


أطلق زفيراً مشفقاً على حالها ، أمتدت أنامله لتزيح خصلة ثائرة على جبينها متلمساً بشرتها الناعمة ، تملمت "رهف" على أثر لمسته الخشنة ، و فجأة فتحت عيناها برعبٍ معتقدة أنه



 من حاول أغتصابها ، صرخت بهلع على تلك الذكرى و هي تضع يداها على أذنها صـارخة بهلعٍ و نبرة صائحة :

- أبعد عنـي ، سيبوني في حالي بقـا !!!!!!


تذكرت زوج والدتها و ما يفعله بها ، و أستنكار والدتها معتبرة حديث أبنتها مجرد هذيان و ترهات ، تجسد أمامها أنتهاك جسدها على يد زوج والدتها ، دائماً ما يحاول تلمسها بيدته



 القذرة و عيناه التي تجعلها كالعارية أمامه ، أندهش "باسل" من حالة البكاء الهيستيرية التي تملكتها ، أمسك بكتفيها بقوة



 محاولاً أن يهدأها ، و لكنها بدت كالمغيبة لا تعي شئ ، جلس "باسل" أمامها سريعاً ثم أزاح بكفيها بعيداًعن أذنها و هو يقول بصوتٍ حنون لأول مرة يخرج لفتاة :




- أهدي ، مافيش حاجة هتحصلك طول مـ أنا جنبك ..


هدأت تدريجياً عندما أنبعث صوته الدافئ لجوارحها ، اهتاج صدرها و كأنها تصارع غرق روحها ، حاوط "باسل" كتفيها بذراعه ليصبح شبه محتضنها ، سارت رجفة في جسدها و



 كأنها صُعقت بصاعق كهربي ، نظرت لعيناه السوداوية ، غرقت في ظلمات عيناه ، شعورٍ قوي يطمأنها مادامت بجانبه ، كان



 وجهه يبعد وجهها بعض الإنشات ، سقطت "رهف" ببصرها ، ثم فرت دمعة هاربة منها عندما تذكرت أن لا مفر من زوج والدتها ، و أنها ستعود للجحيم مجدداً و بقدميها ..


سمع رنين هاتفه المكتوم في جيب بنطاله ، لذا نظر لها قبل أن ينهض تاركاً الغرفة ، أضاءت شاشة الهاتف بإسم أخيه ، أزدرد ريقه توجساً من أن يكن علِم "ظافر" بما فعله أخيه ..



تحلى بالشجاعة ثم ضغط على زر الإجابة ليضع الهاتف على أذنه ، أنتظر ردَّ "أخيه" و لكن ساد صمتاً موحشاً ، لذا بادر "باسل" بثبات :

- ظافر ..


- بكرة .. الـ *** اللي عندك يبقى  عندنا في القصر ، تجيبه و تيجي ، وتجيب البنت اللي عمل فيها كدة ، الصحافة مش عايزها تشم خبر ، فــاهـم !!!!!!!


ثم أغلق الخط و لم ينتظر جتى ردّ أخيه ، ألتهبت مقلتي "باسل" حتى أصبحا كالجمر ، غمغم بعدائية شديدة و هو يقول متوعداً :

- ماشي يامهاب الكلب !!!!


• • • •


حل الصباح سريعاً ، و نهضت "ملاذ" مقاومة بوادر النعاس التي علقت بجفنيها ، أغتسلت ثم ذهبت نحو المطبخ ، وقفت أمام الموقد تعد قهوتها ، أنتشرت الرائحة لتنبعث داخل رئتيها مصيبة إياها بحالة عجيبة من الأنتشاء ، أرتشفتها ببطئٍ متلذذ



 ، ثم ذهبت لغرفتها و فتحت ضلفة خزانتها ، أخرجت ملابس رسمية حيث التنورة تصل لأعلى ركبتيها بقليل مظهرة سمار بشرتها الجذاب ، أعلاها كنزة بيضاء خفيفة بجانب بذلة نسائية



 رسمية ، عقصت خصلاتها للأعلى ليسقط كذيل حصان مفرود بنعومة على ظهرها ، نثرت عطرها  بغزارة ، ثم أنتعلت حذائها



 ذو الكعب العالٍ ، حرصت "ملاذ" على أن تبقى بكامل أناقتها وجمالها ، لذا وقفت أمام المرآة ممسكة بأحمر الشفاة ، زمت شفتيها لتضع احمر الشفاه الصارخ بحرص ، نظرت لنفسها



 بغرور ، أرتسمت بسمة متحدية على شفتيها و عيناها الحادة تراقب أدق تفاصيلها ، طقطت بكعبها العالي الأرضية لتخرج من المنزل ملتقطة هاتفها و مفاتيح سيارتها .. 


• • • •


نظرت لمرآة سيارتها لتتأكد من مظهرها ، أبتسمت برضا ثم ترجلت من السيارة مطرقة بكعبها العالي الأرضية ، تغنجت في سيرها ، جذبت أنتباه الواقفين أمام شركتها بكعبها العالي ، أكلتها النظرات الشهوانية و هما يطالعونها بدقة شديدة ،



 طالعتهم بنظرة متعالية ثم دلفت لشركتها ، سرعان ما لحقتها السكرتيرة الخاصة بها و هي تقول بتوترٍ ملحوظ :

- ظافر بيه جيه ومستني حضرتك في مكتبك يا فندم ..


لم تتغير تعابير وجهها المتصلبة و هي تتابع سيرها حتى وصلت أمام مكتبها ، أخذت زفيراً عميقاً ثم وضعت كفها على المقبض بثبات لتديره ، رأته يقف بطوله المهيب أمام نافذة



 مكتبها الزجاجية واضعاً كفيه بجيبه ، أغلقت الباب لتلفت أنتباهه و بالفعل ألتفت لها ، جمدت عيناها على عيناه الزيتونية القاتمة ، لم تهتز عيناها من عيناه المظلمة و الحادة عكس



 أقرانها ، رسمت أبتسامة لم تصل لعيناها لتمضى نحوه بخطواتها المتغنجة ، مطالعة إياه بنظرة بدت و كأنها تنبعث من أفعى !! ، وقفت أمامه لتطالع قامتها التي فجأة أصبحت



 قصيرة إذا قورنت بضخامته ، هي لم تكن يوماً قصيرة و لكن أمامه تلاشى طولها ، جمد وجهها مجدداً ثم مدت كفها لتصافحه قائلة بنبرة قوية :

- ملاذ خليل الشافعي ..


أخرج يد واحدة من جيبه ثم بادلها المصافحة لا بل أبتلع كفها بين كفه الغليظ مستشعراً نعومة بشرتها ، ثم قال بنبرة لا تقل قوة عنها :

- ظافر سرحان الهلالي ..


حاولت الحفاظ على نظرة الحقد التي برقت بعيناها بلحظة و هي تسمع أكثر أسم تمقته بحياتها ، تدفقت الذكريات لذهنها و



 لكنها حافظت على رباطة جأشها لتبتسم نصف أبتسامة و هي تبعد كفها عن كفه الخشن ، بادرت "ملاذ"و هي تتجه صوب مكتبها :

- تشرفنا ..


جلست على الكرسي خلف مكتبها بهدوءٍ ، ثم عقدت يداها ببعضهما مظهرة أناملها المطلية بطلاء الأظافر الأسود ، راقبته بتفحصٍ و هو يجلس على الكرسي أمام مكتبها ، نظر لها بعيناه الزيتونية ثم بدأ حديثه قائلاً بنبرة فاترة :

- أكيد عرفتي أني جاي عشان الـ uniform الجديد بتاع شركتي ..


بتر عبارته باب المكتب الذي فُتح بقوة ، حرّكا كلاً من "ملاذ" و "ظافر" على الباب ، وجدت "ملاذ" "سالم الهواري يقتحم مكتبها تعاقبه سكيرتيرته التي أردفت له بتوترٍ شديد :

- يا سالم بيه مش كدة ..


نظرت السكرتيرة لـ "ملاذ" مبررة بنبرة مهتزة :

- صدقيني يا ملاذ هانم أنا قولتله أن حضرتك في أجتماع مهم بس هو آآ


بترت عبارتها مشيرة بأصبعها لتخرج من المكتب ، أزدردت السكرتيرة ريقها بتوترٍ ثم خرجت من المكتب بحذرٍ، ظلت



 "ملاذ" جالسة على كرسيها بغرور و هي تطالع "سالم" الذي يكاد يخرج نيران من أذنه ، قالت "ملاذ" بوجهٍ جامد :

- خير يا سالم بيه ؟!! في حد يقتحم مكتب حد كدة ..


تأججت النيران المستعرة بداخل المدعو "سالم" ثم أقترب من مكتبها في خطوات سريعة ، ليضرب على المكتب بقوة صارخاً بها بذروة غضبه :

- يعني أيه تلغي الأتفاق اللي بينا في يوم وليلة ، أنتِ كدة بتدمري سمعة شركتي !!!! الـ show بعد أسبوع فاهمة يعني أيه ..


لم تتغير تعابير وجهها ، بينما نهض "ظافر" عندما شعر بتجاوز حدود المدعو "سالم" ، وقف أمام مكتب "ملاذ" محجباً الرؤية عنه ، وضع كفيه بجيب بنطاله ثم نظر له بإستهزاء ليقول بنبرة باردة :

- مش واخد بالك أن في راجل قاعد !!! ولا أنت مبتتكلمش غير مع النسوان بس !!


شخصت أبصار "سالم" على "ظافر" ، أشتعلت عيناه ليهدر به :

- أنا كلامي مش معاك .. 


ثم أبتعد عنه ملتفاً حول مكتب "ملاذ" التي نهضت بغضبٍ شديد ضاربة المكتب بكفيها :

- صوتك ميعلاش في مكتبي يا سالم أحسنلك و أطلع برا عشان متتهانش أكتر من كدة !!!!!


جحظ بعيناه من أهانتها له ، رفع يده عالياً متأهباً لصفعها و لكن تعلقت يده بالهواء عندما أمسك به "ظافر" الذي أحتدت عيناه بل توحشت ، سدد له لكمة أطاحته أرضاً و هو يزمجر به :

- أيدك متتمدش على ست يا *** !!!!!


أفترش "سالم" أرضاً لتنزف أنفه ، بصق دماً و هو ينظر له بعدائية كبيرة ، حاول التوازن ثم نهض مزيلاً الدماء على أنفه موجهاً نظرة نارية إلى "ملاذ" قائلاً بصراخ هزَّ الشركة بأكملها :

- مش هسييك يا ملاذ !!!!


خرج من المكتب صافعاً الباب، نظرت له "ملاذ" و هي تقول بغيظ حاولت كبحه :

- مكنتش محتاجة حضرتك أنا أعرف أدافع عن نفسي كويس أوي ..


قهقه ملء فمه و هو يطالعهاً بتهكمٍ قائلاً :

- هو أنتِ فاكرة أني ضربته عشانك ؟!! لاء خالص أنا بس مبحبش أشوفة واحدة بتضرب و أنا واقف !!!


جمدت أنظارها عليه ، حاولت كبح ثورتها لتعاود مجالسة و هي تشير بيدها على المقعد ليجلس ، نظر لها "ظافر" بإستهزاءٍ ثم عاود النظر في ساعته ، و بعجرفته المعتادة قال :



- نكمل كلامنا وقت تاني هبقى أبعتلك السكرتيرة تتفاهموا مع بعض .. 


ألتقط مفاتيحه ثم ولج خارج المكتب بخطواتٍ رزينة ، أشتعلت حدقتي "ملاذ" بغضبٍ ، ولجت خارج مكتبها بخطواتٍ تحفر الأرض بقوة ، خرجت من الشركة بأكملها ثم وققت أمام حارس البوابة قوي البنية ، رفعت سبابتها في وجهه قائلة بلهجة صارخة :



- الحيوان سالم ميعتبش باب الشركة تاني يا أما أقسم بالله أرفدك فـاهم !!!!


لم يكن أمام الحارس سوى الأنصياع لها ، ألتفت "ملاذ" عندما شعرت بنظراتٍ مصوبة نحوها كالسهام المندفعة ، رأته ينظر لها بعيناه الزيتونية فاتحاً باب سيارته مستعداً للولوج لها ، أحتدت نظراتها نحوه ولكنه بقى ساكناً ، جامداً ..!!


رمى بها نظرة هازئة ثم أستقل سيارته ، و أنطلق بها بقوة مخلفاً وراءه أدخنة كثيفة ..



                    الفصل الثانى من هنا

لقراءة باقي الفصول اضغط هنا

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
close