
رواية متبعة السالكين كامله جميع الفصول بقلم ليلى مظلوم الكاتبه والمؤالفة المبدعة الذي نالت دائما روايتها وكلماتها المميزة علي اعجاب الكثير وتترك اثر في قلوب الجميع وينتظرها كل القراء المميزين والبحث عنها في جميع وسال التواصل تسهيلا علي زوارنا الكرام الان في مدونةكرنفال الروايات وفرنها لكم اختر الفصل الذي تود قراءته
انظر ايضا لهذا 👇ونرشح لكم مجموعة من اجمل الروايات للقراة اضغط علي اسم الرواية التي تود قراتها👇
الجزء الاول
بقلم ليلى مظلوم
وقفت أمام النافذة التي طلتها الستائر وخلقت جدارا بيني وبين الخارج وعزلتني حتى عن أصوات المارة وصوت فرامل السيارات ترى هل أملك الجرأة بأن أفتحها أم أن شبح جدتي النائمة في غرفتها يراقبني وسينهرني كعادته؟؟ ..أنا ابنة العشرين عاما والتي لم أخرج من المنزل إلا إلى المدرسة برفقة جدتي التي كانت تنتظرني بفارغ الصبر حتى ينتهي الدوام لتجرني بيديها كمن يحتفظ بكنز ثمين وتعيدني إلى المنزل بحجة خوفها عليّ لدرجة أنها منعتني من تكوين الصداقات وعزلتني عن العالم الخارجي وكان نجاحي في الثانوية هو مسك الختام لتواصلي مع البشر ..ليس لدي إلا صديقة واحدة هي ابنة خالي وبالكاد ترضى جدتي بزيارتها بعد أن تغسل يديها وأعدها بأني سأترك مسافة بيننا حتى لا تنتقل لي العدوى ...أوووه عن أي عدوى تتحدث وأنا أتوق لرؤية الشمس ..ألم يقل أحدهم أن المنزل الذي تدخله الشمس لا يدخله الطبيب ..أكاد أختنق أريد أن أتنفس هواء عليلا أريد أن يتطاير شعري في الهواء الطلق ..
عددت حتى رقم ثلاثة لأملك الشجاعة وأزيح الستارة ..إلا أن أم أحمد جاءتني ملهوفة وصرخت :
:نورررر نوووور !!!!جدتك تئن من الألم.. لا أعلم ما الذي حصل لها !
فأجبت بلهفة ممزوجة بالخوف من أن تعرف أم أحمد نواياي وقلت لها :اتصلي بالطبيب كي يحضر إلى هنا حالا ...
وهذا ما فعلته مربيتي ومساعدة جدتي ..والتي ليس لها الحق بالخروج إلا إلى السوق كي تحضر الأغراض ..وحياتها التعيسة ناسبت جدتي ..فهي أرملة ولديها ولد وحيد مسافر ربما قد نسيها بعد زواجه بامرأة أجنبية ..وبالكاد تتحدث معه عبر الهاتف في المناسبات الضيقة ..
أما أنا فهرعت إلى غرفة جدتي التي كان سعالها حادا ..ولم أعرف كيف أساعدها ..فهي لم تساعد نفسها وتدخل إلى رئتيها هواء جديدا ..ولم ترض بزيارة المشفى مهما ساءت حالتها ..أما عن الطبيب الذي لم أره قبلا فيأتي لزيارتنا عند الضرورة ليعطيها المهدئات والدواء المناسب ..وكنت أسمع صوته وأنا في غرفتي عندما يتحدث إلى أم أحمد ..ولم أفكر يوما برؤيته أو التعرف إليه ..لا بد وأنه عجوز هرم ..قضى حياته في المشفى ..وطاقته سلبية إلى حد كبير ..وبالكاد تستطيع أن ترى أسنانه ..هذا ما خمنته في ذلك الوقت ..ولكن ظني قد خاب عندما أطل علينا بلباسه الأنيق وابتسامته الجذابة. وعمره الذي لا يتعدى الخامسة والثلاثين ..أو هكذا كان يبدو ..وماذا أقول عن رائحة عطره التي ملأت المكان ..وطلته الساحرة التي تجبرك على النظر إليه باحترام تام ..أما عيناه العسليتان فقد تخفيان في داخلهما الكثير من الحكايات الغامضة ..ألقى تحيته وهو ينظر إلي مستغربا وجودي … ورددت عليه التحية باقتضاب ..ثم التفت إلى جدتي وقال: آه منك يا خالة متى ستصالحين أشعة الشمس وتسمحين لها بالدخول إلى منزلك ؟؟
ولم تجبه جدتي متجاهلة حديثه وكأنه يعيده عليها آلاف المرات ولا حياة لمن تنادي ..وأخرج من محفظته التي يحملها الأطباء عادة آلة للفحص وبدأ عمله ..ثم طلب من المتمددة على السرير أمامه أن تفتح فمها ..وبعدها أعاد الآلة إلى مكانها ..ووجهه لا يفسر شيئا ..ثم أخرج ورقة وقلما وقال :سلامتك يا خالة ..الامر بسيط ...
وبعدها وقف مزهوا وهو ينظر إليّ ..ثم أخرج قلما وورقة ودوّن عليها اسم الدواء وقال لي :عليك بإحضار هذا الدواء لها وأخبري الصيدلاني ألا يعطيك بديلا عنه..
لا أعلم لماذا اختارني لأحضر الدواء.. يبدو أنه يجهل أنني محظورة من الخروج ..واحمر وجهي خجلا وإحراجا من هذا الموقف ولذت بالصمت وأنا أتناول الورقة من بين يديه ..إلا أن سعال جدتي قد اشتد وأنقذ الموقف وهي تقول: اح أح ..أعط الورقة لأم أحمد ..فهي المسؤولة عن إحضار ما نحتاجه ..فنور ليست معتادة على الخروج من المنزل ولا تعرف الأماكن ..
فحدق بي الطبيب للحظات وكأنه يرأف لحالي ثم قال :حسنا يا أم أحمد اذهبي الآن لتحضري الدواء..
وقالت جدتي: شكرا لك أيها الطبيب ..الله وحده يعلم كم أثق بك وبعملك ..حماك الله ..
-شكرا يا خالة ..
أما أنا فخرجت من الغرفة وأنا ألعن حظي آلاف المرات لأني ولدت في سجن منافق ..يدعي أنه فيلا فخمة فيها مربية طيبة.. فلا تعب ولا نقاهة ..وما إن هممت لأدخل باب غرفتي المجاورة ..حتى سمعت الطبيب يناديني وعلى ما يبدو أنه لحق بي مباشرة ..:آنسة نور ..!!
أوووه لم أسمع أحدهم يناديني باسمي منذ زمن طويل ..كم هو جميل !!لم ألحظ ذلك إلا عندما عزفه ذلك الطبيب بسيمفونية مناداته ..ولذا تسارعت نبضات قلبي عندما سمعته ..أرجو ألا تصل إلى أذنيه وتفضحني. ..
وبعد ثوان معدودة من التسمر التفتُّ ورائي لأشاهد الابتسامة المبدعة ..والعينين العسليتين الناعستين اللتين تغيرت ملامحهما مع الابتسامة وشكلتا برفقة الانف لوحة فنية من الإيجابية والتواصل وبعدها قلت بصوت خجول :نعم!!
-صحيح أن هذا المنزل لم تدخله الشمس يوما ..ولكن لم أكن أعلم أن القمر لا يفارقه !!
تلعثمت في الكلام ..لم أعرف بماذا أجيبه وتمنيت لو يحدث زلزال خفيف وتبتلعني الأرض ..فأنا لست معتا
دة على هذا الكلام ..ولماذا يقوله لي بكل وقاحة ..لا لا بل بكل ظرافة… إنه ظريف !!أتراه يقول هذا لكل فتاة يراها ؟؟!!